هناك فارق ضخم بين مفهومين أساسيين

96

هناك فارق ضخم بين مفهومين أساسيين، فى إدارة الدول، مفهوم الإصلاح ومفهوم الثورة، مفهوم الإصلاح هو الأقرب دائما للتطبيق والتحقيق، لأن شروطه أسهل بكثير، وإمكانية تحقيقه واردة، ونتائجه محسوبة ومدروسة، على العكس تماما من مفهوم الثورة، فهو أمر استثنائى، لا يضمن أحد حدوثه، كما أن نتائجه غير مضمونة، إلا أن مفهوم الثورة إذا ما تحقق فهو يأتى بنتائج باهرة فى فترات زمنية قصيرة غير مشروطة، لكن الخطر الدائم الذى نخشاه ونخاف منه، أن تفقد الدولة بوصلتها، فلا هى قامت بإصلاح، ولا استطاعت تفعيل الثورة، والبعض من أستاذة علم السياسة يطلقون على مثل هذه الحالات «الدولة الفاشلة»، وهذا عادة ما تخشاه الشعوب فى أعقاب الثورات خصوصا الثورات التى تأتى بعد سنوات طويلة من الاستبداد.

عمرو خفاجى يكتب فى بوابة الشروق : الثورة والإصلاح

هناك فارق ضخم بين مفهومين أساسيين، فى إدارة الدول، مفهوم الإصلاح ومفهوم الثورة، مفهوم الإصلاح هو الأقرب دائما للتطبيق والتحقيق، لأن شروطه أسهل بكثير، وإمكانية تحقيقه واردة، ونتائجه محسوبة ومدروسة، على العكس تماما من مفهوم الثورة، فهو أمر استثنائى، لا يضمن أحد حدوثه، كما أن نتائجه غير مضمونة، إلا أن مفهوم الثورة إذا ما تحقق فهو يأتى بنتائج باهرة فى فترات زمنية قصيرة غير مشروطة، لكن الخطر الدائم الذى نخشاه ونخاف منه، أن تفقد الدولة بوصلتها، فلا هى قامت بإصلاح، ولا استطاعت تفعيل الثورة، والبعض من أستاذة علم السياسة يطلقون على مثل هذه الحالات «الدولة الفاشلة»، وهذا عادة ما تخشاه الشعوب فى أعقاب الثورات خصوصا الثورات التى تأتى بعد سنوات طويلة من الاستبداد.

فى الحالة المصرية، المفهوم والمنهاج الثورى واضح وجلى، لكنه دائما فى حالة تعطل منذ مارس ٢٠١١، وهناك رفض واضح لفكرة الإصلاح، الكل يبحث عن الحلول الثورية وينتظر تفعيلها وثمار نتائجها، الثورة تعطلت بعد نجاحها بأيام قليلة، لأن هناك من سأل الشعب عن تعديلات دستورية بصيغة مفاجئة، مشفوعة بالحلال والحرام، فتبعثر التكاتف الثورى، وحينما اقتنع قادة سياسيون وشعبيون بدعم مرشح من أجل نصرة الثورة فى مواجهة مرشح النظام القديم، نجحوا فى ذلك وجاءوا بمرسى لكرسى الحكم، لكن الثورة تبخرت بفعل فاعل اسمه الجماعة، فلم تحتمل الجماهير الخديعة مجددا، فثاروا من جديد، بحثا عن حلول ثورية غير عادية عابرة للمشكلات، قاهرة للأزمات، معلنين أنهم لن يتنازلوا عن ثورتهم التى دفعوا ثمنها ولم يحصدوا جوائزها.

لا يوجد شعب يعشق الثورة من أجل الثورة، بل يثور رفضا لواقع يرفضه بحثا عن أحلام ممكنة لمستقبله، وعندما يكرر الشعب فعلته الكبرى مرتين فى أقل من ثلاث سنوات فهو بالتأكيد لا يمزح، وما يفعله لا يمكن أن تكون مجرد هبة أو غضبة أو حتى انتفاضة، بل ثورة يطلب منهجها وينتظر نتائجها، لأن الكيل قد فاض، ويجب أن تكون إدارة الرئيس المؤقت عدلى منصور ومعها حكومة الدكتور حازم الببلاوى واعية تماما لذلك، على جميع الأصعدة وفى كل القطاعات، ولن يشفع لهم أنهم مجرد إدارة مؤقتة، لذا يستعجل الشعب العمل والإنجاز، ولا يوافق على تعطيل الأمور، أو التباطؤ فيها، لذا نرى الرغبات المحمومة للكثيرين فى المطالبة بفض الاعتصامات والعودة لمسار العمل الثورى لتعويض ما فات، ولا يعنى ذلك أنهم يريدون إهدار دماء كما يروج بعض المزورين، بل يريدون مشاهدة ثورتهم على عناوين الأعمال التى تقوم بها الإدارة.

إن الشعب المصرى سمع كثيرا عن الإصلاح، سواء فى خطاب الحزب الوطنى، أو محاولات بعض سياسييه قبل ٢٥ يناير، وقد ثار على فكرة الإصلاح كحل لمشكلاته، فى ذات اللحظة التى ثار فيها على الفساد، وقد ثار بعدها على نظام تحدث فقط عن الثورة لكنه لم يمارسها فى إدارته، بل لم يحاول حتى أن يكون مصلحا، بل كان مستحوذا أو محاولا للاستحواذ على السلطة بطرق رخيصة، طبعا فعل ذلك بعد أن انتظر بعض الوقت، رغم أن المزورين قالوا إن الشعب لم ينتظر، وبناء على ذلك، فإن الشعب بدأ يتململ من جديد، ويبدى عدم ارتياحه من بعض ما يحدث، وعاد مجددا للتذكير والتنبيه بأنه ينتظر نتائج ثورة، ولن يسمح بتداول مبررات أو تقديم أعذار، وأنه ليس بالشعب الذى سينتظر أن ينخدع مرة أخرى، وأعتقد أن الإدارة وصلتها الرسالة وعليها تقديم الإجابة، وأنصحها بالمصارحة والمكاشفة، ربما يكون لديها ما يدفع الشعب للانتظار بعض الوقت.

اخبارك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى