حكم الرئيس أسوأ من فترة “المخلوع”

33_2012910153549صالح الشرقاوى

 

 

أصدرت 20 منظمة حقوقية تقريرا لها اليوم الخميس بمناسبة مرور 8 شهور على تولى الدكتور محمد مرسى، رئاسة الجمهورية، مطالبين بوضع حد للتدهور المتسارع فى وضعية حقوق الإنسان فى مصر.

 

وقالت المنظمات إن تأمّل سجل حقوق الإنسان خلال الشهور الثمانية الماضية، التي أمضاها الرئيس مرسي، يثير انزعاجًا شديدًا إزاء التدهور المزري والمتسارع لحالة حقوق الإنسان في تلك الفترة الوجيزة، بصورة أسوأ مما كان عليه الحال قبل الثورة في عهد الرئيس السابق، وأن مصر تشهد في واقع الأمر نسخة أخرى من النظم التسلطية، ولكن بملامح خاصة.

 

وأضافت: لم يسبق أن تعرض استقلال السلطة القضائية وحرية الإعلام في عهد الرئيس السابق لهجمات بالضراوة التي جرت بها خلال حكم مرسى، كما لم يسبق أن قام أنصار الحزب الوطني الحاكم بأنفسهم بممارسة التعذيب، ومهاجمة المتظاهرين على النحو الذي قام به أنصار وأعضاء أحزاب التحالف الحاكم، فقد كانت هذه المهام القذرة متروكة في عهد الرئيس السابق للأجهزة الأمنية والبلطجية المأجورين منها.

 

وأشارت أنه في 15 أكتوبر الماضي، بمناسبة مرور المائة يوم الأولى على تولي الرئيس مرسي الحكم، حذر مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان في تقرير له بعنوان “ما بعد المائة يوم للرئيس محمد مرسي مؤشرات سلبية على مستقبل حقوق الإنسان، وأزمات كبرى مفتوحة” من أنه “مازالت قضايا حقوق الإنسان خارج دائرة الاهتمام، ومحل انتهاك السلطات في الدولة، رغم ما يحظى به الرئيس الحالي من سلطات تشريعية وتنفيذية ربما لم يحظ بها رئيس من قبله.

 

وأعرب التقرير عن خشيته من أن استمرار هذه السياسات والممارسات سيؤدي إلى تهديد واعتداءات أكثر جسامة في الفترة القادمة ضد عدد من الحقوق الأساسية.

 

وأبدت المنظمات أسفها من أن أسوأ مخاوف هذا التقرير تحققت بصورة أكثر قتامة، وذلك على النحو التالي: تقويض مبدأ سيادة القانون واستقلال القضاء بالإعلان الدستوري الصادر في نوفمبر الماضي، وتعيين نائب عام جديد يفتقر لثقة المواطنين ومرءوسيه في استقلاله عن السلطة التنفيذية، وعن رئيس الجمهورية. فضلا عن تشكيك الرئيس -والحزب الحاكم “الحرية والعدالة”- الدائم في نزاهة القضاء واتهام بعض الأحكام بأنها مسيسة.

 

مشيرة إلى أن هذه الممارسات أفقدت المواطنين الثقة في عدالة ونزاهة أحكام القضاء، وتسببت في التطورات التي تشهدها مدينة بورسعيد مؤخرًا، مضيفا ” عندما يعلن رئيس الدولة وقيادات حزبه عدم ثقتهم في نزاهة بعض أحكام القضاء، ويحرضون ضد المحاكم، ويمنع أنصارهم المحكمة الدستورية العليا من ممارسة مهامها، وسط تواطؤ كل سلطات الدولة المعنية والأجهزة الأمنية؛ فإنه لا يمكن لوم المواطنين على تبنيهم نفس الموقف إزاء أحكام قضائية أخرى “.

 

 بجانب إعلان “فرض حالة الطوارئ” دون ضرورة لفرضها، وبواسطة قانون يخالف المعايير الدولية لحقوق الإنسان، واستمرار ممارسات التعذيب وإهانة كرامة المواطنين بشكل منهجي، وتمتع ضباط وأفراد وزارة الداخلية بحماية الدولة لهم ومباركة رئيس الدولة لأدائهم، رغم سقوط عدد قياسي من القتلى وضحايا التعذيب في خلال أيام محدودة .

 

كما تبنت رئاسة الدولة وحزب الرئيس حملة الهجوم على حرية الإعلام من خلال التصريحات التي تضيق بالحرية النسبية المتاحة، أو تقديم البلاغات المتعددة إلى جهات التحقيق ضد صحفيين وإعلاميين، وقمع الاحتجاجات السياسية والاجتماعية باستخدام القوة المفرطة، ثم تبني الحكومة قانون جديد يقيد الحق في التظاهر السلمي؛ ويناقض المعايير الدولية التي سبق أن صدقت عليها الحكومة المصرية، بحسب البيان.

 

كما تخلت الشرطة والأجهزة الأمنية عن مسئوليتها القانونية في حماية الاحتجاجات السياسية والاجتماعية، والتواطؤ على جرائم التحرش والاعتداء الجنسي على النساء في المظاهرات، ومساهمة أعضاء مجلس الشورى -الذي يسيطر على تشكيله حزب رئيس الدولة- في تبرير هذه الجرائم المشينة علنًا، وذلك بتحميل النساء مسئولية الاعتداء عليهن لأنهن يمارسن حقهن في التظاهر.

 

وقالت إن الحكومة التي عينها رئيس الدولة وحزبه أصدرت قانونًا جديدًا للجمعيات الأهلية، من شأنه القضاء على الهامش المحدود المتاح لحرية تكوين الجمعيات، وخاصة المنظمات الحقوقية، والبدء في تنفيذ بعض بنود القانون الجديد قبل اعتماده، وانعدام استقلالية مجلس حقوق الإنسان، فهو يضم في تشكيله أغلبية تنتمي إلى التحالف الحاكم، فضلا عن ضم شخصيات معروفة بعدائها لحقوق الإنسان .

 

وطالبت المنظمات الحقوقية مؤسسة الرئاسة بتشكيل لجنة مستقلة تضم أبرز الكفاءات المهنية في مصر في القانون الدستوري وحقوق الإنسان -بصرف النظر عن اعتبارات الانتماء السياسي أو الديني – لمراجعة الدستور الجديد، وتعيين نائب عام جديد يرشحه مجلس القضاء الأعلى، وتوقف رئيس الدولة وحزب الرئيس عن التشكيك في أحكام القضاء، والإسراع بتقديم مشروع مجلس القضاء الأعلى لقانون السلطة القضائية إلى مجلس الشورى لإصداره كقانون.

 

وشددت على ضرورة وقف ممارسات التعذيب في أقسام الشرطة والسجون وأماكن الاحتجاز، وإجراء تحقيقات جادة في عمليات قتل المواطنين وتعذيبهم، والتوقف عن استهداف المتظاهرين والمعارضين لجماعة الإخوان المسلمين ورئيس الدولة وقيام الشرطة بواجبها في تأمين وحماية المتظاهرين والمتظاهرات، واتخاذ الإجراءات القانونية الكفيلة بالقضاء على ظاهرة التحرش والاعتداء الجنسي، ووقف انتهاك حقوق المحتجزين خلال عمليات القبض والتحقيق.

 

وفتح تحقيقات جادة وعلنية مع المسئولين الذين تواجدوا في قصر الاتحادية أثناء الاعتداءات التي تعرض لها المعتصمون في الخامس من ديسمبر الماضي بجوار سور القصر، وكذلك التحقيق مع قيادات جماعة الإخوان المسلمين الذين تورطوا في التحريض السياسي والطائفي على استخدام العنف، وإعادة تشكيل المجلس القومي لحقوق الإنسان، بما يتفق مع المعايير الدولية.

 

كما شددوا على ضرورة توجيه رئيس مجلس الوزراء لسحب مشروع قانون تنظيم الحق في التظاهر المقترح من حكومة الدكتور مرسي، وسحب مشروعي قانون الجمعيات، المقدم من وزارة الشئون الاجتماعية، واعتماد مشروع قانون الجمعيات المقترح من 56 منظمة مصرية حقوقية وتنموية، أو مقترح وزير العدل المستشار أحمد مكي، بإعادة العمل بمواد القانون المدني ذات الصلة، كأساس للمناقشة بدلا من مشروع الحكومة القمعي.

 

إلى جانب ضمان مقومات مراقبة المنظمات الوطنية والدولية للانتخابات وفقًا للمعايير الدولية ذات الصلة، بما في ذلك حق منظمات المجتمع المدني في الحصول على تصاريح مراقبة الانتخابات دون وصاية من المجلس القومي لحقوق الإنسان، والاعتراف بإلزامية كافة المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صادقت عليها مصر، واعتبارها مرجعية في تفسير كل النصوص القانونية ذات الصلة بحقوق الإنسان.

 

ووقع على التقرير 20 منظمة حقوقية وهم:  مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، البرنامج العربي لنشطاء حقوق الإنسان، الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، دار الخدمات النقابية والعمالية، المجموعة المتحدة، محامون ومستشارون قانونيون، مجموعة المساعدة القانونية لحقوق الإنسان،مركز الأرض لحقوق الإنسان، المركز المصري لحقوق المرأة، مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، مركز حابي للحقوق البيئية، مركز دعم وسائل الاتصال الملائم من أجل التنمية (أكت)، المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، مؤسسة المرأة الجديدة، المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، نظرة للدراسات النسوية، مركز قضايا المرأة المصرية، المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مصريون ضد التمييز الديني.

البديل

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى