هوى العفو الدولية!!

5

 

عندما يكون للمنظمات الدولية هوى فى توجهاتها بشأن قضية ما أو دولة ما، فإنها ترى الأمور بنظرة أحادية ومعها خلفيات الغرض والمرض، حتى لو كانت الغايات والعناوين المرفوعة نبيلة ومتسلحة بعهد دولى لحقوق الإنسان ومعايير دولية للكرامة الإنسانية، أكتب هذه الكلمات للتعليق على مداخلة هاتفية من مندوب منظمة العفو الدولية مع الإعلامى محمد الجندى فى البث المباشر لقناة (سى بى سى)، يتحدث فيها عن تحفظات على محاكمة مرسى، بدأها بمغالطات تتعلق بجهل بالقانون المصرى، بقوله إن هيئة المحكمة لم تسمح لأحد بالاطلاع على القضية، فى حين أن الجلسة إجرائية ومنح القاضى للجميع وقتاً كافياً للاطلاع بتأجيلها إلى 8 يناير المقبل وهو ما تجاهله مندوب المنظمة الدولية الأكثر انتقاداً للسلطات المصرية، وأكمل أفكاره المتداخلة عن المحاكمة بالقول إن مرسى لم يلتقِ بمحاميه حتى الآن، رغم أن المعزول نفسه رفض لقاء أو توكيل أى محامٍ، وهو ما أعلن بعد جلسة محاكمة أمس بل ردده مرسى فى قفصه، وواصل الحديث عن تحفظاته مشيراً إلى أن مرسى لم يلتقِ أى محامين أو نشطاء لحقوق الإنسان، فى حين أن وفداً حقوقياً التقاه، ملاحظات مندوب العفو الدولية صححها له أستاذا قانون كانا ضيفين على البث المباشر، وعاتباه بالحجة لتصحيح ما جاء فى مداخلته بشأن محاكمة مرسى، المداخلة نقطة فى بحر الهوى للمنظمات الدولية التى لا نرى جميعها غارقاً فى محيط الخطيئة، ونعتبر بعض تدخلاتها شيئاً محموداً، ولكن إذا التزمت بحياد الحقيقة وأسانيد المعايير الدولية دون رغبة الأجندات!!

المداخلة تطرح سؤالاً حول كفاءة القائمين على تقارير هذه المنظمات خاصة المندوبين المحليين، فجميعهم يأتى من خلفيات فكرية معينة أغلبها من اليسار، ويحملون توجهات ما تجاه حركة المجتمع والدولة ولديهم رؤى لا تتفق مع السياق المجتمعى المصرى، وبعضهم ينتمى إلى مجموعات النشطاء السياسيين، ومن ثم يكتب محملاً بإرثه الفكرى وأجندته، مغيباً معايير الحياد والموضوعية والتوازن فى تقرير يقال عنه «دولى»، تجاه أحداث أو وقائع أو استحقاقات سياسية، المبالغات هى دستور لهذه التقارير التى يكتبها هؤلاء النشطاء -أقصد الحقوقيين- فيأتى أغلبها محملاً بأحكام قطعية وأوصاف عامة بعيداً عن الدقة فى توصيف مشاهد ووقائع تحمل بداخلها تناقضات جمة تحتاج إلى أشخاص ذوى قدرة خاصة لكيلا يحيدوا عن خط الحقيقة، فلكل مشهد ظروف وملابسات ينبغى وضعها فى الاعتبار دون اللجوء إلى مباشرة الأحكام والقطع لأنها سبيل الضعفاء الذين غابت عنهم الكفاءة والكفاية، الكتابة بالهوى تكون أحياناً ضمانة للحصول على دولارات التمويل مع الاحترام لاستثناء الشرفاء النبلاء الذين يعملون فعلاً من أجل الإنسانية، ولكنهم بطبيعة الحال قلة بين كثير يحمل بين جنبيه قيم الانحياز ويغلب عليها قيم الضمير والأمانة والحق، نريد لكل منظمة دولية تعمل فى مصر أن تلتزم بالمعايير فى اختيار مندوبيها فى مصر ولا تكون مثل بعض الصحف الغربية التى توظف منتمين لتيارات سياسية وليس صحفيين!!

 

الوطن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى