الأخبار

الجماعات المسيطرة على سيناء

173

 

 

البيان الرئاسى الصادر أول من أمس، عقب اجتماع مرسى مع كل من الفريق أول عبد الفتاح السيسى، وزير الدفاع والإنتاج الحربى، واللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، واللواء رأفت شحاتة، رئيس المخابرات العامة، لبحث تداعيات حادثة اختطاف الجنود المصريين فى سيناء كان دليلا على ارتباك «الرئاسة» فى التعامل مع الأزمة.

البيان تضمن ديباجة مكررة فى الحوادث المشابهة من نوعية أنه «تم استعراض الجهود والاتصالات المبذولة على المستويين السياسى والأمنى، لسرعة الإفراج عن الجنود المختطفين، وأن الرئيس وجه باستمرار بذل الجهد للإفراج عن المختطفين»، إلا أن ما يؤكد الارتباك الحقيقى ما جاء فى البيان بأن مرسى طالب «بالحرص على المحافظة على أرواح الجميع سواء المختطفين أو الخاطفين»، ما فسره البعض بأن مرسى يعرف الجهات الخاطفة ولا يريد أن يزيد من حدة التعامل معهم، وأن تلك رسالة إلى الخاطفين بأن الرئاسة «ستحافظ عليكم»، وهى رسالة لا يجوز أن يوجهها رئيس إلى جماعة إرهابية ارتكبت جرما.

فريق آخر قلل من أهمية الجملة، واعتبر أنها خطة من مرسى لإنهاء الأزمة بشكل سلمى دون إراقة دماء، وخوفا على الجنود المخطوفين من أن يتعرضوا لأذى إذا شعر الخاطفون بالخطر، وأنها رسالة ضمنية من «الرئاسة» لإنهاء التفاوض الذى تتحدث عنه بعض المصادر العسكرية للإفراج عن الجنود المخطوفين.

الباحث فى شؤون الجماعات الإسلامية، عمار على حسن، يعلق على البيان الرئاسى، قائلا «كان على الرئاسة أن تنتظر حتى يتم تحديد هوية الخاطفين وإصدار مثل تلك التصريحات، لأنه لو تأكد أن الخاطفين من بدو سيناء ولديهم مطالب بالإفراج عن ذويهم المحبوسين فى إطار الخصومة التاريخية بينهم وبين النظام سواء نظام مرسى أو مبارك يكون حديث مرسى عن الحفاظ على أرواح الخاطفين به نوع من الحصافة والكياسة والسياسة المطلوبة، لأنه إن تعامل بعنف مع الخاطفين إن كانوا من البدو فسيؤدى ذلك إلى أزمة أكبر» حسب عمار، الذى يستكمل «يجب التعامل السياسى فى تلك الحالة، أما إذا تأكد لدى الرئاسة بأن خاطفى الجنود من الجماعات الإرهابية التى تحمل السلاح فى مواجهة الجيش وتريد تعريض الأمن القومى المصرى للخطر وفتح باب التدخل الأجنبى فى مصر فلا يجب أن يعدهم مرسى بما وعد وإنما يجب التعامل الحازم معهم».

عمار يرى أنه إذا كان هذا الوعد لجماعات إرهابية، وهو ما لم يتأكد حتى الآن، يكون تعامل الرئاسة متواطئا ومتراخيا، وإن كان من قام بتلك الجريمة عناصر من السلفية الجهادية التى أخرج مرسى بعضهم من السجن يكون الرئيس حنث بالقسم الذى أقسمه بالحفاظ على البلاد وأمنها القومى وحماية أرواح شعبها».

وأشار عمار إلى أنه ربما تأكدت «الرئاسة» أن من قام بتلك الجريمة هم من الجهاديين، وهى لا تريد أن تجرح علاقاتها ببقايا السلفية الجهادية، وتريد أن تغسل يدها فى حال التعامل الأمنى الذى قد يقدم عليه الجيش بالمنطقة، وانتهى عمار إلى القول بأن كل هذه التحليلات تتوقف على المعلومات التى لدى «الرئاسة» عن هوية الخاطفين للجنود، فإذا كانوا بدوا أصبحت «الرئاسة» حصيفة ورزينه بتصريح الحفاظ على أرواح الخاطفين، أما إن كانوا إرهابين تكون «الرئاسة» متراخية ومتهاونة ومتخاذلة.

أما رئيس الحزب المصرى الديمقراطى، محمد أبو الغار، قال لـ«التحرير»، إن العناصر الإجرامية المنتشرة بسيناء معروفة للجميع، من بينها «السلفية الجهادية» وعناصر مصرية وأجنبية أخرى «لكنى لا أريد أن أكون سيئ النية» حسب أبو الغار، مضيفا أن الرئيس قد يكون يقصد هنا أنه يريد إنهاء الأزمة بطريقة سلمية، لأن «التعامل العنيف مع الخاطفين قد يكون خطرا على أرواح المخطوفين»، وأشار أبو الغار إلى أن الحكومة المصرية ليست مهتمة بالموضوع، وتترك الأزمة تتضخم، وسيؤدى ذلك إلى الوصول إلى أن تصبح سيناء فعليا خارج السيطرة الأمنية وخارج السيادة المصرية.

بدوره يرى أحمد طه النقر، المتحدث الرسمى باسم الجمعية الوطنية للتغيير، أن مرسى وعد الخاطفين بالحفاظ على أرواحهم، لأنه من المعروف أن المسيطر على سيناء حاليا هم مجموعة من «الأهل والعشيرة والتنظيمات المتحالفة مع جماعة الإخوان المسلمين»، مضيفا «لأجل ذلك يصر مرسى على مسألة التفاوض مع الخاطفين ويعدهم بالحماية وهذا يسقط هيبة الدولة».

النقر شدد على أن التفاوض مع الجماعات الإرهابية يؤدى إلى كوارث، وطالب بأن «تعلن المؤسسات الأمنية -الجيش والمخابرات العامة- عن حقيقة ما يحدث فى سيناء ومن خطف الجنود ومن قتلهم من قبل، وأن أى مؤسسة ستعتم على تلك المعلومات ستكون مشاركة فى الجريمة التى تحدث الآن».

أما الخبير العسكرى السابق اللواء محمد عكاشة فيرى أن وعد مرسى بالحفاظ على أرواح الخاطفين والمخطوفين تعبر عن أنه لا يقدر حجم الأزمة، ويقول «لا يجب أن تتعامل أجهزة الدولة مع مجموعات إرهابية بمنطق تبادل الأسرى، فكيف تجلس الدولة مع الخاطفين لمبادلة سجناء بجنود»، وطالب عكاشة بضرورة أن تتعامل أجهزة الدولة الأمنية بحسم فى تلك القضية لإعادة الجنود المخطوفين، مشددا على أن استخدام مبدأ التفاوض لإعادة الجنود سيؤدى إلى تكرار تلك الحادثة مرة أخرى، وذهب عكاشة إلى القول بأن حديث مرسى يشير إلى علاقة ما بين جماعة الرئيس والجماعة الخاطفة للجنود.

 

 

التحرير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى