الأخبار

د. محمود خليل يكتب “الإغواء الأخير لمرسي”

66

 

تخيل معى هذا المشهد: «مرسى يخرج على الشعب يوم 28 يونيو يخطب فى الناس ويقول: الإخوة الأحباب.. تابعت حالة الغضب التى تسيطر على الشارع بسبب المشكلات التى لا تحل، من نظافة، إلى ارتفاع أسعار، إلى نقص فى البنزين والسولار، ولاحظت الدعوات التى تحشد لها بعض القوى السياسية والشبابية للنزول لمطالبتى بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. لقد قلت لكم مراراً وتكراراً: إن مفاصل الدولة العميقة تحاول عرقلة كل جهودى فى الإصلاح، وإن فلول النظام السابق تبذل كل جهدها لافتعال الأزمات المعيشية لأظهر أمام المصريين وكأننى رئيس فاشل. فى ظل هذه الظروف الصعبة ورغبة منى فى تجنيب هذا الشعب ويلات الاقتتال الأهلى فإننى أدعو إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة تحت إشراف حكومة جديدة تتوافق عليها القوى الوطنية».

تخيل أن المشهد عاد إلى الوراء، وبدلاً من أن يهدد «مرسى» المصريين بالدم عاش هذا «الإغواء» الأخير وغيّر مسار الأحداث التى تدفقت بعد 30 يونيو، وقرر أن يجرى انتخابات رئاسية مبكرة، هل كان من الممكن أن ندخل دائرة الجدل الحالى حول إمكانية أو عدم إمكانية عودة فلول نظام «مبارك» إلى الحكم من جديد؟ طبعاً لا. وبناء عليه يصبح حديث الإخوان عن أن الثوار أسهموا فى منح «الفلول» فرصة ثانية للعودة إلى الحكم بعد 30 يونيو كلاماً ساذجاً! فإذا كان هناك فضل لأحد فى حالة الجدل المتعلقة بحلم عودة نظام «مبارك» للحياة من جديد، فهو فضل الإخوان وفضل «مرسى»، وليس فضل غيرهم.

لقد ركب الإخوان حكم مصر بعد الثورة وهم ينظرون إلى «الفلول» كمثل أعلى، فتقمص «مرسى» شخص «مبارك»، وتقمصنت الجماعة بقميص الحزب الوطنى، وحاولت إحياء سيرته من جديد. إن أداء «مرسى» وإخوانه كان ينطق بهذا القانون الخالد الذى تحدث فيه «ابن خلدون» عن «ولع المغلوب بالغالب»؛ فإحساس الجماعة بحالة الدهس والسحق من جانب الحزب الوطنى عبر أكثر من ثلاثة عقود، وعدم قدرتها على الوجود فى المشهد دون عقد صفقات معه، تسببا فى توليد شعور عميق بـ«الغلب» لدى قياداتها وأعضائها، فلما هيّأ لهم الله الوصول إلى الحكم بثورة لم ينهضوا بعبء الدعوة إليها أو التضحية من أجلها، كان جل همهم ومبلغ أملهم أن يعيدوا سيرة الحزب المنحل والرئيس المخلوع من جديد! وفى ظل حالة التماهى تلك بالغالب تعاونت الجماعة مع قطاع من الفلول فى إطار صفقات تشبه صفقات الحزب الوطنى مع الإخوان أيام «مبارك»! ساعتها أحس «أبناء مبارك» بضعف وخيبة الإخوان، وأن التخلص من الجماعة ورئيسها مسألة بسيطة جداً، وأن 12 شهراً فى الحكم كفاية عليهم جداً، وأن العود إلى سابق عهدهم أحمد.. وطبعاً الكلام ده عند أم أحمد! لأن مش كل مصرى يتقال له يا إخوان!

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى