الأخبار

الإخوان بعد نهاية الحكم:”سنة واحدة وعملت كدة فيا”

64

 

 

خسرت جماعة الإخوان على مدار السنة، التي تولت فيها الحكم ما عملت على إنجازه طيلة 80 سنة، لتتحول بين ليلة وضحاها من القوة صاحبة الشرعية والسلطة، إلى جماعة منبوذة كما يرى المراقبون.

ومنذ عزل الرئيس محمد مرسي، القيادي الاخواني، في يوليو، تشهد شوارع مصر مواجهات شبه يومية بين أنصار الإخوان ومعارضيهم ومع قوات الأمن قتل فيها منذ الأربعاء أكثر من 750 شخصا.

ويقول وائل خليل الناشط اليساري لوكالة فرانس برس إن “حجم خيبة الأمل والصدمة في إدارة الإخوان وشعاراتهم والأعذار التي يطلقونها كان كبيرا جدا بقدر حجم الآمال التي كانت معقودة عليهم”.

ويضيف: “كنا نبكي فرحا بعد النتائج لأننا تجنبنا كارثة انتخاب مرشح النظام السابق إلا أنه اتضح فيها بعد أن حجم الضرر، الذي أحدثته لجماعة في الثورة كان كارثيا”.

كان فوز مرسي، في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في 2012 على أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد مبارك، قد أثار آمالا عريضة لدى المجتمع المدني، المحرك الأول لثورة يناير، التي أطاحت بنظام حسني مبارك، في أحداث تغيير في عمق الدولة والتخلص من نظام ديكتاتوري وإحلال نظام ديموقراطي بديل تديره صناديق الاقتراع.
غير أن مرسي، سعى مباشرة بعد أن أقسم اليمين في 30 يونيو 2012 إلى فرض سلطاته من خلال منح نفسه صلاحيات مطلقة بإعلان دستوري أثار غضبا شعبيا زادته تأججا محاولته تمكين جماعته من كل مفاصل الدولة.

ويقول الناشط السياسي أحمد زهران، الذي أعطى أيضا صوته لمرسي في الانتخابات الرئاسية إن “الناس في قطاعات صغيرة ليست راضية عن استخدام القوة المفرطة مع الإخوان، لكن الغالبية مع ما يحصل بسبب حمل بعض عناصر الإخوان للسلاح”.
ويضيف زهران أن “فوز مرسي كان مبني على تحالف تم الاتفاق عليه بعد الجولة الأولى ضم جماعة الإخوان والقوى الثورية والمساندين للثورة، لكن الإعلان الدستوري الشهير قلب المعطيات”.
ويرجع من جهته الكاتب والمفكر الإسلامي فهمي هويدي السبب الأساسي في تغير النظرة إلى جماعة الإخوان إلى “فشل مرسي، الذي لم ينجح في الفترة التي تولى فيها الرئاسة لحوالى سنة لا في السياسة ولا في احتواء الآخرين”.
ويوضح هويدي في تصريح لفرانس برس إن “جماعة الاخوان وجدت نفسها فجأة أمام فرصة تولي السلطة وبدا واضحا أنها تعاني من نقص الخبرة في الحكم، ومن غياب العقل الإستراتيجي”.
ويتابع “أن تقود جماعة، ثم فجاة تقود دولة، أمر صعب. أنه أمر مختلف تماما، فقيادة الجماعة تعني أن تقود أنصارك، لكن قيادة الدولة تعني أن تقود خصومك أيضا، وهو ما لم يحدث”.
ومن محاولة احتكار صلاحيات رئيسية، مرورا بالدعوة إلى “انتفاضة” ضد الجيش الذي خرج من صفوفه جميع الرؤساء الأربعة السابقين لمرسي بين 1952 و2012، وصولا إلى التسبب بأزمات مع القضاء والإعلام والمثقفين، خسرت جماعة الإخوان شيئا فشيئا معظم التأييد الكبير الذي كانت تتمتع به عشية الانتخابات.
وشهد عهد مرسي أيضا تدهورا شديدا لاقتصاد منهك بالفعل ما تسبب في ارتفاع كبير في نسب التضخم والبطالة بالإضافة إلى نقص في المحروقات.

ويقول زهران إن “قطاعات واسعة من الشعب تأثرت بشكل مباشر بالأحوال الاقتصادية، الأمر الذي شكل عاملا إضافيا لبعض الشرائح الاجتماعية في تغيير وجهة نظرها من الإخوان”.
ويرى زهران أيضا أن “الطبقة الوسطى تحديدا شعرت بالخوف من إمكانية تغيير نمط معيشتها، حيث إن الشعب المصري متدين عموما لكنه ليس متشددا، والإخوان بدا وكأنهم يسيرون على طريق التشدد”.
وبعد أن شككت مجموعات كبيرة من المصريين في نوايا الجيش عقب مغادرة حسني مبارك للحكم وحتى الانتخابات الرئاسية الأخيرة، عادت لتلتف حوله وتؤيده في عزل أول رئيس مدني منتخب.
بل إن تلك المجموعات باتت حتى تشجع قوات الأمن على المضي في ملاحقتها الدامية للإخوان، وتبدي تعاطفا أقل مع الأعداد الكبيرة للضحايا، رافضة وصف التغيير الدراماتيكي الذي حول مرسي من رئيس إلى سجين في ساعات، بالانقلاب على سلطة هم انتخبوها.
ويقول علي حسان (67 عاما) الذي يعمل حارس أمن في حي الدقي، جنوب القاهرة، “الإخوان يحرقون الكنائس والمباني الحكومية، لا بد أن يقضي الأمن على هذه الحالة”. ويضيف “انتخبت مرسي، لكن لو عاد الزمن إلى الوراء، لانتحرت قبل أن أقوم بذلك. على كل حال، لن يعود الزمن، والاخوان سيعدمون ولن يرجعوا”.

وتجد الجماعة نفسها اليوم امام خيارات محدودة قد تدفعها في ظل النقمة المتصاعدة ضدها للعودة إلى العمل السري الذي أتقنته لعقود.

ويقول الناشط الحقوقي جمال عيد مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان إن “الإخوان المسلمين يتكبدون مزيدا من الخسائر والرفض الشعبي يتصاعد ضدهم، طالما أنهم يرفضون أن يعترفوا بأخطائهم السابقة”.

ويضيف أن “جماعة الإخوان لا تزال الاكثر تنظيما، لكنها قد تتحول إلى أقوى تنظيم سري، مجددا، والخسائر التي تتكبدها قد تكون أكثر فداحة من خسائر العام 1954” حين نظمت أول محاكمة عسكرية لقيادات الجماعة في عهد الرئيس جمال عبد الناصر.

الوفد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى