غضب دولي بعد احكام بالسجن لموظفين اجانب ومصريين

70

 

اصدرت محكمة جنايات القاهرة الثلاثاء احكاما بالسجن على موظفين اجانب ومصريين يعملون في منظمات غير حكومية، ما اثار غضبا دوليا واسعا.

وصدرت الاحكام بعد محاكمات استهدفت موظفين اجانب ومصريين في منظمات مجتمع مدني اميركية عملت معظمها دون الحصول على تراخيص تحت حكم الرئيس المصري السابق حسني مبارك، لكن السلطات الجديدة اعتبرت الامر مخالفا للقوانين.

وقضت محكمة جنايات القاهرة بالسجن 5 سنوات على 27 متهما اجنبيا يحاكمون غيابيا، وسنتين على خمسة متهمين من بينهم الاميركي روبرت بيكر كما قضت بالسجن سنة مع وقف التنفيذ بحق 11 متهما اخر، بحسب صحفي من فرانس برس. ويحاكم هؤلاء المتهمون الستة عشر حضوريا لكنهم غير محتجزين.

وفرضت المحكمة غرامة مادية قدرها الف جنيه (142 دولار امريكيا) على كل متهم.

كما امرت المحكمة باغلاق فروع المنظمات الاجنبية التي كان يعمل بها المتهمون، وهي اربع منظمات اميركية: فريدوم هاوس والمعهد الوطني الديموقراطي (ناشيونال ديموكراتيك انستيتيوت) والمعهد الدولي الجمهوري (انترناشيونال ريبيابليكان انستيتيوت) والمركز الدولي الأميركي للصحافيين، بالاضافة لمؤسسة كونراد اديناور الالمانية.

وادين الموظفون بتهمة تلقى تمويل اجنبي غير مشروع والعمل بدون تصريح وتسلم وقبول تمويل أجنبي من الخارج بغرض إدارة فروع هذه المنظمات الدولية في مصر بما يخل بسيادة الدولة المصرية.

ولم يظهر اي من المتهمين في قاعة المحكمة الثلاثاء، لكن اصدقاء لبعض الذين حكم عليهم مع ايقاف التنفيذ عبروا عن فرحتهم الشديدة بهذا الحكم.

وشهدت قاعة المحكمة انتشارا امنيا حيث اصطف جنود الشرطة المصرية داخل القاعة.

واكتسبت القضية منذ بدايتها في مطلع العام 2012 طابعا سياسيا، واتهم عدد من الحقوقيين الحكومة المصرية آنذاك بتسييس القضية بسبب فضح تلك المنظمات لبعض انتهاكات حقوق الانسان التي وقعت ابان حكم المجلس العسكري عقب اسقاط حسني مبارك في شباط/فبراير 2011.

لكن رئيس محكمة الجنايات القاضي مكرم عواد قال ردا على سؤال لفرانس برس بلهجة حازمة “انا قاضي محكمة جنائية وليست سياسية ولا اتعامل مع المتهمين وفق اي اعتبارات سياسية.. فقط حسب نص القانون”، واضاف “رغم ذاك ندرك انها قضية امن قومي”.

وقال “الحكم بخمس سنين هو اقصى حكم ممكن والسنتان حكم مخفف”، وتابع “روبرت بيكر حصل على عامين لانه بقي وجاء ودافع عن نفسه”.

ويوجد 27 من المتهمين المدانين خارج البلاد، بعد ان سمحت لهم السلطات المصرية في شباط/فبراير 2012 بمغادرة البلاد بكفالة مالية.

وقال مصدر مسؤول في النيابة العامة المصرية انه “من المفترض ان يتم ابلاغ الانتربول المصري بالاحكام الصادرة في حق المتهمين الاجانب لاتخاذ اللازم لمخاطبة حكوماتهم لتسليمهم”. واضاف “الامر كله يتوقف علي وجود اتفاقيات تسليم متهمين مع بلادهم وفي حال عدم وجودها فاننا نطلب محاكمتهم في بلادهم”.

واضاف “سيتم وضع اسماء المتهمين الاجانب علي قوائم ترقب الوصول والمنع من السفر”.

وبدأت المحاكمة في شباط/فبراير 2012 بعد بضعة اشهر من مداهمات جرت في كانون الاول/ديسمبر 2011 لمقار العديد من المنظمات الاجنبية والمحلية.

وادى اندلاع ازمة منظمات المجتمع المدني غير الحكومية العام الماضي الي توتر في العلاقات بين القاهرة وواشنطن، خفت حدتها بسماح القاهرة للمتهمين الاجانب بمغادرة البلاد.

وخلال الازمة المحت واشنطن الى ان محاكمة النشطاء قد تؤثر سلبا على المساعدات السنوية التي تحصل عليها القاهرة. وتصل هذه المساعدات الى 1,3 مليار دولار اميركي يذهب معظمها للجيش المصري.

واثارت الاحكام الصادرة الثلاثاء غضبا دوليا.

وقال وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي في بيان الثلاثاء تعليقا على هذه الاحكام “نشعر بالغضب والقلق العميق إزاء الأحكام القاسية ضد موظفي مؤسسة كونراد أديناور في القاهرة والامر بإغلاق مكتبها. هذا التصرف من قبل القضاء المصري ينذر بالخطر. إنه يضعف المجتمع المدني باعتباره ركيزة هامة من ركائز الديمقراطية في مصر الجديدة “.

وتعهد فسترفيلي بتقديم الدعم لمؤسسة كونراد أديناور لالغاء الاحكام، مضيفا ان المؤسسات السياسية الألمانية قامت ب”عمل ممتاز” في مصر في تسريع الديمقراطية، وسيادة القانون، والتعددية والحوار بين الثقافات.

واستدعت وزارة الخارجية الالمانية بعد الظهر القائم بالاعمال المصري في برلين هشام سيف الدين نظرا لعدم تواجد السفير المصري في المانيا. وابلغت سكرتيرة الدولة لدى الوزارة اميلي هابر القائم بالاعمال المصري بان “الحكومة الالمانية تشعر بقلق عميق” بعد صدور الاحكام، منددة بانه “من غير المفهوم ان يجرى ملاحقة موظفين في مؤسسات سياسية المانية جنائيا”.

وفي بيان لها، ادانت منظمة فريدوم هاوس ب”اشد العبارات الممكنة” الاحكام الصادرة بحق المتهمين في القضية وبينهم 6 من موظفيها وموظف سابق لديها.

وقال ديفيد كريمر، رئيس فريدوم هاوس، ان “القضية كلها منذ البداية قضية مشينة. الحكم يثير السخرية من العملية القضائية في مصر”، واضاف كريمر “لا احد من المتهمين ارتكب اي خطأ. كانوا فقط يعملون مع المصريين لمساعدتهم على ادراك حلمهم بمصر الحرة.. في المقابل تم اخذهم كبش فداء للحكومة المصرية والقضاء اللذين خانا طموحات ثورة يناير 2011”.

ونقل البيان عن نانسي عقيل، مديرة برامج مصر في فريدوم هاوس والتي حكم عليها بالسجن خمس سنوات، قولها “انا محبطة جدا لحكم اليوم ولكني للاسف لست مندهشة”، وتابعت “حكومة الرئيس مرسي واصلت استخدام اساليب مبارك في تهديد، تخويف، واستخدام سلطة الحكومة التعسفية لقمع حرية الراي والتنظيم في مصر”.

وتساءلت عقيل “كيف يمكن للمجتمع الدولي ان يصدق انه ملتزم بالديمقراطية وهو يغلق منظمات مجتمع مدني ويسجن موظفيها الذين كانوا يساعدون المصريين على المشاركة في تشكيل مستقبل بلادهم”.

وقالت سارة لي ويتسون المدير التنفيذي لقسم الشرق الاوسط وشمال افريقيا في هيومن رايتس ووتش “الحكم في قضية المنظمات غير الحكومية في مصر اليوم.. حكم غير عادل وفق قانون غير عادل، ومشروع القانون الجديد لمنظمات المجتمع المدني لن يؤدي لنتائج مختلفة”.

وياتي الحكم في الوقت الذي احال فيه الرئيس المصري الاسبوع الماضي مشروع قانون ينظم عمل منظمات المجتمع المدني الى مجلس الشورى، الذي يتولى حاليا سلطة التشريع في البلاد، على الرغم من احتجاجات عديدة للمنظمات غير الحكومية المصرية التي رأت انه “يفرض مزيدا من القيود” على العمل الاهلي في مصر.

وكان الرئيس المصري قال الاسبوع الماضي ان “الدولة لا تسيطر (…) لا تأمل ولا يجب ان تسيطر على المجتمع المدني”. واضاف ان “الاولوية القصوى لدى مؤسسة الرئاسة تجاه منظمات المجتمع المدني هي دعم الدور الذي تقوم به تلك المنظمات ورفع القيود الإدارية التي تعوق عملها”.

كما وصفت باكينام الشرقاوي مساعدة الرئيس للشؤون السياسية مشروع القانون بانه “يعكس توازنا بين الهدف من الدفاع عن الامن القومي والدفاع عن حريات مجموعات المجتمع المدني”.

ويقضي مشروع القانون بانشاء لجنة تنسيقية يراسها وزير التضامن الاجتماعي، منوط بها الموافقة على طلبات التمويل الاجنبي للمنظمات.

وقالت اربعون منظمة حكومية مصرية في بيان مشترك نشر الجمعة ان مشروع القانون يوضح “توجهات جماعة الإخوان المسلمين في تكريس الهيمنة والوصاية الإدارية الكاملة على كافة مناحي العمل الأهلي”ّ و”يظهر نزعة مفرطة في عدائها لتأسيس منظمات غير حكومية أجنبية داخل مصر” بما في ذلك “المنظمات غير الحكومية الأجنبية المنشأة استنادا إلى اتفاقيات دولية صدقت عليها الحكومة المصرية”.

وتراقب القوى الغربية، ومن بينها الولايات المتحدة وهي من الممولين الرئيسيين لتلك المنظمات في مصر، الوضع عن كثب.

واعتبرت وزارة الخارجية الاميركية في بيان اصدرته مساء الجمعة ان مشروع القانون “يفرض سيطرة حكومية لا يستهان بها وكذلك قيودا على انشاء وتمويل مجموعات المجتمع المدني”.

وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون انها “تخشى ان يتضمن مشروع قانون منظمات المجتمع المدني مواد يمكن ان تعيق دون داع عمل المنظمات غير الحكومية في مصر وتعيق قدرتنا كمانح أجنبي لدعم عملها”، واضافت “لابد ان يتوافق مشروع القانون مع المعايير الدولية والتزامات مصر”.

مصراوي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى