الأخبار

الثقوب السوداء.. خروق في جسد الفضاء ”تقرير”

110

 

 

كثيراً ما يسمع القارئ لفظ ”الثقوب السوداء” والتي يرتبط اسمها في الغالب بمصطلحات السفر عبر الزمن وموت النجوم وقوي الجذب الرهيبه، في هذا التقرير سيقوم ”مصراوي” بالقاء الضوء علي عدد من الحقائق الاساسيه في موضوع الثقب الاسود يشمل تعريفه وطرق تكونه وبنيته وشكله الذي الهب خيال علماء الفضاء لسنوات طويله..

يُعد مصطلح ”الثقب الاسود” من المصطلحات الحديثه نسبيا، وقد وضعه الفلكي الامريكي ”جون هوبلر” في اواخر ستينيات القرن الماضي ليصف به فكره تعود الي اكثر من 220 عاماً تقريباً، ففي عام 1793 كتب الجيولوجي ”جون ميتشل”، رئيس جامعه كامبريدج، بحثاً عن الاجرام السماويه، جاء فيه ان لبعض النجوم عاليه الكثافه قوي جذب جباره تجعل الضوء لا يستطيع الفرار منها، ومن ثم لا يمكن رؤيه هذه النجوم بالطرق المالوفه لان الضوء المنبعث منها لا يصلنا. غير اننا نستطيع التعرف علي تللك الاجسام عن طريق قوي الجذب الرهيبه التي تؤثر علي ما حولها، ولذلك تبدو الاجسام مثل الفراغات السوداء في السماء، الامر الذي دعي العلماء الي تسميتها بالثقوب السوداء.

تتكون الثقوب السوداء بانهيار النجوم، علي ان تكون الكتله النهائيه لكل نجم بعد الانهيار اكبر من 3.2 مره من مثل كتله الشمس، ويتوافر هذا الشرط في العديد من النجوم في كل المجرات، مما يعني بالضروره ان يكون هناك عدد كبير من الثقوب السوداء في الكون، وموت النجوم له ميعاد يمكن ان يتحدد بسهوله، فحياة النجم تتوقف علي مقدار ما يخسره من كتلته كل يوم، فمثلا النجم الذي يمد كوكب الارض بالحياه ”الشمس”، لها عمر وستختفي خلال مليارات السنوات القادمه، كونها تفقد جزء من كتلتها كل يوم في التفاعلات الهيدروجينيه التي ينتج عنها الضوء والحراره، وبعد وصول النجم للكتلة الحرجة، تبدا مرحله تحوله الي ثقب اسود، بشرط ان تكون كتلته بعد الانهيار 3.2 كتله الشمس كما ذكرنا سالفاً، والثقوب السوداء تختلف تبعاً للنجم المتكونه منه، فهناك ثقوب تكونت من نجوم ”الأقزام البيضاء”، وهذه النجوم عباره عن اجسام غازيه، كالشمس مثلاً، وهناك ثقوب اخري تكونت من النجوم النيترونيه، وهي اجسام صلبه بصوره جزئيه.

الثقب الاسود عباره عن فضاء فارغ يحيط بنقطه تشكل مركزه وتتركز فيها كل الماده او الكتله، هذه النقطه تُعرف باسم النقطه الشاذه والتي تكون الكثافه فيها لا نهائيه القيمه، وتكون ابعادها صفريه، ولا تنطبق عليها معادلات النظرية النسبية العامة لاينشتاين.

الفراغ الكوني وتشكل الثقوب العملاقه

توجد في الكون مناطق منعزله والتي تعتبر شبه خاليه تقريبا، فقد وجد الباحثون حقول ثلاثية الأبعاد من ملايين السنوات الضوئيه تملا تقريبا نصف الكون وهي شبه خاويه الي حد كبير، فقط خمسه بالمائة من عدد مجرات الكون تقطن في هذه المناطق التي تشبه الفقاعه، اما ما نسبته 95 بالمائه الباقيه من المجرات تتواجد سويا في تجمعات وحشود تمثل مايشبه مدن وضواحي الكون.

ولكن ما يثير اهتمام العلماء انهم وجدوا ان هناك نمو وبشكل نشط للثقوب السوداء المجرية في كل مراحل التطور في هذه المناطق المتناثره، هذا يعني بان عمليه نمو الثقوب مماثله جدا بمقارنه المناطق الاكثر انعزالا مع المناطق المزدحمه في الكون.

وفي دراسه قام بها العلماء لشريحه من الكون تمثل 700 مليون سنه ضوئية، وجدوا ان اطياف مراكز تلك المجرات المتواجده في المناطق شبه الفارغه تظهر غازات حاره ومتاينه بتاثير الضوء المنبعثت من الماده التي تلتف حول ثقب اسود عملاق، وان نمو الثقوب الاكثر عزله ليست نشطه مثل مثيلاتها في المناطق الاكثر ازدحاما، كما ان الوقود اللازم للنمو يبدو اقل توفرا في الفراغات من المجرات المزدحمه. وهذا يشير الي ان تشكل النجوم في تلك المجرات المنعزله يتم بمعدل اعلي من نظرائهم في المناطق الكثيفه، هذا يعني وجود الكثير من الوقود، لكنه لم يتحول بشكل جيد نحو المحرك المركزي.

بما ان تشكيل النجوم يتطلب وجود كميات كبيره للغاز، ولذا لابد وان يكون هناك غاز اكثر من اللازم في المجرات المنعزله اذا كان معدل تشكل نجومها عالي، ونسبه النمو الضعيفه التي لوحظت في المجرات المنعزله تعني بان هذا الغاز لا يهبط لمنطقه النواه حيث يحدث النمو، كما ان ضعف التفاعل مع المجرات الاخري يعتقد بانه يشوه القوه الجذبيه والتي تقود بعض الغاز الي منطقه النواه، وهذه التفاعلات ليست متكرره الحدوث في الفراغ كما هي في المناطق الكثيفه، لذا فان عمليه تغذيه الثقوب السوداء هناك تكون ابطا.

يبدو الثقب الاسود للراصد من بعيد وكانه سطح صلب، الا ان الواقع غير ذلك، فالثقوب السوداء تشبه بالون منتفخ الي حد كبير، يسمي سطحه بافق الدنيا او أفق الحدث لانه يشكل افق بين عالمنا وعالم اخر نجهل ما خلفه، ويمكننا ان نطلق عليه ايضاً افق اللاعوده، فلا يستطيع الملامس له ان يعود مره اخري الي العالم المرئي، وايضا يعتبر سطح الثقب الاسود سطح احادي الاتجاه، فالراصد له ان ولج الي الداخل لن يجد للهرب سبيلاً، فالمقترب من السطح سيجد قوي جذب رهيبه تشده الي مركز كتله الثقب الاسود.

ماذا لو اصبحت شمسنا ثقباً اسودا

علي الرغم من ان الثقب الاسود شئ غير عادي، الا انه لا يختلف في بعض الامور عن النجوم العاديه، فاذا قدر لشمسنا التحول الي ثقب اسود ”وهذا مستحيل نظريا بسبب كتلتها وكثافتها” فان الارض وباقي الكواكب سوف تدور في مدارتها حول الثقب الاسود تماماً كما تدور حول الشمس وكان شيئاً لم يكن، وهذا يعني ان سكان الارض لن يشعروا بالواقعه سوي عندما يستيقظوا صباحاً ويجدوا ان لا صباح، فالشمس ستكون قد اختفت وسكان الارض يعيشون في ليل الي الابد.

 

اخبارك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى