الأخبار

قبطى مسيحى بـ«شَرطة»!!

48

 

 

 

دُعيت يوم الأحد الماضى من المستشار أمير رمزى للمشاركة وإلقاء كلمة فى مؤتمر كان عنوانه «التمييز الإيجابى للأقباط»، كأنه يوجد تمييز سلبى وآخر إيجابى!! يا فرحتك يا مصر بنخبتك التى تظهر فى الأزمات شمعة فُلة منورة. تندهش وأنت تستمع لبعض الكلمات وهى تحض صراحة لا على منح المسيحيين ما يطالبون به، لا بل تجعلهم يطالبون بالاستقلال التام أو الموت الزؤام! وتُفاجأ بطرح آراء كمسلّمات وحقائق تفسر ما آل إليه حالنا من عينة تعمد ثورة يوليو عام 1952 إبعاد الأقباط عن الحياة السياسية فى مصر! أو أن الشعب والدولة مارسا اضطهاد الأقباط فى مصر! ولذا فالحل فى كوتة برلمانية تزيل الاضطهاد! وكأن مشكلاتنا فى القرى والكفور ستزول بالكوتة لا بإصلاح الخطاب الدينى والتعليم وزيادة الوعى والإنتاج! ماذا أقول بعد كل ما قيل؟! تكلمت فقلت إن ثورة يوليو لم تُقصِ المسيحيين عن السياسة، وما حدث كان عقدا ضمنيا غير معلن بين حاكم تعهد للمصريين بتوفير التعليم والتوظيف والسكن والعلاج، مقابل تنازلهم له عن حق إبداء الرأى فيما يتخذ من قرارات. وتلك كانت مشكلة الرئيس جمال عبدالناصر. وإننى جئت بصفتى قبطية مسلمة يسبق انتمائى للوطن المعتقد الدينى لى. فالمسلمون تنازلوا عن كلمة قبطى جهلا ظنا أنها كفر، واستحوذ عليها المسيحيون فى وطنى احتماءً من ممارسات غاب عنها قانون المواطنة. ولذا فمحمد ابن العمرانية لا يختلف عن مريم ابنة الوراق، كلاهما اغتالته يد الإرهاب الإخوانى دون أن تفرق بين دينيهما. تجاوز عدونا الحدود للمرة الأولى وصار بيننا. وإننا رفضنا فكر جماعة حاولت فرض رؤيتها فى الإقصاء والتمييز لأننا نعيش فى وطن اسمه مصر. وإن معركتنا الحقيقية هى دولة المؤسسات والقانون التى يكون فيها الجميع مواطنين سواسية. وإننى أرفض انعزال المسيحيين مجدداً خلف جدران الكاتدرائية محتمين بلقب «شعب الكنيسة» لا شعب مصر. بالطبع لم يُرضِ حديثى الكثيرين وفى مقدمتهم مَن دعونى للمؤتمر. ولكن قلت كلمتى ومضيت. واستمرت الكلمات وسمعت فيها عجباً، كعتاب الأنبا بولا على لجنة الخمسين -وهو عضو بها- تجاهلها الاستماع للأطفال المسيحيين أسوة بذوى الإعاقة!! يا نصيبتى! نسى أبونا أن المعاقين فى بلادنا فئة بينما المسيحيون أهل وطن وقد يكون منهم المعاق! وحديث شاب آخر بأنه يجب منح الأقباط حقوق الأقليات كالسود فى أمريكا؟!! يا ليلة طين! ثم حديث السيد محمد أبوحامد، صديق سمير جعجع، مدغدغاً المشاعر بكلام من عينة من الذى وضع قانون التأمين الصحى فى أمريكا ومن أشهر مهندسى الأنفاق فى أوروبا؟ أليسوا أقباطا مصريين؟! وبالطبع تصفق الجماهير العطشى للإحساس بالتمييز! ومستر سعد إبراهيم -وسيط الأمريكان والإخوان والسلفيين- يؤكد على امتلاكه حق الملكية الفكرية لكوتة المسيحيين من سنة 2000! يا حزنك يا مصر. يا سادة لو لم ندرك أن أيادى العابثين فى الخارج تسعى لتقسيمنا وأن الإخوان ساروا خطوات فى هذا الطريق فنحن واهمون. لو لم نفهم ما حدث فى السودان والعراق وسوريا وليبيا واليمن، فنحن غافلون والتاريخ لا يحمى المغفلين. ابحثوا فى دساتير العالم فلن تجدوا تمييزا لطائفة لمعتقدها الدينى إلا فى دولة مثل العراق الراكعة تحت الاحتلال الأمريكى. فى أوروبا والدول المتقدمة الذين نتذكرهم فقط حينما يحلو لنا، تصر الدساتير على حقوق المساواة والعدل والمواطنة الحقة. خبرونى يا أهل التمييز يا أفاضل لماذا نميز المسيحيين ولا نفعل ذلك مع الشيعة وبدو سيناء ومطروح وأهل النوبة؟! بالمرة بقى تمييز بتمييز وكله يميز نفسه! يا أهلى وإخوتى ليس لنا سواها وطن فلا تضيعوها ولا تسيروا وراء نخبة ما تمت، ويبدو أنها لن تتم.

 

 

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى