العيال كبرت..

89

 

 

 

“أنت لسه صغيرة ومش فاهمة مصلحتك…احنا بنفهم أكتر منك..هتفضل طول عمرك عبيط…ده منظر أوضة؟…إبقي قابلني لو فلحت…اااه كل يوم تيجي من برة وتقولي تعبانة تعبانة امال هتعملي ايه بعد الجواز..انتي بنت وهتبقي مسئولة عن بيت لو متعلمتيش دلوقتي هتتعلمي امتى…اتعلمي النضافة بدل متفضحينا ادام الناس في بنات بيطلقوا عشان مبيروقوش عدل… انت فاكر ان احنا مستنيين منك حاجه؟؟.. اوعى حد غريب يديلك حاجه وتاخدها… اللي ياكل في طبق او يشرب في كباية يغسله…أنا مش الفلبينية اللي أبوكو اشتراها”..

ولا زال قاموس التوبيخ مستمرا، فهناك مقولات شهيرة يتميز بها كل بيت مصري، حيث ينظر الأهل إلى الأبناء مهما بلغ عمرهم أنهم لازالوا أطفالا، ويتعاملون معهم بأسلوب قد يصل بهم إلى الانطواء .

وتجد أن التوبيخ قد يأخذ مسارا أسوأ عندما يقوم به الأهل أمام الآخرين، وهذا يلعب دوره في فقدان الثقة بالنفس نظرا للخجل، كما يصيب الأبناء بالإحباط وشعورهم بأنهم غير قادرين على فعل أي شيء.

وقد يؤدي هذا إلى الخوف من اتخاذ القرارات، كاختيار شريك الحياة مثلا، لأن الشخص يشعر أنه غير قادر على القيام بأي شيء بمفرده مما يدفعه لأخذ رأي الأهل في كل ما يخصه، وحتى إن كان مقتنعا بأمر ما ووجد أن أهله غير راغبين بالأمر يغير رأيه تماما لأنه صدق بأنه لازال صغيرا وهم يفهمون الأمر بشكل أفضل منه.

و تجاوب الكثيرون مع هذا الموضوع معبرين عن آرائهم وتجاربهم الشخصية، وكانت الردود كالآتي :

أجابت “مي” لا يحدث هذا بالضرورة في كل البيوت، والدتي تدللني إلى أقصى درجة وعندما أسألها مساعدتها ترفض، وحتى عندما أقول لها هذا بدافع التعلم فتيجبني أن التعلم سوف يأتي بعد الزواج، ولا أعرف هل ما تقوم به والدتي هو الصحيح أم ما تفعله باقي الأمهات بتعليم البنات منذ سن مبكر، لكن كل ما أعرفه أن على الأم أن تستخدم كلاما إيجابيا وليس التوبيخ لأنه سوف يؤدي إلى العكس.

أما “رياض” فيقول أنه يسمع الكثير من هذا الكلام وخصوصا “اللي ياكل في طبق يغسله..أنا مش الفلبينية اللي جابها ابوكو”، ولكن اتغاضى عن كل هذا وأسمع الكلام ليس ضعفا مني وإنما تقديرا لأنه نابع عن ضغط الحياة.

وتعلق “نور” بصراحة أشعر وكأني لدي انفصام في الشخصية من هذا الأمر، فأحيانا أجد أمي وأبي ملائكة يسيرون على الأرض، وأحيانا أتمنى أن تبتلعني الأرض، يعلمون جيدا أن مجهودي قليل نسبيا وذلك بحكم الأطباء إلا أنهم ومع هذا يتناسون الأمر، وعندما أعود من العمل وأنا منهكة يطلبون مني أشياء قد تكون قليلة ولكن غالبا لا يكون لدي المجهود الإضافي، فأجد منهم توبيخ عالي الجودة، مما يجعلني أحيانا أتمنى لو مكثت طول الوقت خارج البيت، وليس هذا فقط وإنما أحيانا يقومون بإهانتي أمام الآخرين مما يجعلني أكره التجمعات مع الأسرة التي لا تقدرني أو تشجعني على أي شيء.

“أنا مشكلتي في كل ده إني أنشر الغسيل أو أطبقه” هكذا قالت “مروة” ضاحكة، ثم أوضحت أن الكلام يتوقف تأثيره على الوقت الذي يقال فيه، وبالتالي ليس دائما له تأثير سلبي، وهذا يجعلني أحيانا انفعل و أعند، وأحيان أخرى أقدر و أتعامل مع الأمر بالضحك.

و قال “محمد” كل أب وأم يرون أن الأبناء لازالوا صغارا، وأنهم الأجدر بمعرفة مصلحتهم، وكل هذا نابع من خوفهم على الأبناء، وليس بقصد الإهانة، ولذا علينا تحمل ضغوطهم، فقد قال الله تعالى “ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة”
أخبار اليوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى