تراجع الجنيه المصري يصب في صالح الاقتصاد

1

 أحمد جمال
تراجع قيمة العملة يزيد من فرص الصادرات والسياحة ويجذب رؤوس أموال جديدة للبورصة ويمهد لموافقة صندوق النقد الدولي تمرير قرض بقيمة 4.8 مليار دولار.

وضعت الظروف الاقتصادية المتأزمة التي تمر بها مصر في الفترة الأخيرة، حكومة البلاد في مأزق صعب لاقتناص إيجابيات الانخفاض المتوالي في قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي، وسط مخاوف من تفاقم سلبيات هذا الانخفاض الذي يزيد من ضغوط المعيشة على طبقتي الفقراء ومتوسطي الدخل في مصر.

وعلى طريقة نصف الكوب الممتلئ يقول خبراء اقتصاد، إن لتراجع قيمة العملة المحلية إيجابيات، لكن يظل استغلالها رهن اتخاذ الحكومة المصرية خطوات حاسمة للرقابة على الأسواق، وضبط انفلات الأسعار ومواجهة ممارسات “متوحشة” للاحتكار”.

وقفزت أسعار صرف الدولار أمام الجنيه بنحو 9.1% منذ 20 ديسمبر الماضي وحتى تعاملات اليوم الأثنين، ليصل سعر صرف الدولار إلى 6.71 جنيه، مقابل 6.15 جنيه.

وقالت بسنت فهمي، مستشارة لواحد من البنوك الإقليمية: “غالبا ما يكون لتراجع قيمة العملة المصرية أمام الدولار تأثيرات سلبية على الاقتصاد، لكن في المقابل هناك إيجابيات لابد من النظر إليها بعين الاعتبار والاستفادة منها بل واقتناصها ولا يجب أن نقف مكتوفي الأيدي أمام استقبال التداعيات غير المرغوبة”.

وأضافت فهمي، الخبيرة الاقتصادية، في مكالمة هاتفية لوكالة الأناضول للأنباء، أن انخفاض قيمة الجنيه سيدعم الصادرات المصرية ويجعل أسعارها أكثر تنافسية، ما يساعد على الحفاظ على حصيلة البلاد من العملات الأجنبية.

وأشارت إلى أن “الاحتفاظ بحجم صادراتنا سيؤدي حتما للإبقاء علي العمالة في قطاع التصدير، واستمرار عمل الكثير من المصانع التي واجهت شبح الإغلاق على مدار العامين الماضيين بسبب تباطؤ التصدير في العديد من القطاعات”.

وقالت فهمي :” رغم أن من سلبيات تراجع قيمة العملة ارتفاع فاتورة الواردات وبالتالي ارتفاع أسعار بعض السلع المحلية التي يتم استيرادها، إلا أن ذلك سيؤدي إلى تقليص استيراد سلع كثيرة لرخص أسعارها، ما يؤدي إلى تقليص عجز الميزان التجاري للدولة”.

ووفق بيان أصدره جهاز الإحصاء المصري، اليوم الأثنين، فقد ارتفع قيمة العجز بالميزان التجاري المصري إلى 21.53 مليار جنيه (تعادل نحو 3.2 مليار دولار)، خلال نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، مقابل16.71 مليار جنيه لنفس الشهر من العام 2011، بزيادة 28.8٪.

لكن خبيرة الاقتصاد، رهنت الاستفادة من إيجابيات تراجع قيمة العملة المحلية بقدرة الحكومة الراهنة على اتخاذ خطوات حاسمة للرقابة على الأسواق وضبط الأسعار ومواجهة المحتكرين.

وقالت :” لابد من عودة الرقابة على الأسواق لحماية الفقراء والطبقة المتوسطة التي اختفت وبدونها لن يتحرك الاقتصاد”.

وأضافت :” لا بديل عن الرقابة خلال عام على الأقل لإحداث توازن في الأسعار وعدم إتاحة الفرصة للمحتكرين لمزيد من التوحش باستغلال ارتفاع أسعار الدولار وزيادة أسعار السلع المستوردة”.

ووصفت فهمي سعر الجنيه المصري بالمبالغ فيه في الوقت الحالي، وينبغي أن يكون متراجعا أيضا عن المعدلات الحالية، حيث تم دعمه بشكل كبير على مدار السنوات الماضية.

وأوضحت :” للأسف كانت الحكومة تدعم الجنيه بسبب السياسة النقدية للبنك المركزي على مدار السنوات الماضية، الذي لجأ إلى استنزاف احتياطي النقد الأجنبي على مدار العامين الماضيين للحفاظ على قيمة الجنيه”.

وأضافت :” سياسة دعم العملة خاطئة، فهي تدعم المستورد وليس المنتج في مصر، وهذا ما تسبب في خراب الاقتصاد”.

وتشير البيانات الرسمية الصادرة عن البنك المركزي المصري، إلى أن احتياطي البلاد من النقدي الأجنبي تراجع بوتيرة حادة من نحو 36 مليار دولار في ديسمبر/كانون الأول 2010 أي قبل اندلاع الثورة بشهر، إلى 13.6 مليار دولار بنهاية يناير/ كانون الثاني الماضي.

وأثار ارتفاع أسعار الدولار، أمام الجنيه المصري، مخاوف الكثيرين من تعرض البلاد لموجة تضخم نتيجة ارتفاع أسعار السلع، لاسيما وأن جزء كبير من السلع الرئيسية يتم استيرادها من الخارج لاسيما القمح والزيوت.

ويقول محللون بالسوق المصري إن تراجع سعر صرف الجنيه مقابل الدولار سيدعم قطاع السياحة، واحد من أهم وارد النقد الأجنبي لمصر.

وأعلن وزير السياحة المصري، هشام زعزوع، في تصريحات سابقة، ارتفاع إجمالي عدد السائحين الذين زاروا مصر خلال العام الجاري، إلى 10.5 مليون سائح في مقابل 8.3 مليون سائح زاروا مصر خلال العام الماضي، بنسبة زيادة سجلت نحو 17.4%، وبإجمالي إيرادات بلغ 9.37 مليار دولار.

وقال محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، وهي جمعية أهلية عاملة في أبحاث الاستثمار والأوراق المالية، :” هناك خطورة من ارتفاع أسعار الواردات وزيادة معدلات التضخم، ما يمثل ضغوط على الاقتصاد الباحث عن التعافي”.

ووفقا لتقرير إدارة معايير العمل الدولية بمنظمة العمل الدولية، في جنيف، صادر أمس الأحد ، فإن الاضطرابات التي لحقت بالأنشطة الاقتصادية عقب الثورة المصرية أدت إلى زيادة معدلات الفقر إلى 25.2% خلال عامي 2010، 2011، مقابل 21.6% في الفترة ما بين عامي 2008 – 2009.

وتتقارب هذه الأرقام مع ما أعلنه الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء المصري بداية شهر فبراير/ شباط الجاري بأنها بلغت نحو 25% من إجمالي عدد السكان البالغ 91.2 مليون نسمة، حسب إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بنهاية يناير الماضي.

لكن نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، أشار في مكالمة هاتفية لوكالة الأناضول للأنباء، إلى أن لتراجع قيمة الجنيه إيجابيات على الاستثمار وعلى البورصة بشكل خاص.

وأضاف :” انخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار يجعل الأسهم المصرية أرخص سعرا بالنسبة للمستثمرين الأجانب إذا ما تم تقويمها بالعملة الأمريكية”.

وقال الدكتور فخري الفقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ومساعد المدير التنفيذي السابق لصندوق النقد الدولي، إن تخفيض سعر الصرف يعزز من مفاوضات مصر لاقتراض 4.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.

وقال وزير المالية المصري المرسي حجازي، اليوم الأثنين، إن الحكومة انتهت من تعديل برنامج الإصلاح الاقتصادي تمهيدا لدعوة بعثة صندوق النقد لزيارة مصر لاستئناف مفاوضات بشأن قرض بقيمة 4.8 مليار دولار.

وأضاف الفقي، أن الحكومة اتخذت خطوات في الفترة الماضية تصب في إطار موافقة صندوق النقد على إقراض البلاد وربما يمثل تخفيض سعر الصرف استجابة من الحكومة لطلبات صندوق النقد الدولي للحصول على القرض الذي يعد ضروري لعلاج جزئي لمشكلة تآكل احتياطيات البنك المركزي والمساهمة في تقليص عجز الموازنة.

وتشير التقديرات الحكومية، إلى أن عجز الموازنة المتوقع خلال العام المالي الحالي 2012/2013 المقرر انقضاؤه نهاية يونيو/ حزيران المقبل، يتجاوز نحو 200 مليار جنيه (تعادل نحو 29.85 مليار دولار).

وكالة الأناضول للأنباء

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى