سوق عشوائي يحيط بوزارات مدينة نصر

 

so2

 

 

كتبت- علياء أبوشهبة:

شماعات معلق عليها ملابس تسد الرصيف، لدرجة تكاد تمنع المشاة من العبور، و ضوضاء وضجيج لا يوصف، ومناوشات عدة قد تنتهي بمعركة بالأسلحة البيضاء من سنج و مطاوي وحتى السيوف، هذا المشهد ليس في وكالة البلح أو غيرها من الأسواق الشعبية، ولكنه في الشارع الخلفي لمجموعة من أهم الهيئات والوزارات الحكومية الواقعة في شارع صلاح سالم.

فوضى وعنف

مصراوي رصد المشهد في جولة ميدانية في شارع الدكتور مصطفى أبو زهرة الذي يمتلئ بالبضائع المتنوعة من الإبرة إلى الصاروخ، ولا تكاد أحاديث الباعة فيه تخلو من تبادل الألفاظ النابية.

السوق العشوائي يبدأ من خلف الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء ويصل حتى وزارة التعاون الدولي، ويمتد أيضا إلى شارع دكتور مصطفى أبو زهرة و هو الشارع الخلفي لوزارة القوى العاملة، ويمتد حتى بنك القاهرة.

كما يمتد السوق إلى الشارع الخلفي لوزارة التنمية الإدارية وجهاز التعبئة العامة والإحصاء، بالتقاطع مع شارع يوسف عباس في مدينة نصر.

يصعب الدخول إلى الشارع الموجود به السوق بالسيارة، وأثناء جولة مصراوي لم تتمكن سيارة نقل الأموال التي يفترض لها أن تسير في طريق آمن من الوصول إلى البنك، حيث يضم الشارع بنك القاهرة، وعلى بعد أمتار قليلة يقع بنكي الأهلي ومصر، كما تضم المنطقة شركة مدينة نصر للتعمير وشركة الصعيد للنقل البري.

”في السابعة صباحا يبدأ السوق نشاطه ومعه تبدأ معاناتنا”، هكذا بدأت ألفت صلاح، المقيمة بإحدى الشقق المطلة على السوق حديثها، مؤكدة على أن الضوضاء التي يحدثها الباعة نتيجة مشاجراتهم وترويج بضائعهم تفوق الوصف، وتفقدهم الشعور بالراحة و تزداد المشكلة صعوبة بالنسبة للمرضى و المسنين، كما أنها تزعج أبنائهم و تعطلهم عن المذاكرة.

”شكاوى بلا مجيب”

وقال عبدالله إسماعيل، أحد ساكني المنطقة المواجهة للسوق، إن توافد الباعة إلى هذه المنطقة قبل ثورة يناير كان بسيطا و محدودا، لكنه حدث بعدها، وبالتدريج وصل إلى هذه الدرجة التي يصعب تقبلها، كما أكد على تكرار الشكوى للمسؤولين عشرات بل مئات المرات، و لكن ما من مجيب لشكواهم.

وأضاف أن بنك القاهرة نفسه كان هو الأمل بالنسبة لهم للخلاص من السوق، لكن الحال لم يختلف كثيرا، فلم يحضر أي شخص من شرطة المرافق، حسب قوله.

قمامة وزحام

أكوام من القمامة تبقى في نهاية النهار في أركان الشارع، ليأتي الباعة في اليوم التالي ليزيدوا منها، هذا هو ما أكده جابر عباس، حارس إحدى العقارات الموجودة في الشارع، و الذي أوضح أن صعوبة مهمته تتمثل في الحفاظ على نظافة الرصيف المواجه للعمارة، علاوة على مراقبة سيارات السكان.

ويقول حارس العقار إنهم السكان يجدون صعوبة في دخول الشارع، والخروج منه، كما يعجز غالبيتهم عن العثور على مكان لصفها، و لم تفلح شكواهم في الحي.

يقول حسين صلاح، حارس أمن بإحدى الشركات الحكومية، التي تقع أمام السوق العشوائي، إن مشاجرات الباعة يفوق العنف فيها كل تصور، ولذلك يكتفى المتواجدون في الشارع بمشاهدة ما يحدث.

أضاف حارس الأمن قائلا إن كثير من الموظفات تعرضن لسرقة أموالهن أثناء الشراء من الباعة، والذين يمتلكون سيارات ربع ونصف نقل يستخدمونها لنقل بضائعهم، وذلك في نهاية النهار بعد خروج الموظفين.

كما أعرب عن تضرره من أن السيارات الخاصة بشركته أصبحت لا تجد مكانا للدخول إلى الشارع، وتفضل انتظار الموظفين على شارع يوسف عباس.

أين البديل؟

يتساءل عيد فرج، أحد بائعي السوق، عن وجود مكان بديل قريب من الوزرات يوفر له زبون دائم ويحميه من حرارة الشمس، والمضايقات التي يتعرض لها؟، ويقول إنه يأتي إلى السوق في الرابعة فجرا حتى يضمن الحفاظ على مكانه على الرصيف، وليقوم أيضا بفرش بضاعته قبل موعد حضور الموظفين.

عيد، بائع في السوق، هو شاب في العشرينات من العمر، من إحدى قرى أسيوط، جاء إلى القاهرة باحثا عن لقمة العيش، ويقيم لدى خالته في الحي العاشر في مدينة نصر، ويقول إن السوق لا يضر أحدا لأنه ينتهى بنهاية مواعيد انصراف الموظفين أي قبل الثالثة عصرا.

الحاج عصام، تاجر أدوات منزلية، تنقل ما بين سوريا و العراق و ليبيا، وبعد أن استقر به الحال في مصر، ولم يتمكن من العثور على مقر تجاري يمكنه البيع من خلاله، فلم يجد سوى الرصيف لكى يعرض عليه بضاعته.

و قال لمصراوي إن باعة السوق لا يوجد أمامهم بديل سوى الجلوس على الرصيف، و أن إزالة السوق لابد أن يصاحبه توفير مكان بديل لهم، مشيرا إلى أن باعة السوق غالبيتهم من الشباب الذى لا يجد فرصة عمل و يبيع بدلا من السرقة و البلطجة.

كما أشار إلى أن باعة السوق لا يوجد من بينهم البلطجية، وأنهم لا يقتربون من ساكني العقارات المجاورة لهم.

”شرطة المرافق غائبة”

من جانبه قال اللواء سيف عبدالباري، نائب محافظ القاهرة والمسؤول عن الأسواق، إن تواجد الباعة في هذه المنطقة يحدث قبل أحداث الثورة و ليس بعدها فقط، ولكنه تزايد بعدها بشدة، ويوضح أن المحافظة قامت بالعديد من الحملات لإزالة هذا السوق بالكامل، مضيفا بأن شرطة المرافق لا تتجاوب مع هذه البلاغات و لا تتعامل معها بجدية وهو ما يزيد من حدة الأزمة.

وأضاف عب الباري أن تجاوب الشرطة مع محافظة القاهرة و تكرار نزول الحملات الأمنية هي الحل الوحيد للقضاء على هذا السوق العشوائي.

 

مصراوى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى