الأخبار

الليلة الأولى للعيـاط في سجن برج العرب

34

 

لم يكن المعزول محمد مرسى يتوقع أن الطائرة التى أقلته من أكاديمية الشرطة، بعد انتهاء إجراءات أولى جلسات محاكمته، ستذهب به إلى السجن. كان الديكتاتور الإخوانى يتوقع أن تعود تلك الطائرة به إلى مكان احتجازه الأول فى إحدى المناطق العسكرية، التى كان يتمتع فيها بكل وسائل الراحة والأمان.

يهدد الضباط

المفاجأة أذهلته وأصابته بحالة من الهستيريا، خصوصًا عندما هبطت الطائرة فى مهبط سجن برج العرب، وطلب منه مرافقوه من الحراسة النزول، لكنه رفض تمامًا على مدار ساعة كاملة، فى مشهد يعيد إلى الذاكرة ما فعله مبارك عندما رفض الذهاب إلى سجن طرة بعد قرار حبسه وتمسك بالذهاب إلى المركز الطبى العالمى الذى كان يقيم فيه منذ تنحيه.

 

 

حاول مرسى مع الحرس، وعندما أصروا على دخوله السجن، قال لهم بالنص موجهًا كلامه إلى ضباط الشرطة ومأمور السجن: «انتم فاكرين يوم 26 يناير 2011 لما جت الشرطة خدتنى من البيت أنا قلت لهم هوريكم وورتكم وأصبحت رئيسًا للجمهورية فى خلال سنة ونصف، وأنا دلوقتى هوريكم وهاطلع من السجن لأننى رئيس الجمهورية الشرعى، واللى بيحصل ده هينتهى قريبًا».

يرفض استلام الملابس البيضاء

 

وبعد تلك المحادثة استجاب مرسى ودخل السجن، وعندما تم إبلاغه باستلام الملابس البيضاء دخل أيضًا للمرة الثانية فى حوار حاد رافضًا ارتداءها، وقال «أنا رئيس الجمهورية ولا يجوز ارتداء ملابس السجن»، ثم عاد وطلب الملابس وخلع الجاكيت الذى كان يرتديه فى أثناء المحاكمة، ودخل الزنزانة بالقميص والبنطلون.

 

 

وقامت إدارة السجن بتوفير جهاز تليفزيون بحجرته، وهو شىء متبع فى كل الغرف ومع كل المساجين، إلا أن مرسى ظل طوال الليل يعبر عن سخطه وتأففه من الزنزانة، ورفضه المكوث فيها وطلب المزيد من الكماليات غير المسموح بها للسجناء إلا أن إدارة السجن رفضت طلبه ثم أخذ يهذى ببعض الكلمات غير المفهومة مما دعا إدارة السجن إلى استدعاء طبيب للكشف عليه الذى أمر بنقله إلى المستشفى.

 

المعزول صحته جيدة

وطبقًا لما أكده مصدر أمنى بمصلحة السجون فإن مرسى يتمتع بصحة جيدة، ولا يعانى من أى شىء، لكنه دخل مستشفى السجن طبقًا للوائح والقوانين الخاصة بمصلحة السجون، التى تنص على أنه يجوز لأى سجين فور دخوله السجن لأول مرة أن يتم حجزه فى المستشفى لمدة 10 أيام، يتم خلالها الكشف عليه وإجراء جميع الفحوصات الطبية الكاملة له، وكتابة تقرير طبى شامل يكون ملازمًا له طوال فترة وجوده فى محبسه، وتم تجهيز غرفته بالمستشفى المنفصلة تمامًا عن باقى الغرف، وعزله عن باقى المساجين حرصًا على حياته، وفرض إجراءات أمنية مشددة فى كل تحركاته ومواعيد خروجه للتنزه، التى بالضرورة ستكون مختلفة عن مواعيد باقى المساجين منعًا للاحتكاك به.

 

ممنوع من الزيارة عشرة أيام

وعن زيارة أسرته وهيئة الدفاع عنه فى محبسه، أكد المصدر الأمنى أن مرسى ممنوع من الزيارة لمدة 10 أيام حسب لوائح مصلحة السجون بعدها مسموح له بأربع زيارات فى الشهر، بواقع مرة كل أسبوع فى أى يوم ما عدا الجمعة، والعطلات الرسمية، من الساعة 9 صباحًا حتى 12 ظهرًا على أن يكون عدد الزائرين من شخصين إلى أربعة ومن حقه مراسلة أهله فى أى وقت لمدة 60 يومًا وشراء المجلات والكتب المصرح بتداولها.

 

تأمين السجن بـ3 آلاف جندى وضابط

وعن الإجراءات الأمنية فى سجن برج العرب أكد المصدر الأمنى أن السجن مؤمن تمامًا، مشيرًا إلى وجود أكثر من 3 آلاف جندى وضابط لتأمين السجن، بجانب نقاط تفتيشية أمنية للطرق المؤدية إلى السجن بطول 3 كيلومترات عند طريق قرى بنجر السكر، و6 كم من برج العرب الجديدة، بالتنسيق مع القوات المسلحة وقطاع الأمن المركزى، بخلاف وجود مدرعات ودبابات خاصة، لإجهاض أى هجوم بالأسلحة النارية والثقيلة على أسوار السجن، كما حدث فى أعقاب ثورة 25 يناير عندما حاول البعض الهجوم على السجن بالأسلحة الثقيلة وفشلت تلك المحاولات تمامًا. المعزول رضى بالأمر الواقع وامتثل للوائح السجون ويقضى ساعاته حاليا فى مستشفى السجن، وانتهت حالة الغضب والهياج التى انتابته منذ معرفته بخبر ذهابه للسجن وارتداء الملابس البيضاء.

 

مدير السجون متوتر

حالة من القلق والتوتر الشديدين انتابت اللواء محمد راتب مساعد وزير الداخلية مدير مصلحة السجون منذ تبليغه أمر نقل مرسى إلى سجن برج العرب فى الإسكندرية، لا تزال مستمرة حتى الآن، وهو ما انعكس على الضباط والأفراد فى السجن بشكل سلبى جدا، حيث أمر راتب بسحب كل أجهزة المحمول من الضباط وكل الموجودين فى السجن وأى شىء يمكن من خلاله التصوير أو التسجيل مما أثار حالة من الغضب بينهم، ودفع بعضهم إلى تنفيذ الأوامر بكثير من الضيق، ظهر خلال الاجتماع الذى عقده معهم قبل وصول مرسى إلى السجن ليملى عليهم تلك التعليمات المشددة.

 

رفض طلبات صالح والبرنس مقابلته

مصدر أمنى آخر، من داخل سجون برج العرب، قال إن المعزول قضى ليلته الأولى داخل غرفة محبسه، وتم تلبية جميع طلباته وتم إحضار تليفزيون له، بينما تم منعه من استخدام الهاتف المحمول، ورفض طلبه بمقابلة بعض الإخوان، وتم الاكتفاء بالتأكيد له على أن عددًا من القيادات موجودون داخل السجن من بينهم صبحى صالح وحسن البرنس، اللذان حرصا على توجيه طلبات باستقبال المعزول ورفعا إشارات رابعة، وتم منعهما من رؤيته وقت نزوله. مرسى رفض التوقيع على إقرار بملازمة غرفته مدة 10 أيام، حسب القانون، وفق المصدر ذاته، الذى أكد أنه لن يوافق على ملازمة غرفته لهذه المدة حتى تم إقناعه بالتوقيع.

 

 

وأكد المصدر أن مرسى، مع حلول الظلام ظل يشكو من حالة مرضية ولوحظ عليه ارتفاع ضغط الدم خلال خضوعه للكشف الطبى، وأنه طالب حارس غرفة محبسه أكثر من مرة للاستفسار منه عن مواقيت الخروج والدخول وأداء الصلاة وغيرها من المعلومات الاسترشادية حتى دخل فى نوم مع الساعة الحادية عشرة واستيقظ قبل أذان الفجر بنحو نصف الساعة.

 

 

يطلب وجبة «بط»

وقال المصدر لـ«ال»دستور الأصلي  إن اليوم الثانى من حياة المعزول داخل السجن كان استكمالًا لإجراءات مثوله بسجون برج العرب، وحرص على تناول عقار خفض ضغط الدم المرتفع، وتناول عصير الجوافة وكميات كبيرة من الماء والسوائل، بينما حرص على تأكيد أن ما يحدث اقتربت نهايته، ووعد العديد من الحراس والضباط بأنهم لن يكون ضد أى موقف عدائى حال خروجه، لأنهم ينفذون تعليمات وأوامر، وينفذون لوائح وقوانين، وأشار المصدر إلى أن من طلبات المعزول الغريبة طلبه تناول وجبة بط خلال ثانى أيام محبسه بالتزامن مع مناسبة رأس السنة الهجرية، قائلا لمن سألوه هل لك أى مطالب على الغذاء؟ إن وجبة البط هى الوجبة المفضلة لديه وهى عادة فى المواسم الدينية.

 

يصيح فى الضباط: أنا رئيسكم

المصدر الأمنى قال إن مرسى صاح فى ضباط السجن للحظات «أنا رئيسكم.. لماذا لا تخاطبونى بصفتى الرئيس؟» وأشار إلى أنه من حق المعزول استحضار ما يلزمه من الطعام من خارج السجن أو شرائه من السجن بالثمن المحدد له يوميا، وإن لم يرغب فى ذلك فمن حقه صرف الغذاء المقرر له كباقى النزلاء، طبقًا للمواد الخاصة بالمحبوسين احتياطيًّا، إضافة إلى إتاحة الفرصة له لمشاهدة القنوات الأرضية التابعة للتليفزيون المصرى، وممارسة حقه فى التريض ومطالعة الصحف.

 

وأوضح أن القانون يسمح للقوات المكلفة بحراسة السجن بأن يستعملوا أسلحتهم النارية ضد المسجونين فى حالة وجود أى مقاومة مصحوبة باستعمال القوة إذا لم يكن فى مقدورهم صدها بوسائل أخرى، كما يجوز إطلاق النيران لمنع فرار مسجون إذا لم تستطع منعه بوسائل أخرى، وفى هذه الحالة يتعين أن يكون إطلاق أول عيار نارى فى الفضاء، فإذا استمر المسجون على محاولته الفرار بعد هذا الإنذار جاز للأشخاص المكلفين بحراسته أن يطلقوا النار فى اتجاه ساقه.

فى الإسكندرية للمرة السادسة

مرسى الذى زار الإسكندرية 5 مرات فى أثناء استعداده للانتخابات وأيضا فى أثناء عام حكمه الأسود يعود إليها للمرة السادسة، لكن هذه المرة ليس بهيلمانه وزفته وأهله وعشيرته، إنما كسجين. مرسى حضر إلى المدينة الساحلية قبل انتخابه، ثم كانت الزيارة الثانية إلى مقر المنطقة البحرية برأس التين لحضور حفل تخرج نهاية العام الماضى ثم جاء فى زيارة شعبية خلال شهر أكتوبر من العام الماضى واستقبله الأهل والعشيرة وهم من سمح لهم فقط حضور المؤتمر الشعبى بساحة ميدان سيدى جابر بالقرب من المنطقة الشمالية العسكرية، وشهدت تظاهرات مضادة ضده، ثم كانت الزيارة الرابعة له بقرى بنجر السكر، يوم حصاد محصول القمح، قبل أن يختتم جولته فى الإسكندرية كـ«متهم» يحاسب فى قضايا قتل المتظاهرين وأحداث الاتحادية وغيرها من قضايا التجسس.

مدير الأمن ينفى مرض المعزول

اللواء أمين عز الدين، مدير أمن الإسكندرية، من جهته نفى ما تردد عن دخول مرسى مستشفى السجن أو غرفة العناية المركزة مؤكدا أنه ينعم بصحة جيدة وشكواه لم تتخط العديد من الإرهاق جراء المحاكمة، وأنه أمر طبيعى لم يستدع دخوله المستشفى، وأكد أن المعزول يلقى معاملة طبيعية وطيبة، حسب اللوائح والقانون، ولا يوجد شىء خارج، وأن جميع اللوائح ستطبق عليه.

 

 

الستور الاصلى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى