ميلاد زكريا يكتب: بلال فضل.. حاحا

 

 

2

 

لم تكن ثورة 30 يونيو مجرد طوفان بشرى اكتسح شوارع مصر، وكنس فى طريقه الإخوان الإرهابيين والمؤامرة الأمريكية الإسرائيلية على بلادنا، بل كانت فى الحقيقة نوراً ساطعاً فضح كثيراً من العفن الذى يستوطن بلادنا.

عرفته فى ديسمبر 1995، لدى تأسيس جريدة «الدستور». كان فتى يتوهج بالموهبة يشغل منصب سكرتير التحرير، وكنت أنا أدير قسم التصحيح، حتى قرر الأستاذ إبراهيم عيسى رئيس التحرير، تصعيدى إلى الديسك وسكرتارية التحرير تحت إشراف «بلال». لم يمضِ وقت طويل على التجربة التى صدر قرار مباركى بغلقها. وفى أشهرها الأخيرة، ساءت العلاقة بين «عيسى وبلال» بسبب شُبهات تفيد بأن «بلال» يستغل صفحات الفن فى الجريدة للتقرّب من الوسط الفنى وتقديم نفسه ككاتب سيناريو، مستفيداً من موهبته الفطرية الفذّة فى الكوميديا والكتابة الساخرة.

احتجاجاً على غلق «الدستور»، نظمنا اعتصامات فى مقر نقابة الصحفيين فى مقرها المؤقت أيامها، وكان مجاوراً لقسم الأزبكية. واكتفى «بلال» يومها بزيارتنا والمغادرة سريعاً، نظراً لحساسية موقفه، لأنه وقتها لم يكن قد حصل على الجنسية المصرية، وكان إبراهيم عيسى يتخوّف من القبض عليه باعتباره حاملاً الجنسية اليمنية وليس مصرياً.

مر عامان، جرّب خلالها «بلال» حظّه فى الصحافة مجدداً، من خلال جريدة «الجيل»، لكنها خابت. وفى عام 2000، وبعد تعديل القوانين، نال بلال فضل الجنسية المصرية. ثم شارك فى تأسيس جريدة القاهرة الحكومية التابعة لوزارة فاروق حسنى. وضحكت له الدنيا بعد ذلك، حيث أطلق ما يمكن تسميته سينما التنوير فى مصر من خلال سلسلة أفلام عظيمة وراقية أذكر منها «حرامية فى كى جى تو، خالتى فرنسا، الباشا تلميذ، سيد العاطفى، على سبايسى، عودة الندلة، حاحا وتفاحة، بلطية العايمة، وش إجرام»، وغيرها من الأفلام الخالدة التى حوّلت مسار الفن المصرى إلى الأبد، وشكّلت وجدان الجماهير.

واحتشدت روائع بلال فضل السينمائية، بمئات النكات والقفشات والإفيهات التى لا يمكن أن يكتبها إلا مواطن مصرى، لكن حقاً هل يكفى إطلاق النكات وختم شعار الجمهورية ورُزمة من الأوراق والتوقيعات، لكى يصبح الإنسان مصرياً؟

بعد ثورة 30 يونيو، أتحفنا صاحب رائعة «حاحا وتفاحة»، بسلسلة من المقالات فى صحيفة «الشروق»، التى انفردت حصرياً بمقالات لكائنات من نوعية وائل قنديل وفهمى هويدى وعبدالمنعم أبوالفتوح. وكانت مقالات «بلال» فى المجمل، ضد مكتسبات ثورة مصر، وضد جيش مصر. وأستطيع أن أتفهّم ذلك، فالرجل لا يعرف ما يعنى جيش مصر، لم يكن يوماً جندياً فيه، وبالتأكيد فإن أهله فى اليمن لم يكن بينهم أحد مجنّد فى جيش مصر، وبالتأكيد ليس لديه قريب أو ابن عم أو ابنة خالة أصيبوا برصاص الإخوان، لكن ما لا أفهمه هو كيف تكون هناك علاقة بين «حاحا وتفاحة» والدفاع عن إرهاب الإخوان.

الموجز

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى