الجنيه يسجل أدنى مستوياته في عام الرئاسة الأول

93

 

“فشل في إنعاشه جميع المحفزات، وواصل نبضه الانخفاض بالرغم من تغيير القائمين على العلاج”.. إنه الجنيه المصري الذي تراجع بمعدلات غير مسبوقة خلال العام المالي الماضي، أمام معظم العملات العربية والأجنبية ، التي انتفضت أمامه وواصلت توجيه الضربات واللكمات له حتى دفعته إلى جانب الحلبة، ليلتقط أنفاسه عند أدنى مستوياته فيما يزيد على 10 سنوات، أمام سلة العملات الرئيسية.

وهبط الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي، في التعاملات الرسمية خلال عام الرئاسة الأول، بنسبة 15% مسجلاً أدنى مستوياته أمام العملة الأمريكية منذ 2003، بعدما بلغ 7 جنيهات قبل أيام من انتهاء شهر يونيو الجاري، مقابل 6 جنيهات في 30 يونيو 2012، وقت أن استلم الرئيس محمد مرسي رئاسة الجمهورية، أما في السوق السوداء، التي عاودت الانتعاش خلال الشهر الحالي، فارتفعت العملة الخضراء بنسبة 21%، لتسجل متوسطًا يبلغ 7.57 جنيه وقت كتابة هذه السطور.

كان البنك المركزي قد استحدث في شهر ديسمبر 2012، آلية جديدة تتمثل في طرح عطاءات دولارية للعملة الصعبة، تتقدم إليها البنوك العاملة بالسوق، للحد من نزيف الاحتياطات النقدية، وبلغ عدد العطاءات التي تم طرحها منذ ذلك التاريخ 71 عطاءً بمتوسط يبلغ 38 مليون دولار.

وقفز “الاحتياطي النقدي” في نهاية شهر مايو 2013 ليبلغ 16 مليار دولار بنمو سنوي قدره 3.4%، وذلك بسبب إيداع قطر 3 مليارات دولار يتم تحويلها لسندات بفائدة 3.5%، كما ارتفع في أبريل 2013، بنحو 2 مليار دولار بعد وضع ليبيا وديعة بقيمة ملياري دولار، أي أن الودائع الخارجية هي السبب الرئيسي في ارتفاع الاحتياطي.

وفي التقرير الشهري لوزارة المالية عن شهر يونيو الحالي، ارتفع رصيد الدين الخارجي بنسبة 15.6% ليسجل بنهاية مارس 2013 نحو 38.6 مليار دولار، مقابل 33.4 مليار جنيه بنهاية الشهر ذاته من عام 2012 السابق، فيما قفز الدين الداخلي إلى 80% من الناتج المحلي الإجمالي ليبلغ 1.38 تريليون جنيه مقابل 1.08 تريليون خلال الفترة المقارنة ذاتها.

وأعلنت رئاسة الجمهورية، في يناير 2013، قبول استقالة الدكتور فاروق العقدة محافظ البنك المركزي وتعيين هشام رامز بدلاً منه، وقال المحافظ الجديد حينها إن الوضع الاقتصادي والمالي بمصر ليس خارج السيطرة، بينما نفى “سلفه” أن تكون لاستقالته علاقة بأزمة الجنيه وتدهور قيمته أمام الدولار.

ولم تكن أوضاع العملة المصرية أمام نظيرتها الأوروبية بأسعد حال، حيث تراجعت أمام اليورو بنسبة 20.12% بعدما سجلت متوسط 9.39 جنيه مقابل 7.53 جنيه خلال الفترة المقارنة ذاتها، وكذلك الحال بالنسبة للجنيه الإسترليني الذي قفز بنسبة 16% أمام الجنيه، مسجلاً متوسط يبلغ 11.14 جنيه مقابل 9.42 جنيه خلال الفترة المقارنة ذاتها.

كما ارتفع “الريال السعودي” بنسبة 15% ليبلغ متوسط 1.90 جنيه في يونيو الحالي مقابل 1.61 جنيه في الشهر ذاته من 2012، وكذلك الحال بالنسبة للدينار الكويتي الذي قفز إلى 14.5 % ليبلغ مستوى 25.03 جنيه، خلال الفترة المقارنة ذاتها.

وقال محمد الأبيض، رئيس الشعبة العامة للصرافة باتحاد الغرف التجارية، إن ارتفاع الدولار خلال العام المالي الماضي يرجع إلى حالة عدم الاستقرار السياسي، مشيرًا إلى أن البنك المركزي انتهج جميع الإجراءات التي كان يمكن اتخاذها لتحجيم الدولار، إلا أنه يعمل في ظروف استثنائية.

وأوضح أن حالة العشوائية والفوضى التي شهدتها مصر خلال تلك الفترة ساهمت في ارتفاع الدولار بالسوق السوداء إلا انها تراجع خلال الفترة الأخيرة ليترواح بين 7.57 و7.60 جنيه قبل أن سجل تجاوز مستوى الـ 8 جنيهات.

وعاش الجنيه المصري أزهي عصوره في عهد السلطان فؤاد “1917 ـ 1922” حيث كان يبلغ حينها 5 دولارات، بينما بلغت قيمة الجنيه في عهد الملك فاروق “1936 ـ 1952” نحو 4 دولارات، وبعد ثورة يوليو، واصل الدولار الأمريكي ارتفاعه ليبلغ في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، “1954ــــ1970″، نحو 2.5 دولار، أما في عصر الرئيس الراحل أنور السادات “1970 ـــ 1981” ففقد الجنيه جزءا كبيرًا من قيمته ليبلغ 1.70 دولار.

وفي عهد الرئيس السابق حسني مبارك “1981 ـ 2011″، والذي تنحي عن حكم مصر بعد ثورة شعبية في 25يناير2011، فتواصل إنخفاض العملة المصرية عن الدولار للمرة الأولى في عهده ، حيث مر الجنيه بمرحلتين أولاها قبل سعر تحرير سعر الصرف في 2003، حيث كان الدولار حينها يدور في فلك 3.5 جنيه، والمرحلة الثانية من 2003 فشهد تراجعًا بقيمته ليصل لفلك 5.50 جنيه،.

وأضاف الدكتور حمدي عبدالعظيم، الخبير الاقتصادي، أن البنك المركزي قام بتدعيم الجنيه خلال الفترة الأولى من الثورة وعندما استهلك كميات كبيرة من الاحتياطي النقدي حيث كانت تتحرك حينها بنطاق قرش أو قرشين، وعندما توقف عن دعم العملة المحلية، تراجعت أسعارها بصورة ملحوظة وليس تدريجيًا.

ولفت إلى أن تلك الظاهرة أدت إلى عودة السوق السوداء بسبب قلة المعروض من العملة الأمريكية وزيادة الطلب عليه لأغراض الاستيراد، موضحًا أن المستورد يحصل على الدولار بأي سعر لأنه سيحمل التكلفة على السعر النهائي على السلعة.

بوابة الأهرام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى