الأخبار

الازهر والكنيسه

 

 

hlm_lnmnm

حداث يوم الأحد تستحق المتابعة والتدقيق، فى الصباح خرج طلاب الإخوان بجامعة الأزهر إلى شارع طريق النصر وقطعوا الطريق، معطلين الحياة ومصالح المواطنين، ومرددين شتائم بذيئة بحق فضيلة الإمام الأكبر، لم يكن لديهم مطلب، بل كان الهدف على الأغلب، هو قطع الطريق ودفع عموم المواطنين إلى الضجر والغضب من الوضع القائم، ثم البذاءة بحق إمامنا الأكبر.

فى مساء اليوم نفسه، كان ملثم يركب دراجة بخارية يمر أمام كنيسة السيدة العذراء بالوراق ويطلق الرصاص عشوائياً على المواطنين، الذين كانوا يشاركون فى عرس داخل الكنيسة، مما أدى إلى مقتل أربعة من المواطنين، بينهم سيدة وطفل وإصابة 17 مواطناً.. وهكذا تتحرك أجنحة التنظيم المختلفة، ممن يهتفون ببذاءة ضد فضيلة الإمام، ويطلقون الرصاص على المواطنين، ودعك الآن من أجنحة وميليشيات الخارج التى حاولت الاعتداء على الروائى الكبير د. علاء الأسوانى وعلى الفنانين المصريين فى مهرجان الخريف، وقبلها فى مهرجان بالسويد.

فى الداخل هم يستهدفون بشكل أساسى الأزهر والأقباط.. ولم يكفوا عن التحرش بهم، حتى حين كانوا فى الحكم، ولما أسقطهم الشعب المصرى بسبب فشلهم الذريع، قرروا الانتقام من الجميع، لكن الأمر مختلف بالنسبة للأزهر وللأقباط، فهناك ثأر قديم، ولا يتعلق الأمر فقط بشخص فضيلة د. الطيب ولا برأس الكنيسة الأنبا تواضروس، ولكن «التار بايت» كما يقول عامة المصريين، وكان لافتاً للنظر منذ نهاية الأربعينيات أن تشن الجماعة حملة على علماء الأزهر وترميهم بأقذع الصفات، ولما حاول علماء الأزهر الرد على ترهات سيد قطب الدينية رد عليهم ببذاءة وصفاقة بالغة، باختصار شتمهم، وكان لافتاً للنظر أيضاً أن تقوم ميليشيات الجماعة بإحراق كنيسة فى السويس وأخرى فى الزقازيق، ذلك الزمن المبكر، وكان هذا الأمر غريباً وشاذاً على المصريين فى نهاية الأربعينيات.

هم يعرفون أن وجود الأزهر، جامعاً وجامعة، شيخاً ومشيخة، علماء وفقهاء، ينزع عنهم شرعية احتكار دين الله، وتوزيع منح الكفر والإيمان على من يرضيهم ومن يغضبهم، ولذا فإن عداءهم للأزهر عداء وجودى، إن صح التعبير، الأزهر شوكة فى حلقهم، كان دائماً منتبهاً لما يقومون به، وفى سنة 1954 أصدر عدد من علماء الأزهر بياناً أو فتوى بأن هؤلاء يستحقون اسم «إخوان الشياطين» وليسوا الإخوان المسلمين، وفى حدود ما أعرف أن هذه الفتوى لم تنقض إلى اليوم، وأن ذلك البيان وثيقة حية وشاهدة. والأمر يثير بعض الغرابة، الأزهر جامعة إسلامية، يشترط أن يكون الطالب فيها حافظاً للقرآن الكريم، إن لم يكن كله فعدداً معيناً من أجزائه ويمتحن فى ذلك شفوياً، ويدرس الطالب بعض العلوم الدينية، إن لم يكن متخصصاً بالكامل فيها، ولا يدخلها غير طالب مسلم، فما هو المبرر كى تخترق الجماعة هذه الجامعة، هل هو الدعوة ونشر الدين؟ كذب وادعاء، بل هو بغى على الأزهر ودوره، المسألة سياسية بامتياز، هم يريدون احتلال الأزهر من الداخل، وبذلك يفرضون تصورهم واحتكارهم للإسلام.

الأمر بالنسبة للأقباط لا يختلف كثيراً، المشكلة أيضاً وجودية، هم يعتبرون المسيحيين كفاراً، وإن كانوا يدارون ذلك فى العلن وفى مشاهد وأحاديث العلاقات العامة والنفاق الاجتماعى، الذى أجادوه زمن مبارك وزمن المشير طنطاوى، هم يكفرون خصومهم ومن ليس معهم وتحت مظلتهم من المسلمين، فما بالنا بغير المسلمين؟ بالتأكيد، الأمر فى الإسلام ذاته، غير ذلك بالمرة، لكن هكذا يفهمون ويسلكون، الكافر يكفيه لديهم حق الحياة، لكن لاحقوق له غير ذلك من أى نوع، والأغرب عندهم أن من يتصورونهم كفاراً يتظاهرون ضدهم ويرفضون حكمهم، ولذا أول شىء قاموا به تجاه الأقباط، فور إسقاط الشعب لهم، هو إحراق الكنائس والقتل المباشر، وأتمنى لو أن رئيس الحكومة، د. حازم الببلاوى، شكل لجنة تقصى حقائق ترصد لنا ما حدث منذ توليه الحكومة، تحدد عدد المنشآت التى أحرقت وعدد الضحايا التى سقطت، يوم 14 أغسطس انطلق أنصار الجماعة وأعوانهم يحرقون الكنائس وممتلكات الأقباط فى المنيا من محال وصيدليات، وسمعت تصريحاً لمسؤولى الطب الشرعى أن «233» مواطناً سقطوا فى هذه العمليات وحدها.

وما يثير التساؤل أن قادة الجماعة يتحلقون ويقبلون أعتاب الأمريكى والأوروبى «المسيحى» بسعادة بالغة، ويطالبونهم بالتدخل ضد الجيش المصرى وفى شؤون البلاد، بينما يصرون على إزاحة المسيحى «الوطنى» وإلغاء وجوده وحرق كنيسته، كان ذلك دأبهم منذ حسن البنا وحتى يومنا هذا.

تاريخياً واجه الأزهر الكثير من الطغاة والمجرمين، وصمدت الكنيسة أمام موجات مشابهة من الغل والكراهية، وفى النهاية يسقط الإرهابيون وينقرضون، وتبقى المؤسسة الدينية الوطنية كنيسة وأزهر، ويبقى المصريون مسلمين ومسيحيين، أما الإرهاب والتشدد، فهو جملة عابرة فى لحظة

 

المصرى اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى