الأخبار

لماذا خافت السلطة من علانية محاكمة مرسي؟

76

 

 

 

حوكم أمس 4 نوفمبر 2013 أول رئيس مدني منتخب!!.. وكما توقعنا لم تكن السلطات بـ”الشجاعة” التي تسمح لها بنقل وقائعها على الهواء.. لأن سؤال الشجاعة يخفي كثيرا من التفاصيل التي تحتاج إلى “الدعبسة” حال شئنا الاطلاع على “خطورة” مثل هذه المحاكمة. كل التوقعات قطعت بأن المحاكمة ستكون “سرية” وهذا ما حدث فعلا.. وربما يدعي البعض بأن التغطية الصحفية “المحدودة” قد تجعلها في درجة العلنية.. وهو ادعاء هزلي.. لأنه لا معنى لصحافة  منتقاة من المؤسسات المؤيدة لـ”عسكرة الدولة” لا تتمتع بالحيدة والاستقلالية، وتعتبر خصما للرئيس المعزول حتى نتكلم عن “العلنية”.. لأن البث المباشر لقنوات مؤيدة ومعارضة، هو الذي يكفل “العلنية” المطلوبة في واحدة من أخطر المحاكمات السياسية التي شهدتها مصر، عبر تاريخها كله. لماذا خافت السلطة الانتقالية من “البث المباشر” للمحاكمة؟!.. بالتأكيد هي لم تكن  تعرف ماذا يخبئ مرسي من مفاجآت، وتتحسب السلطة، من “الحرج” الذي قد يسببه للجميع، حال تحدث بوصفه “الرئيس المنتخب”.. ولعل مؤسسة العدالة هي أكبر المتضررين من هذا المشهد “العبثي”.. إذ يظل قبول قضاة لمحاكمة رئيس “منتخب” تمت إزاحته بالتدخل المباشر من الجيش، محل تساؤلات كثيرة ومشروعة بشأن مكانة القانون والدستور وسلطة الشعب في ضمير العدالة المصرية، الذي يتمتع بـ”عراقة” تضاهي عراقته في الدولة الديمقراطية في العالم الحر. المسألة ـ هنا ـ لا تتعلق بمرسي “الشخص” ولكن بما يمثله من “رمزية”.. إذ يمثل إرادة أكثر من 13 مليون مصري، اختاروه عبر آليات ديمقراطية “الصندوق”.. وهو أخطر مأزق وتحد لمحاكمته، لأنها تعتبر “تعديا” على صاحب السلطة الأساسي ومصدرها “الشعب”.. وتعتبر “إهانة” لهذه الملايين التي انتخبته. مرسي ـ منذ إقالته ـ وهو يمثل مأزقا كبيرا لسمعة مؤسسة العالة، وكان من الأخطاء الجسيمة، حضور رئيس المحكمة الدستورية العليا، ورئيس مجلس القضاء الأعلى، جلسة عزله، يوم 3 يوليو.. لأن حضورهما جعل القضاء في علاقة خصومة سياسية مع الرئيس المعزول ومع أنصاره وحلفائه ومع من انتخبوه..  فكيف يطمئن ” مرسي” نفسه إلى حيدة “العدالة” التي من المفترض أن تكون عمياء.. وهي “شريكة” في عملية الإطاحة به. أخطاء كبير وجسيمة.. وضعت المؤسسة الأهم  في مصر، في موضع  لم تمر بمثله عبر تاريخها ، وأقل كثيرا من محنتها حين اعتدى عبد الناصر على أحد شيوخها الكبار ـ السنهوري باشا ـ في مقر دار العدالة بمجلس الدولة. في تقديري أن محاكمة مرسي.. كانت “مغامرة” غير محسوبة العواقب.. وكان يمكن البحث عن بدائل عنها، تجنب الجميع الوقوع في شركها “المهلك” .. غير أن التوتر والاستجابة للتيار الاستئصالي في السلطة وفي الإعلام.. بدون إعمال العقل والتريث .. أفضى إلى هذا الوضع الذي ستكون تكلفته كبيرة بشكل غير متوقع


 

 

المصريون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى