50 عاماً في خدمة كرة القدم

 

34

 

 

ا ف ب – بيروت, (ا ف ب) – جلس الالماني يوب هاينيكس 34 عاما على مقعد القيادة قبل ان يعلق نشاطه. قرار اتخذه في سن الـ68 بعد ثلاثية بايرن ميونيخ التاريخية، لكنه لم يجزم تقاعده علما ان “ايحاءات” تفضيله الخلود الى الراحة ولو موقتا ظهرت واضحة من خلال قرار مساعده “الامين” بيتر هيرمان الانتقال الى شالكه بينما عزا مطلعون خياره الى تأثره برأي زوجته ومستشارته ايريس.

ترك هاينكيس، الذي ينتهي عقده مع النادي البافاري في نهاية حزيران/يونيو الباب مفتوحا حول مستقبله في مجال التدريب، معلنا عن توجهه “لقضاء اجازة لتقويم الامور”، مشيرا الى انه “لا احب كلمة نهائيا” على رغم وجود “حياة بعد الحياة الاحترافية”.

تطرق مراقبون الى ردة فعل هاينكيس “غير المعلنة” ازاء اعلان ادارة بايرن في مطلع هذه السنة التعاقد مع مدرب برشلونة السابق الاسباني جوسيب غوارديولا، فاعتبروا ان كرامة “مستر يوب” جُرحت باعتبار انه لم يستشر في شأن اختيار المدرب الجديد.

من جهته، ظلل هاينكيس خطواته بعد انتهاء عقده مع بايرن بالغموض، اذ لطالما ردد قبل اشهر انه يعلم جيدا منذ مدة كيف سيكون مستقبله. واتبع هذه التصريحات باخرى مفادها انه “لم يتقرر شيء بعد… وكل شيء ممكن”.

وعلى غرار تعليقات رئيس الاتحاد الدولي “فيفا” السويسري جوزف بلاتر عن ان النشاط والقابلية للعمل لا يرتبطان بالعمر، قال هاينكيس: “عندما تولى اديناور منصب المستشار في المانيا كان في سن الـ73، وانتخب البابا فرنسيس في سن الـ76. لذا، اظن ان من حقي ان افكر واخطط واحلم”.

هاينكيس الذي بات رابع مدرب يقود فريقين مختلفين الى لقب المسابقة القارية، يعتبره بعضهم وجها اسطوريا في عالم كرة القدم. فاللاعب السابق الذي اعتزل باكرا بسبب التهاب ضرب مفاصل ركبته اليمنى وخضوعه لاربع جراحات في القدم، يبدو جدا لعدد كبير من لاعبي بايرن وحتى لغوارديولا الذي يخلفه في 26 الجاري.

يطلق على هاينكيس في المانيا لقب “اوسرام” وهي ماركة لمبات متينة، وذلك لانه يتحمل ضغطا كبيرا على طريقة نظيره الاسكتلندي الكيس فيرغوسون، مدرب مانشستر يونايتد الذي اعلن اعتزاله اخيرا.

يصنف هاينكيس بين افضل المدربين في العالم. هو ابن حداد انجب 10 اولاد، وكان تاسع حبات العنقود. عرف لاعبا مهاجما في مونشغلادباخ (1963 – 1967 و1970 -1978) وهانوفر (1967 – 1970). توج مرتين هدافا للبوندسليغا، وهو ثالث أفضل هدافي الدوري بـ220 هدفا في 369 مباراة. احرز بطولة الدوري 4 مرات، وكأس الاتحاد الاوروبي (1975). وخاض 39 مباراة دولية سجل فيها 14 هدفا. وحصد مع “المانشافت”، بطولة اوروبا عام 1972 وكأس العالم عام 1974.

ولد هاينكيس وترعرع في الاحياء الشعبية لمونشغلادباخ على بعد 7 كيلومترات من ستاد بوكلبرغ، وعاش الفترة الذهبية لقوة ضاربة حصدت اللقب 4 مرات (بين 1971 و1977) بفضل نزعتها الهجومية. لكن من سوء طالعه انه كان معاصري لاعب بايرن “المدفعجي” غيرد موللر او “خلاصة الهدافين”.

ويتحسر هاينكيس على تلك المرحلة “فلولا الاصابة لاستطعت البقاء في الملاعب 4 سنوات اخرى على الاقل، وتسجيل نحو 150 هدفا”.

مسيرة هاينكيس التدريبية التي بدأها في سن الـ34، عرفت مدا وجزرا. فقد حصد لريال مدريد لقب دوري ابطال اوروبا بعدما غاب النادي الاسباني عن منصات التتويج 32 عاما، وفجأة استغني عن خدماته للنتائج المتواضعة في الـ”ليغا” (المركز الرابع)!، علما ان السبب الاساسي علاقته السيئة مع مجلس الادارة.

قبلها اهل هاينكيس الذي يتقن الاسبانية، اتلتيكو مدريد (1994) وتينيريفي (1996) لمسابقة كأس الاتحاد الاوروبي.

عموما، لم يُهضم هاينكيس كثيرا في البوندسليغا، ووصف احيانا بانه “مدرب قديم العهد”، وانتقد “اسلوبه الممل”. وعندما استغنى شالكه عن خدماته عام 2004، قال مدير الفريق رودي اساور ان “يوب ينتمي الى المدرسة القديمة ونحن في عام 2004”. وكان رد هانيكيس مختصرا “لا بديل عن الانصباط والالتزام لانهما اقصر الطرق الى النجاح”.

غير ان تلك الانتقادات او وجهات نظر، تبقى اقل وطأة من تصادمه مع نجوم اينتراخت فرانكفورت جاي جاي اوكوشا وانطوني يبواه وماوريسيو غودينو خلال قيادته الفريق (1994 – 1995). وعام 2007، لم تصمد عودته الى مونشغلادباخ الا 8 اشهر، اذ خاض الفريق 14 مباراة من دون ان يحقق اي فوز.

يومها فضل الابتعاد لدواع صحية، علما ان مقربين كشفوا انه تعرض لتهديدات بالقتل.

بعدها، بدأت تتحضر فصول حلقتين من قصته المشوقة مع بايرن ميونيخ، معطوفتين على الحلقة الاولى (1987 – 1991) التي شهدت التتويج مرتين بلقب الدوري (1989 و1990).

فقد درب هاينيكس بايرن من 27 نيسان (ابريل) 2009 حتى نهاية الموسم بعد اقالة يورغن كلينسمان. ثم كانت المرة الثالثة بدءا من آذار (مارس) 2011.

يذكر هاينكيس ان اولي هونيس رئيس لجنة الاشراف في النادي اتصل به هاتفيا عام 2009, و”وافقت على العرض في غضون 5 دقائق”. ويضيف: ” قبلت المهمة من منطلق الصداقة التي تربطني به ولعبت دور الاطفائي. انا شقيق اولي الذي لم تلده امه”.

يذكر ان هونيس نفسه اقال هاينكيس عام 1991، واعترف لاحقا بارتكابه خطأ كبيرا. ويكشف هاينكيس “بكينا كطفلين لكن صداقتنا لم تتأثر”. لكنه عاتب ربما على تصرف إدارة بايرن خلال مفاوضتها غوارديولا. ويقول: “اعلمني اولي بمساع للتعاقد مع مدرب آخر. عرضوا علي منصبا فخريا، وكأنهم يريدون احالتي على التقاعد”. ويتابع: “رفضت ذلك طبعا. لم اهضم الفكرة من اساسها، كنت دائما صاحب القرار والمبادرة، ولا احدا يقرر عني”.

في الآونة الاخيرة، طغت شعبية هاينكيس وحظي مرات بالمرتبة الاولى في استفتاءات متقدما على نجوم الفريق، وفي مقدمهم توماس موللر وباستيان شفاينشتايغر والفرنسي فرانك ريبيري. وعزا محللون ذلك الى تخلي هاينكيس عن تصلبه المعهود وتمتعه بتواضع جم، ونجاحه الفائق في بناء قوة ضاربة تقدم اداء حديثا وجذابا لا سابق له في تاريخ النادي. وبعدما “زيّت” الماكينة الجامدة تحولت الى طاقة هجومية فائقة بمعدل عال مقداره 8ر2هدفا في البوندسليغا و4ر2 هدفا في مسابقة دوري الابطال، ما جعله يغادر بايرن من الباب الواسع مرفوع الرأس، شاكرا لاعبيه “الاستثنائيين”

 

ا ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى