الأخبار

خان: فقدت الأمل في الحصول على الجنسية المصرية..

57

 

 

هو أحد أهم المخرجين في مصر على الإطلاق، ومن رواد السينما الواقعية في مصر التي ازدهرت في نهاية السبعينيات وطوال عقد الثمانينيات، حيث ضمت قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية 4 من أعماله، لديه مدرسته الخاصة التي تهتم بتفاصيل الشخصية أكثر من قصة العمل، وبالرغم من أنه لا يحمل الجنسية المصرية، إلا أنه تبنى حياة المصريين البسطاء في معظم أعماله التي تنادي بالعدالة الاجتماعية.

هو المخرج الكبير محمد خان الذي وقع اختيار إدارة مهرجان الإسكندرية السينمائي عليه لتكريمه عن مشواره الفني في دورتها الحالية، وكان لـ “بوابة الأهرام” هذا اللقاء..

** لديك طابع خاص وإيقاع في أعمالك يمتزج بين الشرق والغرب.. هل لنشأتك بمصر ودراستك بلندن سبب في ذلك؟

ـ بالطبع نشأتي في قلب العاصمة المصرية القاهرة كان لها تأثير كبير على أعمالي، حيث أميل إلي الأداء السريع الذي تتميز به الحياة داخل المدن، بالإضافة إلي أنني متأثر جدًا بسينما الستينيات في أوروبا التي كانت سببًا رئيسيًا لدخولي عالم السينما، ولكن لا يعنيني أي من المدرستين في أعمالي بقدر الالتزام بإطار العمل والقصة.

** ما السبب وراء إخراج معظم أفلامك في مدة لا تزيد عن 110 دقائق؟

ــ السينما ليست مرتبطة بالزمن الحقيقي لقصة العمل، وإلا كان من الممكن أن تصل مدة الفيلم إلى 10 ساعات، فأنا أفضل توصيل الرسالة في أقل مدة ممكنة، ولغة السينما تتحدث فيها الصورة أكثر من الصوت، وأدواتها ومفردتها هي التي تعطي الإيقاع، وهو تحد صعب اكتسبته من تنفيذ الإعلانات التليفزيونية، في كيفية سرد الموضوع في 30 ثانية.

** لماذا غلب على أعمالك طابع الاهتمام بالشخصية أكثر من قصة الفيلم؟

– الشخصية بالفعل هي الأساس، وليس بالضرورة أن تكون القصة بداية ونهاية ووسطًا، فالقصة ممكن أن تكون لحظة أو موقفًا على أمل أن يراها المشاهد كما أراها، ولا أستطيع أن أخرج فيلمًا لمجرد القصة، فشخصية الفيلم هي التي تجذبني لخلق قصة علي الشاشة.

** وهل كنت تجد صعوبة في اختيار سيناريوهات تتوافق مع تلك الرؤية؟

– الصعوبة الحقيقية ليست في اختيار السيناريو، بينما في صناعة السيناريو، لأنه قلما أجد السيناريوهات التي تعبر عن رؤيتي في شكل العمل، وهذا يضطرني للتدخل أحيانًا لتعديل بعضها.

** وهل هذا كان سببًا في أن أكثر أفلامك الناجحة كانت قصتك وحوارك؟

– ليس كل أعمالي من كتاباتي باستثناء فيلم “هند وكاميليا” الذي كتبت قصته وحواره، ولكن دائمًا أشارك في كتابة سيناريوهات أفلامي، ونجاح تلك الأفلام لأن البذرة تبدأ من عندي، فما يثير اهتمامي هو ما أستطيع ترجمته إلي صورة على الشاشة.

** أغلب أعمالك انحصرت في الفترة ما بين أواخر السبعينيات حتى منتصف التسعينيات ثم 5 أفلام فقط حتى الآن، هل كان هناك سبب رئيسي وراء ذلك؟

– أنا وجيلي كله من المخرجين لدينا دائمًا الموضوع الذي نريد أن نقدمه، ولكن الإنتاج هو الذي صنع منا أعداء، وخلق بعض الأكاذيب الوهمية ليجنبنا طوال تلك الفترة، بحجة البحث عن الأفلام التجارية التي تجلب دخل.

** وهل هذا يفسر أنك تبحث عن العمل السينمائي الجيد دون النظر إلى الجانب التجاري وشباك التذاكر؟

– هذا التفسير خاطئ لأن أي عمل جيد ينجح جماهيريًا أو علي الأقل يغطي تكلفته من خلال بيع حقوق العرض علي الفضائيات، ولا يوجد فيلم خسر ولم يحقق أرباحًا، ولكن النصيب الأكبر يذهب إلي الموزع وصاحب دور العرض وليس ضروريًا المنتج، فمثلًا فيلم “الحريف” تم بيع حقوقه بعد مرور 18 سنة من عرضه وحصلنا على مقابل جيد، وفيلم “فارس المدينة” وكان من إنتاجي وحصلت على حقوق عرضه من إحدى القنوات بعد عدة سنوات، وبمجرد حصول جميع صناع العمل على حقوقهم فهذا يعني أن الفيلم غطى تكلفته.

** أفلامك كان يتخللها الإسقاط السياسي.. فلماذا تخليت عن هذا الإسقاط في أعمالك الأخيرة بعد ارتفاع سقف الرقابة؟

– لا يعنيني السياسة بمعناها الحرفي، لأن السياسة بالنسبة لي كانت عنصر العدالة الاجتماعية فقط التي طالبت به ثورتنا بعد ذلك، وكانت قضية جيلي بأكمله، ومع مرور الوقت والسن تتغير الاهتمامات، ويصبح الجانب الهادئ الرومانسي أكثر ما يسيطر علي أفكارنا ومشاعرنا فيتجسد ذلك بعيدًا عن النضال السياسي، وليس معناه أن هناك تغيرًا في الجوهر.

** أليس غريبًا أن تكون قضيتك هي العدالة الاجتماعية بالرغم من نشأتك في أسرة متيسرة ومن سكان المدن؟

– ليست قاعدة أن أكون من طبقة معينة حتى استطيع مناقشة مشاكلهم، فتجد المخرج الذي نشأ وسط طبقة كادحة نظرته ستكون حادة جدًا إذا تطرق لبيئته في أعماله، وأدين بالفضل لوالدي بالرغم من أنه ليس مصريًا، لإصراره علي دخولي مدرسة حكومية مصرية، والتي كانت سببًا في تخلصي من عباءة “الخواجة”، واقترابي أكثر من فئات المصريين المختلفة، وغرز روح الانتماء لتلك البلد التي ولدت بها، ولذلك كان دفاعي عن العدالة الاجتماعية من منطلق وطني أكثر منه تربوي.

** ما السر وراء تعاونك مع الفنان الراحل أحمد زكي في 6 أفلام؟

– أحمد زكي فنان عبقري ولن يتكرر، وأنا صاحب شخصية مجنونة، والفنان الراحل عبقري تمثيل، وهو سر التعاون بيننا أكثر من مرة.

** هل ما زلت مستمرًا في محاولاتك للحصول على الجنسية المصرية؟

– توقفت عن ذلك منذ فترة الرئيس الأسبق مبارك، فكان هذا الموضوع يصيبني بالحزن لأنها ورقة رمزية ومعنوية ولم أستطع الحصول عليها، لكن في نفس الوقت لن يستطيع أحد أن يسلب مني مصريتي وانتمائي لها، فأنا في جميع المهرجانات أشارك بصفتي مصريًا، وأفلامي تدل على ذلك، ورفضت الزواج من غير المصرية، حتى بعد انتهاء دراستي للسينما بلندن، لم أفكر في العمل بالخارج، بينما تبلورت أفكاري تجاه مصر.

** ما الفرق بين جيلك من المخرجين والجيل الحالي؟

ــ دائمًا أقول إن جيلي كان مكملًا لبعضه وكانت قضيانا واحدة، فبدون تخطيط تجد أغلب الأعمال متأثرة بفترة نشأتنا التي كنا ننتقد فيه الأوضاع الاجتماعية، وهو ما ينقص الجيل الحالي، وتجده متنافسًا على لا شئ، وأشعر أنه جيل حائر، بالرغم من أنه يضم عناصر جيدة.

** ما السبب في ظهورك كممثل في العديد من الأفلام؟

ــ أنا من عشاق التمثيل، ولا أتردد في الظهور كفنان إذا عرض علي دور جيد، وأحلم بتقديم دور كبير لشخص شرير.

** ما تقييمك لمشوارك الفني الذي ضم 22 فيلمًا سينمائيًا؟

– أنا راض تمامًا عن مشواري، خاصة أن القيمة الحقيقية ليس بعدد الأفلام، ولكن بأهميتها وقدرتها على بقائها في ذاكرة السينما، وتوج ذلك باختيار 4 من أفلامي ضمن أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية وهم “زوجة رجل مهم” و”أحلام هند وكاميلا” و”خرج ولم يعد” و”سوبر ماركت”.

** لماذا توقف مشروع فيلم “استانلي” والذي كان من المقرر أن يتم تصويره قبل الثورة؟

– السبب الرئيسي في توقف العمل هو الإنتاج، حيث حصل المنتج كامل أبو علي، على تنازل للفيلم دون مقابل، واكتفى بعربون إخراج، ولم يقم بإنتاج العمل أو يعطينا التنازل حتى نتمكن من تنفيذه مع منتج آخر، وبالتالي توقف الفيلم بعد الاتفاق على كل التفاصيل الخاصة به حتى أماكن التصوير، وأشعر أن هذا الفيلم به حس تجاري أكثر من أي عمل آخر، إلا أن الإنتاج يبقى حجر عثرة وراء أي عمل.

** متي تداعب الدراما محمد خان بعد اتجاه نجوم السينما لها في الفترة الماضية؟

– الموسم الدرامي الرمضاني الأخير كان به العديد من الأعمال المتميزة جدًا، وشعرت بتطور كبير في أفكارها وشكل الصورة، بالإضافة إلى أنني اشتركت في عمل بعض حلقات مسلسل “موجة حارة”، وانتظر سيناريو جيدًا لأدخل به الدراما وأتمنى تنفيذه في 15 حلقة.

** وهل لديك مشاريع جديدة خلال الفترة المقبلة؟

– لدي العديد من المشاريع والأفكار منها “نسمة في مهب الريح” والذي كان مقررًا تنفيذه من 15 سنة وتوقف لعدة أسباب، وهناك فيلم “عزيزي الأستاذ إحسان”، وفيلم “قبل زحمة الصيف”، ولكن يبقى الإنتاج هو صاحب الكلمة والمحرك الرئيسي لتنفيذ أي مشروع سينمائي.

** كيف استقبلت خبر تكريمك في مهرجان الإسكندرية في دورته هذا العام؟

– أسعدني جدًا هذا الخبر، خاصة وأن مهرجان الإسكندرية قريب جدًا إلي قلبي، حيث سبق وتعاونت معه أكثر من مرة سواء باشتراكي بعمل أو عضو بلجنة تحكيم، ودائمًا كنت أشاهد وألمس التطوير من عام لآخر.

** ما رأيك في إقامة المهرجان هذا العام في ظل الظروف السياسية التي تشهدها البلاد؟

– إقامة المهرجان في ذلك التوقيت يعد مغامرة شديدة وتحديًا من إدارة المهرجان، ولكن في الوقت نفسه هناك مساندة قوية من الدولة ومحافظة الإسكندرية للمهرجان، ونجاحه سيرفع من أسهمه، خاصة وأنه سيكون رسالة إلي العالم تعكس مدى اهتمام مصر بالفن والثقافة، ودعوة لعودة السياحة إلى مصر.

** ما الذي يميز مهرجان الإسكندرية عن غيره من المهرجانات الأخرى في العالم؟

– مهرجان الإسكندرية له طابع خاص يستمده من جمال طبيعة المدينة الساحرة التي يقام عليها المهرجان، وبتميز المهرجان بتقديم جوائز لمساعدي المخرج والتصوير وغيرهم من صناع العمل غير المعروفين للجمهور، بالرغم من أهميتهم الشديدة في صناعة العمل الفني، وهو ما لا نراه في أغلب المهرجانات العالمية.

** شاركت في مهرجان الإسكندرية عدة مرات بصفتك من صناع الأعمال المشاركة أو عضو لجنة تحكيم.. ما هي ذكرياتك معه؟

-أول جائزة في حياتي كانت من مهرجان الإسكندرية في دورته الأولي، وحصلت خلالها على جائزة تقديرية ذهبية عن الإخراج الأول عن فيلم “ضربة شمس”، كما حصل العمل على عدة جوائز أخرى في نفس الدورة، وعرض الفيلم في دور العرض بعد المهرجان بعام، واكتسب سمعة طيبة من المهرجان ساهمت في نجاحه جماهيريًا بعد ذلك، لذلك هو مهرجان قريب جد إلى قلبي.

** ما الذي يميز سينما البحر المتوسط عن غيرها من سائر دول العالم؟

– دول حوض البحر المتوسط لها قواسم مشتركة في أعمالها الفنية، حيث إننا شعوب متقاربة جدًا اجتماعيًا ومتشابهة في الأنظمة السياسية، وتقارب القضايا السياسية، بالإضافة إلى أنها سينما غنية جدًا الأمر الذي يزيد من حدة التنافس بين الأعمال المعروضة.

** هل تختلف الصورة الفنية للأعمال السينمائية لدول البحر المتوسط عن باقي الأعمال التي تعرض في العالم؟

– ليست الصورة بينما الإيقاع هو الذي يختلف، فتجد إيقاع الحياة في دول البحر المتوسط هادئًا وبطيئًا جدًا، بعكس أمريكا وغيرها تجد إيقاعها سريعًا وهناك تحرر من القيود، وخيال متسع وخروج عن الواقع، وينعكس ذلك على الشاشة كل بحسب طبيعته.

 

الاهرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى