«ظواهر ثقافية» واهتمام مكثف بالطفل

هذه الدورة من معرض الشارقة الدولى للكتاب، التى تنتهى غدا السبت، غير هادئة كمثيلتها العام الماضى، بها قدر غير قليل من الحيوية التى نحبها، من نميمة خارج قاعات الندوات، تعوض قصر مدة الندوة (ساعة واحدة فقط)، مرورا بجدل أثاره فوز فاروق حسنى بجائزة شخصية العام الثقافية، إلى قرار إغلاق إحدى دور النشر بالمعرض، الذى فوجئنا به، حيث قررت إدارة المعرض إغلاق جناح إحدى دور النشر الخليجية لمخالفتها لقوانين حماية الملكية الفكرية، بعد قيامها بإعادة إنتاج إصدارين لدار كلمات الإماراتية ــ المتخصصة فى إنتاج كتب الأطفال ــ دون الحصول على إذن منها.
ووقتها قال أحمد بن ركاض العامرى، مدير المعرض، إن إدارة المعرض تبذل جهودا حثيثة فى التأكد من حصول كل دور النشر المشاركة على حقوق الطباعة والنشر كاملة من أصحابها الأصليين، سواء كانت كتبا منشورة بلغتها الأم أو مترجمة، حفاظا منها على حقوق الملكية الفكرية، للمؤلفين والناشرين والمترجمين.
وفى تفاصيل تلك الواقعة، قال العامرى إن إدارة المعرض علمت بوجود تعد على هذه الحقوق من قبل إحدى دور النشر، فأوفدت أحد مسئولى المعرض للتأكد من ذلك، حيث ثبت قيام تلك الدار بإعادة إنتاج كتابين بأشكال مختلفة سبق أن أصدرتهما دار كلمات فى دولة الإمارات العربية المتحدة، وتم التحقق من عدم حصول تلك الدار الخليجية على حقوق النشر من دار كلمات، فشرعت إدارة المعرض بإغلاق جناح الدار، مع تثبيت الواقعة فى محضر ضبط رسمى حفاظا لحقوق أصحاب النشر الأصليين (دار كلمات) فى التقاضى أمام الجهات القانونية.
والظاهر من الخبر احترام المعرض لحقوق الملكية الفكرية. لكن هل قال أحد إننا لا نحترم هذه الحقوق فى معارضنا؟! المهم من ذلك الخبر هو احترام القانون. وهذا ما لا نجده عندنا.
نحن نعترف بحقوق الملكية الفكرية ولكن لا نستطيع الحفاظ عليها وصونها، والدفاع عنها. نصدّق على اتفاقيات تؤكد حقوق المؤلف والناشر، لكن لا نستطيع أن نواجه مافيا تزوير الكتب، التى تؤثر مباشرة على الناشر، الذى لا يتعاطف معه الناس، وتؤثر مستقبلا على المؤلف الغلبان الذى يعيش من عرق قلمه.
وقد تمنع نفسك من المقارنة إلا أنها كالجثث على ظهرك لا تستطيع حملها، فتلفظها خارجا، إلى أقرب موضوع صحفى تكتبه، وتقارن بين معرض الشارقة الدولى للكتاب، وسوق الكتاب فى مصر، الذى ذكرنا من قبل أننا نظلمه حين نطلق عليه أنه معرض دولى، خاصة فى مثل هذه النقطة الخاصة بتزوير الكتب.
ففى سوق القاهرة للكتاب، يحاول الناشرون، بمساعدة بعض المؤلفين الذين يكتشف بعضهم تزوير كتبهم، وقف بيع الكتب المزورة. ولكن لا حياة لمن تنادى. شرطة المصنفات الفنية لا تتحرك إلا إذا تحرك الناشرون أنفسهم، وكانوا على رأس قوة مداهمة دور النشر المزورة، فى الوقت الذى تنشغل فيه وزارة الثقافة المصرية فى الترحاب بضيوفها، بعد أن توقفت عن الإعلان الوهمى لحضور اسماء كبيرة من الروائيين والمفكرين، فضلا عن انشغال اتحاد الناشرين وهيئة الكتاب ووزارة الثقافة ببحث الوهم السنوى لتعويض الناشرين، ومد أيام المعرض.
أما النقطة التى ظلت حديث الناس من يوم الافتتاح إلى وقت كتابة هذه السطور، فهى فوز فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق بجائزة شخصية العام الثقافية. وهى النقطة التى لم يتركها الناس سواء فى أحاديث النميمة، أو فى الندوات، خاصة بعد حالة التصفيق الهائلة التى شارك فيها مسئولون حاليون فى وزارة ثقافة الدكتور صابر عرب. فقد وجد الناقد الدكتور صبرى حافظ الفرصة متاحة فى ندوته التى حملت عنوان: «صناعة الثقافة أم صناعة المثقف»، فقال: «إن بعض المثقفين أحيانا لا يقل دورهم بشاعة عن رجال الأمن»، مؤكدا أن فاروق حسنى، لا تقل خدماته عن خدمات وزير الداخلية حبيب العادلى فى تدعيم نظام حسنى مبارك.
لكن اللافت للنظر فى معرض الشارقة للكتاب هو اهتمامه الشديد بأمرين، ليس بينهما الاهتمام الزائد بالاسماء الكبرى فى عالم الأدب. الاهتمام الأول بثقافة الطفل، والثانى تدعيم القراءة وتدعيم شراء الكتب. فتجد المعرض يخصص مبالغ مالية لشراء الكتب من دور النشر العربية، وتوزيع كتب على القراء، وتكتشف أن البرنامج الثقافى مملوء ندوات عن ثقافة الطفل، وورش تعليم للطفل، وتنظيم رحلات لتلاميذ المدارس، وتشاهد كيف أقام المعرض نماذج رائعة لتعريف الطفل الكون من حوله، ليرى كيف تدور الشمس. ومن بين ورش العمل الجاذبة، ورشة تحمل عنوان: سيؤول صديقة البيئة، الطاقة الخضراء، حيث تهتم هذه الورشة بصناعة المراوح الخاصة المرسومة والملونة وفق الأسلوب الكورى، وذلك باستخدام الورق الكورى التقليدى، وأقلام التلوين الخشبية، وأقلام الشمع والألوان الزيتية والحبر الكورى، وهناك أيضا ورشة متحف الفنون الأقنعة.
وهناك مسرحيات خاصة للأطفال، مثل مسرح الحكواتى، حيث يتم تقديم قصص وأغان من فلسطين، وعروض فنية مشوقة للكبار والصغار، تقدمها الحكواتية دنيس أسعد، بصحبة الفنان كمال خليل، وذلك عبر رحلة خيالية ممتعة، تعرض لجوانب عديدة من فلسطين، بالاعتماد على سلسلة من الحكايات والأغانى الشعبية. وأتذكر أن دنيس أسعد قالت إن الأطفال فى العالم العربى لا يعرفون المدن الفلسطينية!
الشروق