كتلة سلفية تستهدفها “مسيرات الإخوان”

لا يستمد شارع العزيز بالله الكائن بمنطقة حلمية الزيتون زخمه الجماهيري إلا من خلال مسجد «العزيز بالله»، هذا المسجد الذي يعطي للمكان خاصية أكبر تجمع سلفي بالقاهرة، إزاء تواتر كبار شيوخ السلفية لإلقاء محاضرات أسبوعية، وأمسيات في شهر رمضان تجذب أعداداً غفيرة من مريدي مشاهير الشيوخ السلفيين .
المسجد الذي يقع عند تقاطع شارع العزيز بالله، مع شارع سليم الأول، دفع إلى تواجد تكتل سلفي في خارجه يأتي في سلسلة مكتبات إسلامية، ومحلات لبيع العطور والروائح، ومحلات ملابس نسائية تعرض حسبما تحمله اللافتات التي تتصدرها «الزي الإسلامي» الكائن في النقاب والإسدال.
وثمة محلات تنتشر بالتوازي للأعشاب الطبية، بما يعطي للشارع طابعاً تراثياً على خطى مناطق الحسين والسيدة زينب، مع اختلاف طبيعة الرواد والمريدين.
إلى جوار المسجد يقع المركز الطبي للجمعية الإسلامية، حسبما أفاد شهود عيان فإن المركز يخدم كافة الأسر دون النظر إلى انتماء ديني، والمنطقة على مقربة من كنيسة العذراء بالزيتون ذات المكانة الخاصة في قلوب المسيحيين.
على جدران الشارع ذي الطابع السلفي تبرز عبارات الإساءة للفريق عبدالفتاح السيسي وفضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب شاهدة على مسيرات أنصار الإخوان التي تعتبر مسجد العزيز بالله نقطة التقاء يمكن التحرك منها ناحية قصر القبة أو قصر الاتحادية وفقاً لسير التظاهرات المتعاقبة .
وحسبما أفاد أصحاب المحلات، فإن المسيرات مشهد متكرر لا يعيرها البائعون اهتماماً، غير أن أحداث الجمعة الماضي صنعت فارقاً جراء اعتداء جرى من بعض المصلين على إمام المسجد «الشيخ نور» عقب صلاة الجمعة.
قبل 25 يناير كان الإخوان المسلمين لا يقربون مسجد العزيز بالله باعتباره خارج إطار منهجهم الدعوي، وكانت المنطقة ذات تمركز سلفي واضح، لكن معركة الجماعة مع السلطة تتمسك بكافة آليات الحشد «الديني» التي يمكن معها تسويق فكرة «الشرعية» ورفض خارطة الطريق، واجتذاب ما يمكن اجتذابه من أفراد تحت وطأة العاطفة الدينية.
للمسجد «إمامان» هما الشيخ أحمد السيد، والشيخ نور، والاثنان تابعان لوزارة الأوقاف، ومقبولان لدى العامة من رواد المسجد، إذ إن خطابهما الديني يميل إلى تعليم الناس أمور دينهم بعيداً عن تداخلات السياسة.
يوم الجمعة الماضي كانت الخطبة للشيخ «نور»، والخطبة وفقاً لرواية –شاهد عيان – رفض ذكر اسمه – كانت قصيرة للغاية ومدتها لم تتجاوز 20 دقيقة، لم يتعرض خلالها الرجل للشأن السياسي، وفور إتمامه للصلاة اعترض بعض الشباب داخل المسجد على الإمام، واسترسلوا في هتاف: «حسبنا الله ونعم الوكيل».
يقول الرجل: «الشيخ لم يتجاوز ضد أحد في خطبته، لكن يبدو أن حديثه لم يتوافق مع هوى بعض المصلين، وذهبت الهتافات داخل المسجد ضد شيخ الأزهر، وضد الإمام ذاته، حتى خلع «عمامته» تحت وطأة الزحام وتدافع المصلين لفض الاشتباك».
ويضيف: خرج الإمام ومنحه أصحاب المحلات الكائنة أمام المسجد «عمامة» بديلة، بينما انطلقت مسيرة تهتف ضد شيخ الأزهر.
ذهبنا إلى منزل الشيخ أحمد السيد إمام المسجد ليسرد تفاصيل الحدث، لم يكن الرجل متواجداً في منزله نظير قضاء إجازته الأسبوعية خارج المنزل، أخبرتنا زوجته من خلف باب الشقة أن زوجها ليس هو المعتدى عليه، وأن زميله الشيخ «نور» هو الذي تعرض للاعتداء.
في المسجد لم يتوقف أهالي المنطقة عند الحدث كثيراً، لكن ثمة إجماعاً على أن مثيري الشغب بالمسجد ليسوا من أبناء منطقة حلمية الزيتون.
ويستطرد أحدهم قائلا: «ليس الحل في المسيرات ولا التظاهرات، والأوضاع لن تهدأ إلا بالرجوع إلى الله».
خارج دائرة حادث الاعتداء على إمام مسجد العزيز بالله، تسير الحياة بطبيعتها في الشارع ذي الطابع السلفي، وثمة شكاوى لأصحاب المحلات من تراجع القوة الشرائية حيال غياب كبار مشايخ السلفية عن المسجد منذ فترة طويلة، لافتين إلى أن المسيرات لم تسفر إلا عن مزيد من التضييق على عمليات البيع والشراء بالمنطقة.
الوفد