الأخبار

محمود حسين: مرسى تغدى بخصومه قبل أن يتعشوا به

 

 

 

قال الدكتور محمود حسين، الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين عضو مكتب الإرشاد، إن الرئيس محمد مرسى لن يتراجع عن الإعلان الدستورى لأنه ليست له بدائل أخرى، وأشار إلى أن قرارات الرئيس مرسى خرجت من «الرئاسة المصرية»، وليست لها علاقة من قريب أو من بعيد بمكتب الإرشاد، أو المرشد العام لـ«الإخوان»، واعترف بأن القرارات كانت «فجائية» للإعلام، ولكنها كانت بخطوات وئيدة، بعد أن درسها مع مستشاريه، وأشار إلى أن المحكمة الدستورية كانت تعد يوم 2 ديسمبر المقبل لإلغاء مجلس الشورى وإلغاء «التأسيسية»، وسجل هذا فى مواقع الـ«فيس بوك»، وأن هناك قرارات رئاسية لا يمكن الإعلان عنها مسبقا بسبب الخصوم، وكما قال المراقبون «الرئيس اتغدى بخصومه قبل أن يتعشوا به».

وقال إن الرئيس مرسى التقى قبل الإعلان الدستورى الجديد منذ أيام قادة القوى والأحزاب السياسية والمرشحين السابقين للرئاسة، بما فيهم الدكتور محمد البرادعى المدير السابق لوكالة الطاقة الذرية وحمدين صباحى وعبد المنعم أبو الفتوح. وقال: «كثير من الكلام الذى يقال فى مضبطة لقاءات القصر الجمهورى لا يقال فى (الغرف المفتوحة)». ووصف اتهامات البرادعى لمرسى بأنه فرعون جديد بـ«(الرعونة والقسوة، فهو من حقه أن يختلف مع قرارات الرئيس مرسى بالشكل الذى يراه، ولكن أن يطالب الدول الغربية بأن تتدخل وتدين مرسى، كأنه يستعدى الدول الغربية على النظام القائم، وهذا أمر مرفوض منه ومن أى شخص آخر، وكأنه يتصور أن الذى يدير البلاد هو الدول الغربية، وليس الإدارة المصرية».

وقال: «إن الإخوان هم الذين وقفوا مع البرادعى عندما عاد إلى مصر، وهم الذين جمعوا له التوقيعات من مختلف المحافظات ووقفوا إلى جانبه ضمن الحملة الوطنية للتغيير وتصديه للرئيس السابق مبارك».

وجاء حديث الدكتور محمود حسين عقب محاضرة ألقاها عن الربيع العربى بمسجد فنسبرى بارك الذى كان يعرف بمسجد أبو حمزة المصرى- قبلة الأصوليين تحت إشراف الإسلامى المصرى المحتجز حاليا فى الولايات المتحدة على ذمة قضايا الإرهاب، وكثيرا ما تعرض المسجد لمداهمات من قبل الشرطة بحثا عن الجهاديين، وأغلقته أسكوتلنديارد، وظل أبو حمزة يخطب ويؤم المصلين أمام المسجد فى الشارع تحت حراسة الشرطة، حتى يوم اعتقاله وسجنه ثم ترحيله إلى أمريكا، لكن المسجد اليوم قلعة يحفها الإيمان بوجوه نضرة من أبناء الجالية المسلمة، يواظبون على الصلوات الخمس، ويجتذب المسجد مسلمى شمال العاصمة البريطانية، وبه قاعات للمحاضرات والمؤتمرات تحت إشراف الرابطة الإسلامية فى بريطانيا.

وفى مواجهة الدكتور محمود حسين، ليس أمامك سوى أن تشعر بأمر واحد، وهو أن القرارات الحاسمة، تخرج من داخل هذه الرؤوس التى تربت فى مكتب الإرشاد، وقال الأمين العام للجماعة إنه يعرف شخصيا الدكتور مرسى منذ سنوات، «وما شهدنا إلا بما علمنا، ولا نزكى الله أحدا، وهو رجل ثابت على الحق، ويسمع للآخرين، ولا يعرف الانفراد بالرأى، ونحسبه كذلك إن شاء الله، والله حسيبه، وهو يسأل المقربين منه قبل أن يتخذ قرارا ما»، وقال: «نحن فى الإخوان ندين بالولاء لله سبحانه وتعالى، ونعمل لصالح هذه الدعوة، فإذا ما وجدنا صالحا نتفق معه ونقول: على بركة الله، وندعمه ونعينه، وإذا وجدنا اعوجاجا، لا بد أن نقومه، ولكن هناك آداب إسلامية تعلمناها فى طريقة النصح والإرشاد، فلو أن هناك قرارا خاطئا لرئيس الجمهورية، وهناك صلة مفتوحة مع الرئيس، فلا يجوز الخروج إلى الإعلام، والتقول بما ليس موجودا، بل يجب أن نقول للرئيس بطريقة مؤدية ومهذبة: قرارك خاطئ للأسباب التالية، وليس معنى أننا نظهر فى الإعلام ضد الرئيس أو ضد الحكومة التى ليست من الإخوان، أننا فى المجمل نوافق على كل القرارات، ولكن نحن نقدم النصح لأنه واجبنا وحق الله علينا».

وقال إن «الشارع المصرى كان يتنبـأ بخروج قرارات ثورية قبل الإعلان الدستورى، وقد تردد على مواقع التواصل الاجتماعى أن هناك قرارات قادمة». وأوضح أمين عام الجماعة الدكتور محمود حسين أن مصر مديونة بنحو 30 مليار دولار، وأن الأموال المنهوبة فى الخارج لن يعود منها، على أكثر تقدير، سوى نحو 5%، وكشف عن أنه التقى شخصيا والمرشد العام للجماعة الدكتور محمد بديع السفيرة الأمريكية فى القاهرة آن باترسون، التى طلبت منهما قبول قرض صندوق النقد الدولي، حتى تفتح للجماعة «خزائن الخليج»، وأوضح: «لم نرفض قرض البنك الدولى للضرورة القصوى».

وحول اعتصام القوى السياسية فى ميدان التحرير ضد الإعلان الدستورى الصادر عن الرئيس مرسى، قال: «المفترض أن تكون هناك ضوابط للتعبير عن الرأى، وأن يكون سلميا وبشكل حضارى، وليس خارج القيم العامة المتعارف عليها، ونرفض الهتافات التى تتحول إلى سباب ضد الجماعة ومرشدها، لكننا نقبل بالاختلاف حسب قواعد المعارضة السياسية، ومن حق أى فصيل أن يعلن عن رأيه العام. وأى قضية لا يمكن أن تحظى بإجماع عام، لا بد أن يكون هناك معارضون وكذلك مؤيدون، وفى النهاية رأى الأقلية يجب أن ينزل على رأى الأغلبية، أين كانوا هم! نحن نتابع الأحداث ونتقبل الهجوم والانتقادات الموجهة لنا من قبل المتظاهرين، ومن حق كل فصيل أن يعبر عن وجهة نظره فى بقية القوى والأحزاب، ولكن بشكل سلمى. نحن فى الجماعة ننصت إلى كل المطالب، ونتابع الأحداث ونتقبل الهجوم والانتقادات الموجهة لنا من قبل المتظاهرين، كنا أيضا نرفض الهتافات التى تتحول إلى سباب ضد الجماعة، ومرشدها، لكننا نقبل بالاختلاف حسب قواعد المعارضة السياسية، ولن يتعرض أبناء الجماعة للمتظاهرين المناوئين، فالعنف ليس منهجنا».

وعن رأيه فى اقتحام وحرق مقرات حزب الحرية والعدالة، وجماعة الإخوان فى المحافظات، قال: «هذا أمر مرفوض ابتداء، سواء مقرات الإخوان أو الأحزاب الأخرى، وسواء ممتلكات عامة أو شخصية، ولكن هذا يؤكد أن هناك تدبيرا مخططا ضد الجماعة وأبنائها، والإساءة إلى صورة مصر، والواضح أنه ليس هناك رفض للإعلان الدستوري، بل محاولة لتشويه صورة الإخوان، كما يتم تشويه صورة الإخوان فى بعض وسائل الإعلام. فهؤلاء المخربون يحاولون أن يعطوا للغرب صورة من عدم الاستقرار، وأن دولة غير مستقرة تحت قيادة الرئيس مرسي». وأشار حسين إلى أن البلاد تمر بظروف عصيبة وأحداث جسيمة، وأن الرئيس، والجمعية التأسيسية المنتخبة لوضع الدستور يسعون لاستكمال المؤسسات الدستورية وإنجاز مشروع الدستور لملء الفراغ الدستورى الذى تعيشه البلاد، مطالبا بضرورة احترام الإرادة الشعبية.

وقال إن «الجماعة موجودة منذ 80 عاما، وعملت فى ظل أنظمة عسكرية وديكتاتورية، ولم يحاكم عضو بتهمة الانتماء لجماعة غير قانونية، والجماعة لم تحل ولم تستطع الدولة أن تقدم قرارا واحدا لحلها من أيام 1928». وتحدث عن أن هناك مئات المليارات من الجنيهات أنفقت فى مصر لتحجيم الإخوان أو تغيير الوضع القائم منذ قيام الثورة. ومصر لن تخرج من أزمتها الراهنة إلا بتكاتف الشعب المصرى كله، ونحن حريصون على هذا، وحريصون أيضا على عدم الانفراد بهذه المسؤولية وحدنا. والدكتور مرسى له تعليق أنقله عنه، وهو أن كل شخص فى العالم يضع سؤالين أمام نفسه؛ السؤال الأول: إذا كان مرسى إسلاميا وأزعم أننى إسلامي، والسؤال الثاني، إذا كان مرسى وطنيا وأزعم أننى وطنيا، وإذا كان مرسى محبا لبلده، وأنا محب لبلدي، إذن من أنا؟ وبات لمصر ثقل بعد وصول مرسى إلى الحكم إسلاميا وعربيا، ظهر ذلك بوضوح فى موضوع غزة وسوريا، وكان من المفترض أن يسافر الرئيس إلى القمة الإسلامية فى باكستان، وكان سيطرح هناك موضوعا خاصا ببنغلاديش، ونحن حريصون على التكامل مع كل الدول العربية والإسلامية».

وحول إمكانية تراجع الدكتور مرسى أو تنازله عن بعض قرارات الإعلان الدستورى على وقع مظاهرات التحرير، أشار إلى أنه «لا توجد بدائل أمام الرئيس مرسي، ولن يتراجع على الأرجح. إنه يريد أن يحصن (التأسيسية) من العبث، سواء إعلاميا أو من الناحية القانونية، يريد أن يحصن مجلس الشورى ويجعله قائما، حتى يتم الانتهاء من الدستور، يريد فى الوقت ذاته الانتهاء من الدستور حتى يكون لمصر دستور قوى قائم بذاته، لا أعتقد أنه سيتراجع، وأعتقد أن قراراته مؤقتة حتى يتم الانتهاء من الدستور».

وعن البدائل أمام الرئيس مرسي، قال الأمين العام للجماعة: «إنه من المعروف أن المحكمة الدستورية كانت ستحكم بإلغاء الإعلان الدستورى، وحل (التأسيسية) ومجلس الشورى، فى حين أن الإعلان الدستورى محصن، ولا يمكن بأى حال من الأحوال إلغاؤه، وهذا ما حكمت به المحكمة الدستورية وما طلبت به القوى السياسية من قبل، ومن حق الرئيس إصدار إعلانات دستورية حتى يخرج الدستور إلى النور، هذه ليس بها شبهة على الإطلاق، لكن المحكمة الدستورية لم تحترم القانون فى أحكامها، وحل مجلس الشعب ليس من حق المحكمة الدستورية قانونا، المحكمة الدستورية مهمتها مراقبة القوانين، وبالتالى كل الأحكام التى حكمت بها المحكمة الدستورية فى مجلس الشعب، كانت تقول إن هذا (النص غير دستورى)، وكنا أمام (بلطجة قانونية) من المحكمة الدستورية، وليست قانونا، وكثير من الفقهاء الدستوريين قالوا إن الرئيس مرسى ليس فى حاجة لتحصين الإعلان الدستوري، ولكنه حصنه ليعرف المعرف، حتى لا يواجه ببلطجة قانونية من المحكمة الدستورية، وتبطل الإعلان الدستورى وتلغيه، وهذا حق الرئيس فى تحصين قراراته، والمجلس العسكرى أصدر إعلانين دستوريين نافذين، بعد تسلمه السلطة، ولم تعترض عليهما المحكمة الدستورية، ونحن على يقين بأن الله- سبحانه وتعالى- هو الذى رعى هذه الثورة، وهو الذى دفع بنا على غير إرادة منا لنتسلم رئاسة الجمهورية، هو الذى سينجح هذه الثورة وسيوصلها أيضا إلى بر الأمان، وبالشورى وبإذنه تعالى سيحقق الله لنا النصر والتمكين».

وحول ما يتردد فى الصحف المحلية وبعض الصحف الغربية أن قرارات الرئيس مرسى خرجت من مكتب الإرشاد التابع للجماعة، قال: «هذه ادعاءات غير حقيقية وغير صحيحة، ونحن لا نقبل بأى حال من الأحوال أن يتم إدارة أى شأن من مكتب الإرشاد أو غير الإرشاد، كل شخصية من قيادات الإخوان أو غيرها لها استقلالها ولها رأيها، والدكتور مرسى غير محتاج لرأى أحد غير مستشاريه، وهو قادر على إدارة البلاد بشكل جيد، ونحسبه عند الله كذلك.

وإعلان الرئيس مرسى نعم كان مفاجئا، لكن الإعداد له كان بخطوات وئيدة ومدروسة، ومطالب الشعب منذ زمن بعيد كانت تطهير القضاء، وإقالة النائب العام، والانتهاء من الدستور، وإعادة محاكمات قتلة ثوار يناير فى التحرير وشارع محمد محمود، كان الرئيس يسمع لهذه المطالب وقامت مليونيات كثيرة تطالب بتحقيقها، والرئيس استجاب لكثير من هذه المطالب، والواضح أنه كان يفكر فى هذه القرارات لفترة طويلة قبل اتخاذ الإعلان الدستورى الأخير». وأشار إلى أن الجماعة ترفض التلاعب بأهداف الثورة والمحاولات التى يقوم بها البعض لاتهام الجماعة بالباطل للسعى لحصد مكاسب خاصة، مؤكدا أن الجماعة ستحشد أعدادا كبيرة فى الميادين فى المحافظات اليوم.

وقال ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول ما إذا كانت قرارات مرسى وحدت كل القوى الليبرالية ضد الرئيس وضد «الإخوان»: «هذا ليس صحيحا، لأن الشارع المصرى فى كثير من توجهاته خرج مؤيدا لهذه القرارات، حتى إن كثير من القوى التى كانت موجودة خارج قصر الاتحادية كانت من فئات غير الإخوان، ولكنها كانت مؤيدة لمرسى». وعن المشهد السياسى الموجود حاليا فى مصر بمظاهرات مؤيدة وأخرى مناوئة لـ«الإخوان»، قال الدكتور محمود حسين الأمين العام للجماعة: «هناك اليوم صورة إعلامية ضخمة جدا، واقعها على الأرض ليس بهذا الشكل، والشعب غير معني، بما يدور فى الإعلام وبين النخب السياسية، الشعب معنى فى الأساس بمشكلات فى الحياة اليومية، بمشاكل فى الاقتصاد وأخرى معاناة حياتية.

هناك مشكلة فى القضاء، صحيح أن هناك جزءا كبيرا من القضاة شريف ومستقل، ولكن هناك مشكلة، أدت إلى إقالة النائب العام، بسبب تبرئة قتلة الثوار، واختفاء أدلة الإدانة، وعدم وجود حكم إدانة واحد ضد رموز النظام السابق، فى قضايا قتل الثوار وإصابتهم فى التحرير، معنى ذلك أن الأدلة تم إخفاؤها أو طمسها بشكل أو آخر، وهذه مسؤولية النائب العام، وقدمت له كثير من البلاغات، لكنه لم يتحرك، وقدم له مثلا أكثر من 30 بلاغا ضد المرشح الرئاسى السابق أحمد شفيق، ولم يتحرك أيضا».

 

اليوم السابع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى