الأخبار

الخلايا العشوائية خطر يهدد أمن مصر

 

33

 

  • الجماعات المتشددة في مصر لا تستوعب تجارب العنف السابقة.. والعنف ضد الجيش تطور خطير
  • تنظيمات صغيرة مجهولة تنشأ بشكل عشوائي أخطر من “الإخوان” والجماعة الإسلامية
  • الجماعات الإرهابية تصور عملياتها كنوع من الاستعراض أمام التنظيمات المماثلة والدولة

الجماعات المتشددة في مصر وسيناء لا تستوعب تجارب العنف السابقة التي وقعت على مدار التاريخ، وثبت أن العنف لا يجدي ولا ينفع في صراع هذه الجماعات مع الأنظمة، ولعل مراجعات الجماعات الجهادية في مصر والجزائر وليبيا ركزت على هذا الجانب بقوة وهو عدم جدوى مبدأ العنف مع الدولة.

الآن يتم تصعيد العنف مع الجيش رأسا وليس مع الشرطة، وهذا تطور خطير في الصراع، فقد كانت عقيدة الجماعات الجهادية متوجهة بالأساس إلى الشرطة، وجيوش الأنظمة كانت خارج المعادلة، لأسباب كثيرة من أهمها مرحلية الصراع، ومنها أن الشرطة هى من تقوم بالملاحقات، ومن أهم هذه الاسباب هو تسليح هذه الجيوش وقوتها الكبيرة في حسم الصراعات مع الجماعات العنقودية الصغيرة.

ينتمي أغلب هذه التيارات لفكر التوحيد والجهاد، والذي يعد النسخة المعدلة من الفكر الجهادي الذي يتزعمه أبو محمد المقدسي، وهو فكر أقرب إلى جماعة “التوقف والتبين”، وهو يختلف عن فكر القاعدة في عدةأ مور منها أنه لا يجيز قتل العامة بداعي التترس، ولا يستهدف عموم الشيعة ولا يعذر بالجهل، أضف إلى ذلك أن التوحيد والجهاد لا يكفرون بالمعاصي وإنما لا يعذرون في صور العقيدة بينما تنظيم القاعدة فكر جهادي، أما عقيدته فهى عقيدة المسلمين إنما يؤخذ توسعة في استهداف العموم كما أنه لا يعذر بجهل ولا يرى قتل عموم الشيعة.

وبعد أن أعلنت جماعة “أنصار بيت المقدس”، مسئوليتها عن الهجوم الذي استهدف مديرية الأمن في جنوب سيناء على اعتبار أن هذا الحادث جاء نتيجة للظلم الذي يقع على المسلمين بعد قتل المتظاهرين في رابعة والنهضة ورمسيس -على حد قولهم- وكما ذكرت الجماعة في بيانها أن العملية تمت عبر انتحاري تجاوز بسيارته المفخخة ثلاثة حواجز أمنية ثم فجر نفسه أسفل مبنى مديرية الأمن في جنوب سيناء.

ثم من جديد تطل علينا “كتائب الفرقان” بعرض فيديو يصور الإعداد والتنفيذ لعملية تفجير محطة الأقمار الصناعية بالمعادي أمس الأول واستهدافها بقذيفتي “آر بي جي” مستترة بظلام الليل، بعد مرور أيام قلائل على بث جماعة أنصار بيت المقدس بسيناء لتسجيل فيديو لبعض العمليات التي قامت بها في سيناء خلال الفترة الماضية ضد قوات الجيش والشرطة المصرية حتى بثت كتائب الفرقان تسجيل فيديو لعملية اغتيال العقيد أركان حرب محمد الكومي ومجند معه وإصابة الثالث أثناء استهدافهم لسيارة تابعة للقوات المسلحة بمفارق أبو صوير بطريق الإسماعيلية القاهرة الصحراوي في 14 أغسطس الماضى.

وعلى الرغم من أن مقطع الفيديو الذي تم بثه لا يتعدى 3 دقائق، إلا أنه يدلل على كثير من الأمور المهمة التي ينبغي وضعها نصب العين وفي الاعتبار عند قراءة هذه التنظيمات وظهورها على الساحة بعمليات عسكرية.

في البداية يجب التاكيد على أن هذه العمليات ستكون بداية لسلسلة من العمليات الأخرى التي تستهدف رجال الجيش والشرطة وبعض رموز الدولة المصرية وسياسيون، وهو ما أعلنت عنه هذه الكتائب في تسجيل الفيديو، حيث أكدت أن ما حدث هو الحلقة الأولى في سلسلة أسمتها “نصرة المستضعفين”، “المنصة ـ رابعة ـ دلجا ـ سيناء ـ وكل المستضعفين على أرض مصر”.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن الخطر لم يعد من الإخوان المسلمين أو الجماعة الإسلامية أو التيار الجهادي المعروفة قيادته وأعضاؤه إنما بات الخطر الأكبر يأتي من قبل تنظيمات صغيرة مجهولة تنشأ بشكل عشوائي تجمع ما بينها روابط مشتركة اجتماعية أو اقتصادية أو علمية، وقد تكون هذه الروابط أسرية أو أصدقاء دراسة أو جيران من نفس المنطقة أو الحي.

هذه التنظيمات لا ترتبط بجماعة أو كيان ممن هو معروف على الساحة بقدر ما ترتبط فكريا لا تنظيميا بأفكار ومنهج تنظيم القاعدة لا سيما مع انتشار وسائل الاتصال الحديثة ومع تمادي وانتشار الشبكة العنكبوتية والتي يرتبط بها هذا الفكر ارتباطا طرديا عن طريق صفحات التواصل الاجتماعي من “فيس بوك” و”تويتر” و”يوتيوب” والمنتديات الجهادية التي باتت توفر أساليب استخدام الأسلحة وتصنيع المتفجرات والخطط العسكرية.

الأحداث الأخيرة أيضا أحدثت فارقا في صراع التيار الإسلامي مع الدولة، فلم تعد الحالة مقتصرة بين التيار الإسلامي والشرطة كما في حالة الجماعة الإسلامية وتيار الجهاد في صراعهم فترة التسعينيات مع الشرطة ولم تكن هناك أي اسلحة توجه إلى الجيش ومن ثم اختلفت الحالة الآن فأصبح رجال الجيش في أولوية المستهدفين من هذه الجماعات ودخلت في حيز العداوة معها، ومن ثم تم استهدافها وجنودها ومعداتها في أكثر من واقعة.

أمر آخر تجدر الإشارة إليه، وهو لجوء هذه التنظيمات إلى القيام بتصوير العمليات التي تقوم بها كنوع من الاستعراض وتوصيل رسائل إلى أعضائهم والتنظيمات المماثلة والدولة على حد سواء، كما أنه أسلوب متبع لدى العديد من التنظيمات المسلحة خارج مصر كالقاعدة في العراق واليمن والمغرب العربي وكذلك حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين والجيش الحر في سوريا، ولم يكن هذا الأسلوب متبعا في مصر قبل ذلك أثناء الصراع بين التيار الإسلامي والشرطة، وقد يعود السبب إلى أن التقنيات الحديثة لم تكن متوافرة في هذه الفترة كما هى الآن.

وتكمن خطورة هذه التنظيمات الحديثة في كونها تنظر إلى ضحاياها سواء من الجيش أو الشرطة أو غيرهما على أنهم مرتدون خارجون من ملة الإسلام ومن ثم يصبح قتلهم قربة إلى الله وهو ما يشكل خطورة أكبر في تمادي هذه الجماعات في القتل وتوسيع دائرته، وهو ما ظهر في تسجيل الفيديو الذي تم بثه من قبل “كتيبة النصر”، إذ أوضحت أن سبب قتل عقيد الجيش أنه مرتد ومن ثم وجب قتله على اعتبار أن الجيش والشرطة بحسب فهمهم يحول دون تطبيق الشريعة الإسلامية وإقامة دولة الإسلام في مصر خاصة، بعدما ثبت لديهم يقينا أن الديمقراطية لم ولن تكون الطريق لتطبيق الشريعة في يوم من الأيام ومن ثم هم يكفرون بها وبكل آلياتها ويعيبون على التيار الإسلامي أن تعامل بها.

ولعل ما صدر مؤخرا من جيش الإسلام، أحد فصائل أكناف بيت المقدس والذي يتبع تنظيم دولة الإسلام في بلاد الشام والذي يقوده أبو بكر البغدادي، أحد قادة تنظيم القاعدة، من مبايعتهم له على القيام بتوجيه ضربات داخل مصر، وهو ما يفسر الأساليب التي تتم بها العمليات المسلحة داخل مصر في الآونة الأخيرة.

ولعل تنظيم دولة الإسلام الذي يتخذ من بلاد الشام مركزا له ويضم بين أركانه العديد من الكتائب مثل جبهة النصر وجيش الإسلام والذي أعلن مؤخرا تبنيه قصف مبنى المخابرات الحربية في سيناء، قد حاول الدخول في اتحاد بينه وبين تنظيم دولة الإسلام في العراق في قرار لم يوافق عليه الدكتور أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة، ومن ثم رفضوا أمره بالانفصال.

الموجز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى