صراع الوصول في مطار القاهرة

 

13

 

يعتبر الكثير من المسافرين صالة الوصول في أي مطار كالواجهة ومن الأمكان التي يبنى عليها الانطباع الأول فور وصوله أي دولة. لذا، فقد عزمت الدولة المصرية في الآونة الأخيرة على القيام بأعمال تطوير وتحديث لصالات مطار القاهرة الدولي لاستيعاب أفواج السائحين والزائرين من جميع دول العالم في إطار تشجيع وتنشيط السياحة؛ حيث إن نفقات هذا العمل التطويري قد تكبدته الدولة من الخزانة العامة قدر بملايين بل مليارات من الجنيهات المصرية.

فقد تم الأخذ في الاعتبار عند تنفيذ مشورع التطوير والتحديث كل الخدمات والتسهيلات لتقليل من مشقة وعناء السفر للسائحين عند الوصول. فقد تم تزويد صالات المطار بمكاتب وشركات السياحة و”الليموزين”؛ لنقل السائحين إلى أماكن إقامتهم. ومن هنا أتت المشكلة، فأصبح داخل صالة الوصول عدد كبير من مندوبي تلك الشركات وممثلين عنهم يتنافسون في مطاردة السائحين عند خروجهم، فتجد السائح محاطا بهؤلاء المندوبين يحاولون إغراءه بعروضهم وأسعارهم بهدف كسب ثمن توصيله والحصول على عمولات لشركاتهم.

ما شجع تلك الظاهرة قيام الإدارة بوضع رسوم دخول إلى صالات المطار بقيمة تبلغ 5 جنيهات؛ مما جعل الكثير من سائقي الأجرة و”التاكسي” بل وبعض السيارات الملاكي لدفع الرسوم والانتظار داخل صالة الوصول، وعمل ذلك الزحام والفوضى. فقد أصبح السائقون ومندوبو الشركات يتنافسون ويطاردون السائحين للغرض ذاته داخل وخارج صالة الوصول؛ مما جعل وجود السائقين بكثافة وتجمرهم في الداخل والخارج أشبه بحالة من الغوغاء، يطاردون السائحين والمواطنين بكلمة “تاكسي” قد تعطي شعورا للواقف بأنه داخل محطة أتوبيس وليس داخل صالة وصول مطار العاصمة.

ليس ذلك فحسب بل أصبح السائقون يتجولون داخل المطار، ويزاحمون على المقاعد داخل صالة الوصول، بالإضافة إلى مقاطعة واستوقاف أي شخص لمحاولة إقناعه بأنه الأفضل سعراً ولديه أفضل سيارة، ثم يأخذ الكلام منحنى الاستعطاف والترجي ليقول في النهاية نعم ويوافق على عرضه.

قد يحدث لسوء حظ السائح أن يذهب مع أحد السائقين لسيارته فيجد أن تلك السيارة هي من فئة الملاكي وليست سياحية أو تابعة لوزارة السياحة، ولسيت من فئة الأجرة فيجد نفسه قد وقع فريسة في براثن هذا السائق ليفرض عليه ضعف الثمن المحدد، ولا يستطيع السائح الخروج من هذا المأزق إلا بالدفع؛ مما يعطى شعورا بأنه قد تعرض لعملية ابتزاز وسرقة.

لقد تحولت صالة الوصول إلي ساحة سوق، والسائح إلى فريسة لكل هذه الشركات والسائقين بدون ضوابط أو رقابة. فإذا لماذا تجمع كل هذه الرسوم والنقود؟ ومن المستفيد؟ وفيما تستثمر؟ لماذا لا توجد إدارة داخلية أو هيئة لتنظيم توصيل السائحين والقادمين من الخارج أو الداخل بطريقة منظمة فيخرج الشخص من المطار ليجد السيارة بانتظاره كما هو معمول به في أغلب دول العالم وبالأخص الدول السياحية؟ فمصر تعتبر دولة محورية في المنطقة العربية والإقليمية ويأتي إليها العديد من الوفود والزائرين، بالإضافة إلى السائحين من شتى بقاع الأرض؛ فمثل هذا الاستقبال قد يترك لدى الجميع انطباعاً سلبياً فور الوصول.

أين دور وزارة الطيران وهيئة النقل الجوي ووزارة السياحة؟ وإلي متى ستستمر هذه الفوضي وإفساد كل هذا التطوير والتحديث في مطار القاهرة الدولي؟ لعدم وجود إدارة وتنظيم حقيقي لأبسط الأمور كتسهيل أن يستقل السائح سيارة عند الوصول إلى مطار القاهرة الدولي. المدهش أن أغلبية المسئولين في تلك الوزارات والهيئات قد سافروا من قبل خارج مصر سواء لتمثيل رسمي أو لقضاء أجازة، وبالتأكيد قد شاهدوا في مطارات العالم هذا النظام المتبع في إدارة سيارات التاكسي. فلماذا لا يطبق الشيء نفسه في بلدنا؟ علماً بأننا دولة سياحية ونسعى بكل الطرق على تشجيع المجال السياحي وجلب السائحين مرة أخرى بعد توقف دام ثلاث سنوات.

المشكلة لسيت بسبب أن المواطن المصري غير منضبط للقواعد أو اللوائح بطبعه كما يزعم البعض، ولكن السبب الحقيقي هو سوء إدارة وسوء تنظيم. فإن الدولة القوية هي التي تعدل من سلوك المواطن عن طريق وضع نظام قوي، وآلية محاسبة وعدالة غير انتقائية. ماذا لو جربنا ذلك؟ سوف نفاجئ بالنتائج ولكن علينا البدء وليس الجلوس في انتظار من يبدأ لنا.

 

 

صدى البلد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى