الأخبار

«مخطط الإخوان لاختراق أجهزة الدولة»

57

 

تسجيلات لخيرت الشاطر النائب الأول للمرشد العام لجماعة الإخوان، يكشف فيها «الشاطر» خطط الإخوان للسيطرة على أجهزة الدولة المصرية بعد ثورة 25 يناير.

كان التسجيل رصد اجتماع مجلس شورى الإخوان يوم ١٤ يناير ٢٠١٢، وكانت هذه واحدة من الفرص النادرة التي وجدها أعضاء شورى الإخوان للتعرف على ما يخفى عليهم من علاقات الجماعة خلال الأشهر التي سبقت انتخابات مجلس الشعب.

في بداية كلمته لاحظ «الشاطر» أن أحد الشباب يسجل اللقاء بالفيديو، فمال على محمود حسين، الأمين العام للجماعة، الذي كان يجلس إلى جواره وسأله «هو احنا لازم نترك هذا الشاب يسجل الاجتماع»، فأجابه «حسين» قائلا: «احنا قلنا له مش هيعمل حاجة إلا لما نعرف».

بدا الشاطر مرتبا ومحددا وواثقا من نفسه واستهل حديثه، قائلا: “منذ بداية تكليف المرشد لي بملف التطوير يقوم بمساندتي مجموعة من الأخوة بالمكتب ونلتقي بانتظام لعمل الترتيبات المتعلقة بالتطوير وتلقينا أكثر من ٢٠ ألف مقترح من على مستوي الجمهورية، جزء منها جاء عن طريق المكاتب الإدارية والهيكل الإداري المعتاد لنا وللأسف هناك بعض المحافظات لم تأت بمقترحاتها، أما الجزء الآخر فأتي عن طريق التسليم المباشر في رسائل أو أوراق مكتوبة سلمت لي أو لبعض الاخوة من خارج الهيكل الإداري وجزء أيضا كبير ومؤثر تم إرساله عن طريق الكمبيوتر أو عن طريق النت مباشرة”.

وأضاف الشاطر: “قمنا بعمل فرز كامل لهذه المقترحات وجدنا جزءا منها مقترحات عامة لا ترقى لكلمة مقترح أو فكرة عملية من الممكن أن تبنى عليه شيء، فوجدنا أحد المقترحات ينص على لابد من الاهتمام بالطلاب والشباب، وهذا يشير إلى نصائح للتربية ونصائح عامة وهي نسبة تجاوزت الـ٢٠٪ من المقترحات المقدمة ورغم أنني قمت بتوضيح مواصفات المقترحات خلال المؤتمرات التي عقدتها في المحافظات، حيث قمت بتحديد مواصفات المقترحات المطلوبة وطبيعته”.

وأوضح “الشاطر” أنه تم التفاعل مع هذه المقترحات وتم إعداد ورقة سريعة عن المقترحات الأولىة لملف التطوير وأنهم توصلوا لمقترح بـ٢٢ وسيلة وفكرة جديدة لتطوير إدارة مكتب الإرشاد لجسم الجماعة ككل وكان من هذه الوسائل مؤتمرات الشرائح وتم عقد مؤتمر للاخوات ومؤتمر للطلاب ودخل ضمن هذه الوسائل إعادة لقاء مسئولي المكاتب الإدارية مع مسئولي الأقسام بانتظام.

وانتقل الشاطر بإشارة سريعة للملفات التي بحوزته تتسم بأهمية بالغة قبل أن يتناولها لاحقًا بالتفصيل، وقال: “وردت في المقترحات قضايا أخرى أخذت وقتًا طويلًا وهي إما قضايا مهمة وعاجلة أو قضايا جديدة بمعني أنه ليس هناك وحدات ورؤية ثابتة مستقرة في عمل الإخوان خلال الفترة الماضية”، موضحًا أن “قضية العلاقات الخارجية هي أبسط مثال على ذلك.. فنحن لم يسمح لنا قبل الثورة بالتعامل مع السفراء والوزراء ورؤساء حكومات ودول أخرى وفلان ورايح جاي كان هذا الموضوع غير موجود وبالتالي لم يكن لدينا في الإطار الأساسي كإخوان وحدة مسئولة عن قضية العلاقات الخارجية”.

ومن ملف العلاقات الخارجية، انتقل النائب الأول للمرشد إلى ملف أكثر أهمية وهو الإعداد لملف الإعداد للمشاركة في إدارة الدولة، لكن اللافت أنه اعترف ضمنيا بأن الجماعة شكلت مجموعات لإدارة الدولة في عهد مبارك من خلال قسم المهنيين بالجماعة وهو الاتهام الذي قامت عليه قضية سلسبيل في منتصف التسعينيات بعد أن تسرب ما عرف وقتها بوثيقة التمكين إلى يد أجهزة الأمن.

وذكر الشاطر نصًا: “مسألة الإعداد لاحتمال المشاركة في إدارة الدولة لم ندرس ملفها من قبل ذلك بشكل كبير.. كان موجودًا جزء بقسم المهنيين وكان هناك مجموعات يضعون الأفكار وكان أساس الفكرة مرتبط بوجودنا ككتلة برلمانية (كتلة الـ ٨٨ نائبًا).. لكن الوضع اختلف وأصبح من المحتمل مشاركتنا في وزارات أو في حكومة أو في شيء”.

لم ينس “الشاطر” أن يمر سريعًا على ملفات مثل الإعلام والعمل الإغاثي حتى يخبر الأعضاء بذكاء أن كل هذه الملفات في حوزته هو، حيث قال: “هناك قضايا حصرناها فأصبح هناك ٢٠ موضوعًا رئيسيا على الأقل منها المنظومة الإعلامية لجماعة الإخوان فكان هناك عمل إعلامي لكنه ضئيل لا يتناسب مع حجم الجماعة وحركتها والانتشار الجديد بالنسبة لها فنحن نعتبر العمل في المنظومة الإعلامية كأنه جديد”.

العلاقات الخارجية للجماعة
بعد أن مهد الشاطر أعضاء مجلس شورى الإخوان نفسيا وذكر لهم كمية كبير من الأرقام والإحصائيات توحي بأنه يفهم كل شيء ومطلع على كل التفاصيل، انتقل بهم في سلاسة إلى ملف العلاقات الخارجية للإخوان وشرح بشيء من التبسيط كيف انتقلت طموحات الجماعة من مجرد تحسين صورتها لدى الغرب إلى إقامة علاقات استراتيجية مع الدول الأجنبية.

الشاطر أضاف: “عندما نتحدث عن قضية العلاقات الخارجية، فنحن نمر بمرحلة جديدة وبالتالي فالتصور الذي وضعناه بشكل مبدئي كان مسيطرًا على ذهننا هو تصحيح الصورة الذهنية لجماعة الإخوان وحزبها أمام الرأي العام العالمي كله وتمت مقابلة سفراء ووزراء ومسئولين من كل أنحاء الدول، وعندما مر الوقت وعلمنا أننا اقتربنا من المشاركة في إدارة الدولة، وجدنا أننا بحاجة إلى بناء علاقات خارجية مش مسألة تكوين صورة ذهنية فقط”.

ثمر مر “الشاطر” سريعًا إلى طموحات الجماعة في السيطرة على وزارة الخارجية وأعلنها بوضوح أنه يرفض أو ضد – بحسب تعبيره – كل ما يقال حول عدم تولي الإخوان الوزارات السيادية وأنه لديه بدائل تمكنه من السيطرة على وزارة الخارجية بشكل غير مباشر

وأوضح “خيرت”: “اليوم عندما نسمع أن وزارة الخارجية وزارة سيادية لا يمكن التفكير فيها من الأساس -ونحن ضد هذا الفهم- اكتشفنا أن العلاقات الخارجية مسألة عرضية موجودة بكل القطاعات، فعندما نتحدث عن وزارات الزراعة أو الصحة أو الإسكان أو التعليم كل هذه الوزارات تعقد اتفاقيات دولية مع الوزارات المناظرة لها في وزارات أخرى حتى وإن لم نتمكن من السيطرة على وزارة الخارجية بشكل مباشر فنحن بحاجة إلى مد العلاقات الخارجية”.

عاد الشاطر إلى الموضوع الأساسي وهو حاجة الإخوان إلى بناء شركات استراتيجية مع الدول الأخرى، وذكر: “أعددنا فريقًا ليضع بشكل مبدئي الرؤية وإن كانت هذه الرؤية تتطلب إنشاء وحدة جديدة باسم جماعة الإخوان أو بنية جديدة تخدم على هذا العمل الفترة المقبلة، وتبدأ هذه الفرق تضع البنية الأساسية وتطورها لتنفيذها لأننا إذا اتجهنا لتطوير الرؤى فقط فسوف نأخذ وقتًا كبيرًا والوقت ليس في صالحنا، فالظروف ضاغطة علينا بشكل كبير”. وتابع: “وحدة العلاقات الخارجية تكونت منذ أربعة أو خمسة أشهر فكان يتم تنظيم مقابلات مع المسئولين بالخارج دون مواعيد مسبقة، ولكن بعد عمل الوحدة فأصبح ٩٥٪ من المقابلات تتم بمواعيد مسبقة بعمل الوحدة”.

انتقل الشاطر إلى الكشف عن تفاصيل العلاقات الخارجية لجماعة الإخوان، وشدد على أن “٥٠٠ مقابلة تمت مع مسئولين أجانب داخل مصر وخارجها خلال أربعة أشهر بمتوسط يزيد على ١٠٠ مقابلة شهريا بما يعادل أكثر من ٣ مقابلات مع مسئولين بأغلب السفارات باستثناء للأسف بعض السفارات العربية وبعض السفارات الأفريقية”، على حد قوله.

واعترف القيادي بالجماعة أن “الإخوان” أنفقت ماديا على الوفد الذي مثلها في زيارة المسئولين الأجانب بالخارج، وقال: “ترددت هذه الزيارات بشكل كبير خلال مرحلتين الأولى عقب الثورة مباشرة والثانية عقب فوزنا في المرحلة الأولى من الانتخابات، وبالتالي فنحن نرسل أشخاصا لمقابلة مسئولين بالخارج في الدول الأوربية أو غيرها، فالمسألة تحتاج إلى إمكانية مادية عالية حتى نستطيع تلبية كل طلبات السفر”، واختتم الشاطر حديثه في هذه النقطة، قائلا: «وحدة العلاقات الخارجية مسئول عنها الدكتور عصام حداد و٢٠ أخا من المتطوعين وثلاثة من المتفرغين”.

ملف إدارة الدولة
الخطير في هذا الجزء من التسجيل أن “الشاطر” يكشف عن تلاشي الخطوط الفاصلة بين الدولة والجماعة في عقل الرجل الأخطر بجماعة الإخوان، فحين تناول الشاطر ملف المشاركة في الحكم تناوله الأمر كما لو كان لا يوجد أحد في مصر سوى الإخوان وتحديدًا أن الجماعة تستطيع بمفردها وبكوادرها وحدهم أن تحمل عبء الوطن كله وإن كان هذا الكلام الذي قاله الشاطر مع مجموعة من إخوانه في غرفة مغلقة يتناقض مع شعار مشاركة لا مغالبة، لكن الأخطر أنه يعد دليل إثبات على أن مكتب الإرشاد بالفعل كان يحكم مصر خلال العام الذي تولى فيه مرسي السلطة”.

وأشار الشاطر إلى أن الفريق الذي شكلته الجماعة سافر إلى عددٍ من الدول بينها تركيا وماليزيا للتدريب على إدارة شئون الدولة، وذكر: “هذا الفريق سافر أكثر من دولة وقابل عددًا من السفراء وقام بالتركيز على مسألة التأهيل والتمكين للاتصال بإدارة العمل الحكومي، فوجدنا الأتراك عالجوا مسألة الفساد والضعف الاقتصادي وحققوا تنمية بشكل سريع، فالفريق مسئول عن التركيز على هذا الشكل والمسئولون السنغافوريون متميزون في الإدارة الحكومية فطالبنا السفير السنغافوري بتبادل الخبرات فرحب السفير ووافقت الحكومة على مقابلات جديدة لتبادل الخبرات”.

وأضاف: “إسبانيا عندهم خبرة متميزة في الانتقال من الحكم العسكري للمدني وأخذت تدرجًا معينًا حتى وصلوا لنقطة معينة”، لافتًا إلى أنهم حددوا ٢٠ دولة للاستفادة من كل تجربة وأبرز هذه الدول “تركيا وسنغافورة وإسبانيا والصين وأمريكا وماليزيا وجنوب أفريقيا وغيرها”.

وواصل حديثه، قائلا: “الفريق الذي يعمل بالتطوير يعمل كحضانة للموضوعات كلها لحين تطويرها حتى يتم مساعدة الحزب في هذه الملفات.. الحزب يعمل في قضية إعداد الحكومة بشكل أعم من الجماعة، فالحزب أعم وأشمل وممكن أن يجلس مع ٥٠ فردًا في لجنة التعليم والصحة ونحن حريصون أن يكون معنا في الملف مثل أحمد سليمان وأسامة ياسين من المساعدين للكتاتني أو الدكتور مرسي في العمل”.

ولأول مرة بالصوت والصورة قيادي إخواني يؤدي قسم «البيعة» أمام «المرشد»، فبعد قرار الجماعة بعدم السماح للأعضاء بالجمع بين عضوية شورى الإخوان والمكتب التنفيذي للحرية والعدالة، وخروج كل من سعد الحسيني والكتاتني من مكتب الإرشاد، وفاز الدكتور محمد طه وهدان رئيس قسم التربية بالجماعة بعضوية مكتب الإرشاد وكان عليه أن يعطي البيعة للمرشد أمام مجلس شوري الجماعة.

ووهدان أستاذ بكلية الزراعة جامعة قناة السويس وهو واحد ممن يمكن وصفهم بحراس المعبد داخل الجماعة وأحد أنصار تيار التنظيم الذي يرى ضرورة سيطرة الجماعة على كل شيء وأن الخروج عليها قد يطعن في حسن إسلام المرء.

اعترت وهدان حالة من الهدوء والسكينة ووقف بين يدي محمد بديع في وجل وخوف ووضع يده في يده وأغمض عينيه وقرأ وراءه النص التالي: «اللهم اني اشهدك واعاهدك على أن اعمل على نصرة دينك ودعوتك تحت راية جماعة الإخوان المسلمين، ملتزما بأوامر قيادتها ولوائحها وقوانينها ما لم تأمر بمعصية ما استطعت إلى ذلك سبيلا وأسالك يا حي يا قيوم أن تعينني على الوفاء بهذا العهد وتمام هذه البيعة حتى ألقاك وأنت راضٍ عني.. رضا لا تسخط علىّ بعده أبدا”.

 

فيتو

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى