الأخبار

حزب “النور” السلفي.. والمواقف “المايعة”

 

 

231

أصبح حزب النور السلفى, ممثلاً للتيار الإسلام السياسى فى الحياة السياسية المصرية, وذلك بعد أن أيد ثورة 30 يونيو لإسقاط الرئيس المعزول محمد مرسى, بشكل متأخر وعقب خروج الملايين للشوارع للمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة, وهذا الموقف تماما حدث من قبل التيار السفى إبان ثورة 25يناير.

البعض يصف تحركات ومواقف حزب النور السلفى بـ”الميوعة” السياسية والرقص على السلالم, ولاعباً على كل “الحبال”، وذلك منذ ثورة يناير ومشاركته فيها  حيث خرجت منشورات المشايخ السلفية إبان الثورة تُكفر الخروج على الحاكم, وترفض  المظاهرات ضده وسط إتهامات وجهت لهم بأنهم كانوا عملاء  لجهاز أمن الدولة, ولكن سرعان ما نجحت الثورة  وظهروا على الساحة السياسية, وكأنهم هم من قاموا بالثورة  وشاركوا فى صناعتها وإسقاط الديكتاتور حسنى مبارك, حيث قاموا بترديد نغمة الدفاع عن الشريعة الإسلامية, وتطبيق شرع الله وذلك من خلال التأكد على هوية المادة الثانية, وتصوير الأمر للرأى العام أن القوى المدنية تسعى لعلمانية الدولة, وترفض تطبيق الشريعة  الإسلامية.
جاء هذا الأمر فى إطار استفتاء 19 مارس  الذى تم على خارطة الطريق, وتعديل الدستور والسماح لإنشاء أحزاب ذات مرجعية دينية, وهو الأمر الذى دافع عنه السلفيين وتنظيم الإخوان, بكل قوة  من أجل التصويت على الإستفتاء بـ”نعم” ليتم إنشاء الحزب ويبدأ مرحلة الصراع متخفى فى غطاء الشريعة الإسلامية, وملازم لتنظيم الإخوان فى كل أفعاله وأعماله، لحين إجراء الانتخابات الرئاسية وإعلان دعمه الكامل للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح  المرشح الرئاسى السابق فى الجولة الأولى, ومن ثم دعم مرشح الإخوان د.محمد مرسى, فى الجولة الثانية فى الوقت الذى قاموا بعمل لقاءات سرية مع الفريق أحمد شفيق المرشح الذى حل ثانى فى الانتخابات الرئاسية , وذلك لكسب وده فى حالة فوزه بالرئاسة وهذه الزيارة التى آثاره ضجة سياسية فى الشارع المصرى وعقب هذه الأزمة بدأ الصراع الخفى بين الإخوان والنور  يظهر للعلن مما تسببت فى انشقاقات داخل قيادات حزب النور, وتكوينهم لحزب آخر يسمى “الوطن” فبدأ الحزب يعارض الإخوان ولكن مع التواصل معهم  فاحتجوا على أخونة الدولة,  وأيضا رفض استمرار حكومة د.هشام قنديل رئيس الوزراء السابق  وطريقة تولى النائب العام المستشار طلعت عبدالله الملقب بالنائب العام الإخوانى.
ومع تواصل حزب النور فى اللجنة التأسيسة لوضع الدستور وموافقته على الدستور بالإضافة إلى قيامه بجولات سياسية مع جبهة الإنقاذ, فى نفس الوقت قيام قيادات الحزب بالتواصل مع رئاسة الجمهورية و تنظيم الإخوان والدخول معهم فى مفاوضات بشأن الأوضاع التى تمر بها البلاد.
هذه المواقف لم تكن غريبة عن حزب النور لأنه  كثيراً ما تم ضبطه متلبساً بمواقف “سرية” تتناقض مع مواقفه العلنية، منها ما أدى في وقت سابق إلى انشقاقات داخلية واستقالات جماعية لنحو 150 من قادته وأعضائه الفاعلين الذين هجروه على خلفية انكشاف لقاء تنسيقي سري جمع برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية وآخرين بالحزب مع المرشح الرئاسي الخاسر الفريق أحمد شفيق قبيل الانتخابات الرئاسية على عكس الموقف العلني للحزب الذي كان مناهضاً لـ  شفيق.
الحزب لم يعلن موقفه الواضح من 30 يونيو وأصدر بيانًا رسميًا   يؤكد فيه عدم مشاركته فى أى تظاهرات مؤيدة أو مناهضة  فى 30 يونيو ومن ثم نرى ممثلاً له,  فى جلسة الفريق أول عبد الفتاح السيسى, وزير الدفاع والإنتاج الحربى, يوم 3 يوليو الخاصة بعزل مرسى وإعلان خارطة الطريق بشأن المرحلة الإنتقالية.
وكان ممثل حزب النور هو المهندس جلال المرة, والذى أكد أن مساندتهم لخارطة الطريق كانت من أجل حماية مصر من الحرب الأهلية, وذلك فى الوقت الذى اتفق النور فى جلسة السيسى على عدم حل مجلس الشورى ليكون الغرفة التشريعة بالإضافة إلى  الإبقاء على مواد الشريعة الإسلامية فى الدستور وعدم التعريض لها, والسعى نحو إلغاء المادة المفسرة الخاصة بالشريعة الإسلامية و يهدد قيادات حزب النور بالتهديد والوعيد وعدم الإلتزام بخارطة الطريق فى حالة الاقتراب من مواد الخاصة بالشريعة الإسلامية لدرجة التهديد بالخروج من الحياة السياسية والعودة الى الدعوة فقط .
وبدأ المرحلة الإنتقالية  برئاسة  المستشار عدلى منصور, ويدعو القوى السياسية المختلفة للحوار ويرفض حزب النور اللقاء , ومن ثم تبدأ جولات العدالة الإنتقالية  ويرفض الحزب أيضا الحضور  خاصة فى ظل توقيت الجولات الخارجية التى كانت تجريها وفود دولية مع قيادات الإخوان  فى السجون وسط تطلعات من جانب الإسلاميين للحلول الوسط  وإعادة  الإخوان للحياة السياسية.
وعقب ذلك حدثت أحداث الحرس الجمهورى ليخرج حزب النور ويعلن رفضه لخارطة الطريق وعدم إعترافه بالسلطة الحاكمة  بالإَضافة إلى مطالبته بمحاكمة المسؤلين عن هذه الواقعة  ويستمر رفضه للأوضاع ، ومع تكرار هذه  الاحداث مثل المنصة ورمسيس  ليصرح الحزب بأنه غير معترف  بخارطة الطريق خاصة فى ظل طرح د.محمد البرادعى, لرئاسة مجلس الوزراء  ورفضه النور وقال أن هذا الإختيار مرفوض حتى تم إختيار د.سمير رضوان وتم رفضه أيضا  ليتم إختيار د.حازم الببلاوى رئيس الوزراء الحالى.
وبالإنتهاء من تشكيل الحكومة أبدى حزب النور اعتراضه على الإعلان الدستورى الذى أًصدره الرئيس عدلى منصور  خاصة فيما يتعلق بمجلس الشورى  ولكن دون جدى  حتى أتت معركة لجنة الخمسين الخاصة بتعديل الدستور وأستمرت التهديدات من قبل الحزب بالإنسحاب حتى يحضر الحزب ثانى الجلسة وسط تواتر أنباء عن صفقة عقدها الحزب، لإنهاء هذه الأزمة  حيث أكد بسام الزرقا، ممثل حزب النور السلفي، في لجنة الخمسين لتعديل صياغة الدستور المصري، أن الحزب يرحب بإلغاء المادة 219 مقابل تعديل المادة الثانية من الدستور .
وأضاف الزرقا أن الحزب يقترح حذف كلمة “مبادئ” من المادة الثانية لتصبح المادة “الدين الإسلامي هو الدين الرسمي للدولة، واللغة العربية هي اللغة الرسمية، والشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع”.
وتعليقا على هذه المواقف، قال الأمين العام لاتحاد علماء الصوفية الأزهري الشيخ أشرف سعد, إن حزب النور, دائماً يلعب على كل الحبال، فقد أرسل وفداً منذ عدة أشهر إلى أمريكا سعياً إلى دعمها للحلول محل جماعة الإخوان، فالسلفيون منذ تكوينهم لهم أطماع سياسية ويفكرون في الحكم مثل الإخوان تماماً بفارق واحد بينهما، وهو أن الإخوان بعكس السلفيين يمارسون السياسة علناً.
ومن جانبه أفاد الدكتور نشأت الديهي، أستاذ العلوم السياسية مدير مركز أبحاث الثورة، بأن حزب النور دائماً يسعى لإرضاء جميع الأطراف ما يوقعه في التناقضات، وهو يفعل ذلك أملاً في وراثة مكانة الإخوان في الشارع المصري، فقد حضر “النور” خارطة الطريق يوم 3 يوليو الماضي ليقول إنه مع عزل مرسي إرضاءً للجيش ومجاملة لثوار 30 يونيو، ثم يطالب بعدم حذف المادة 219 مخاطباً الشباب المنتمي للتيارات الإسلامية المختلفة الغاضبين منه لإعلان عدم التظاهر ضد الحكومة الحالية.
وأضاف الديهى:”لايستبعد نجاح حزب النور في مسعاه، لخلو الساحة السياسية تماماً  لكنه يعتبر وريث غير شرعي للإخوان لأنه يمارس السياسة بالتفاف والتواء عن طريق “الشريعة”, مشيراً إلى أن حزب النور دفع ونجح في دستور 2012 بالتحالف مع الإخوان نحو زرع أسس الدولة الدينية التي تعلو فيها فتاوى الفقهاء على نصوص الدستور، والسلطات المنتخبة، ومن ذلك المواد التي تقيد حرية العقيدة وتنتقص المساواة بين المرأة والرجل.
من جانبه قال د. على السلمى, نائب رئيس مجلس الوزراء السابق, لـ”بوابة الوفد” أن مواقف حزب النور  طوال حياته السياسية القصيرة تؤكد أنه غير مُدرك للحياة السياسية فى مصر, وأن حقيقة اللعب على المشاعر الدينة تم اكتشافه من قبل الرأى العام المصرى  خاصة فى ظل الأقوال التى يتم ترديدها بدون أى أفعال تجاه  تطبيق الشريعة الإسلامية كما يزعمون.
وأكد السلمى على أن النور يعتمدا عل مبدأ التهديدات وإطلاق التصريحات النارية وهذا أمر مرفوض خاصة أنه فصيل سياسى ذات أقلية ومن يملكوا الأغلبية هم من يديرو البلاد وهم أيضا من خرجوا فى 30 يونيو وبالتالى عليهم الإحتكام لإرادة الشعب  وتهديداتهم بشأن لجنة الخمسين أمر مرفوض قائلا:” تهديدات النور مرفوضة والحزب يعمل من أجل مصلحته.
فى السياق ذاته قال د.محمود العلايلى, عضو الهيئة العليا لحزب المصريين الأحرار لـ”بوابة الوفد”  أن حزب النور  له رية خاصة به وهى رؤية التردد وفق المصلحة والرقص على السلم السياسى, ومسك العصا من الوسط  وهذا أمر مرفوض لأن الحالة السياسية فى مصر تحتاج الموقف الواضح وليس “الميوعة” السياسية.

الوفد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى