الأخبار

اسباب ومهاجمه الاتحاد السوفييتي لمصر

 

 

 

26

كشفت وزارة الخارجية الأمريكية عن مجموعة من وثائقها السرية تتعلق بالعلاقات السوفيتية الأمريكية خلال الفترة من 1977 إلى 1980، والتى كان محورها الصراع العربى الإسرائيلى والقضية الفلسطينية ومفاوضات كامب ديفيد وتوقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل.

وتبين الوثائق، التى تتضمن خطابات من الرئيس الأمريكى آنذاك جيمى كارتر مع نظيره السوفيتى ليونيد بريجينيف، وبرقيات متبادلة بين سفارتى الدولتين فى ذروة الحرب الباردة بينهما، حالة الغضب التى انتابت الاتحاد السوفيتى من المفاوضات المباشرة التى أجراها الرئيس محمد أنور السادات مع إسرائيل، والذى بلغ ذروته مع توقيع اتفاقية كامب ديفيد، حيث تم اتهام السادات بالالتفاف على سوريا والأردن والفلسطينيين وعدم الحصول على شيء من إسرائيل.

وتشير الوثائق إلى أنه حتى قبل صعود حزب الليكود فى إسرائيل إلى السلطة من خلال مناحم بيجين، بحث الأمريكيون والسوفيت مساعى دعوة الأطراف فى الشرق الأوسط إلى مؤتمر للسلام.

ومن ين الوثائق مذكرة تدون ما جرى فى اجتماع عقد بموسكو بتاريخ 29 مارس 1977، واستغرق ساعتين و45 دقيقة، من الساعة 11 ظهرا حتى الواحدة و45 دقيقة. وكان موضوعه هو التخفيض المشترك للتسلح، والشرق الأوس

شارك فى هذا الاجتماع عن الجانب الأمريكى وزير الخارجية آنذاك سايروس فانس، والسفير مالكولم تون، وبول فيرناكا، وويليام هايلاند، وإدوارد رونى، والمترجم ويليام كريمر

وحضر عن الجانب الروسى وزير الخارجية أندريه جروميكو، ونائب رئيس الوزراء سميرانوف، ونائب وزير الخارجية كورنيانكو، والسفير دوبرينين، وكومفالكتوف، سوكولوف، والمترجم شوكودراف

وورد فى المذكرة أن اللقاء بدأ بحديث وزير الخارجية الروسى جروميكو الذى ذكر أن الجانبين عرضا موقفيهما من اتفاقية «سالت» (SALT) الجديدة، الخاصة بتفكيك السلاح النووى. وأضاف أن هناك عدة أمور تتعلق بتفاصيل الاتفاقية ينبغى النقاش حولها، «ولكن يجب الآن الحديث عن الشرق الأوسط لأنه الموضوع الأكثر إلحاحا الآن. وقد تم بحث هذا الموضوع مع الرؤساء الأمريكيين ليندون جونسون، وريتشارد نيكسون، وجيرالد فورد، والآن قليلا مع إدارة الرئيس جيمى كارتر، ولكن لا حل للمشكلة حتى الآن»

جروميكو الذى كان معروفا باسم «مستر نيت»، وتعنى «السيد لا» بالروسية، بسبب الفيتو الذى كان يستخدمه السوفيت فى كل تصويت بمجلس الأمن حول هذا الموضوع، كان شريكا فى كل هذه النقاشات مع الرؤساء الأمريكيين. فقد ظل وزيرا للخارجية السوفيتية على مدار 30 عاما. وخلال الاجتماع الأمريكى السوفيتى قال إن على إسرائيل أن تنسحب من الأراضى التى احتلتها فى 1967، وأضاف: «عليهم أن يسعدوا بوجهة نظرنا هذه، فرغم كل شىء، ستكون إسرائيل فى حدود 1967 أكبر بكثير مقارنة بالدولة اليهودية التى أقرتها الأمم المتحدة فى قرار تقسيم فلسطين عام 1947». وتابع قائلا: «يبدو أحيانا أن الكثيرين نسوا أن دولة فلسطينية أقيمت أيضا بموجب قرار التقسيم هذا. وفى الحقيقة يعبر رفض (تل أبيب) العودة إلى حدود 1967 عن فقدانها أى صلة بالواقع». وكتب الأمريكيون فى تلك المذكرة أن جروميكو «يعتقد أن الإسرائيليين يرون أن البندقية أكثر قوة وفاعلية من القانون والعدالة».

وهاجم جروميكو التعبير الذى يستخدمه قادة إسرائيل حتى يومنا هذا وهو «حدود يمكن الدفاع عنها»، فقال خلال الاجتماع: «حدود يمكن الدفاع عنها؟ كم عدد الأذكياء الذين سهروا وعملوا ليل نهار لصك هذا المصطلح بهذه اللغة النقية؟ يتوجب على إسرائيل أن تقول (شكرا) للاتحاد السوفيتى وسياسته، ولكنهم فى إسرائيل لا يعرفون نطق كلمة كهذه»

وتشير الوثائق الأمريكية إلى أنه بعد بدء المفاوضات بين مصر وإسرائيل، قال وزير الخارجية الأمريكى فانس إن «هناك نقاشاً حقيقياً يجرى فى إسرائيل، ونعتقد أنه ينبغى منح الفرصة لهذه المناقشات الإسرائيلية لمدة عدة أسابيع أخرى قبل أن نتخذ الخطوة التالية فى هذا الموضوع». فأجاب وزير الخراجية السوفيتى جروميكو: «فى إسرائيل يحبون مناقشة الأمور، ويفضلون أن تستغرق هذه النقاشات عدة سنوات وليس أسابيع».

وتبين الوثائق أيضا أن زيارة الرئيس الراحل محمد أنور السادات للقدس، التى هزت العالم آنذاك، كانت محور الكثير من المحادثات بين السوفيت والأمريكيين. وبحسب إحدى الوثائق، عقد لقاء بين الرئيس الأمريكى جيمى كارتر والسفير الروسى دوبرينين فى نوفمبر 1977، قال كارتر خلاله: «لم أعلم بزيارة السادات لإسرائيل مبكرا، ولكننى أؤيد الزيارة وتحدثت فى ذلك مع السادات وبيجين، وسيكون من المفيد جدا أن تتخذ حكومة الاتحاد السوفيتى موقفاً إيجابياً منها».

وهذه الرسالة بعثها كارتر الى زعيم الاتحاد السوفيتى بريجينيف فى 17 سبتمبر 1978، قال فيها:

«الرئيس بريجينيف العزيز، يسعدنى أن أبشرك بأن الرئيس السادات ورئيس الوزراء بيجين وقعا اليوم على وثيقتين تمت كتابتهما خلال مفاوضات مكثفة استغرقت 13 يوما، تحت رعايتى فى كامب ديفيد. وهناك وثيقة عنوانها (إطار السلام فى الشرق الأوسط) تحدد المبادئ التى ينبغى اتباعها فى المفاوضات التى ستجرى بهدف التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل وكل جيرانها. أما الوثيقة الثانية فعنوانها (إطار استكمال اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل). وسوف ينقل سفيرنا كلتا الوثيقتين إليك، واللتين توفران معا إطارا فعالا لحل الصراع التراجيدى والقاسى بين إسرائيل وجيرانها. وأنا أؤمن بأن ذلك يمثل خطوة تاريخية نحو تحقيق السلام فى الشرق الأوسط».

وتابع كارتر فى رسالته: «ولأن القضية الفلسطينية تمثل مركز الخلاف فى الشرق الأوسط، فإن الوثيقة الأولى تركز على تطوير قاعدة متفق عليها تسمح باتخاذ قرارات متقدمة فى الموضوع على مدى السنوات الخمس المقبلة.. فللفلسطينيين الحق فى الانضمام للمفاوضات الجارية حول اتفاق سلام بين الأردن وإسرائيل. وسوف تقوم هذه المفاوضات على كل الشروط الواردة فى قرار مجلس الأمن رقم 242، ولن تقام مستوطنات جديدة فى الضفة الغربية وغزة خلال المفاوضات، مع منح الفلسطينيين سلطة الحكم الذاتى فى هذه الأراضى».

وأضاف: «من الواضح أنه لا يمكن حل كل مشاكل الصراع فى الشرق الأوسط فى اتفاقية كامب ديفيد هذه التى تستهدف وضع إطار للسلام، ولكن مع الصبر والنوايا الطيبة أؤمن بأن هذا الإنجار سيخلق الزخم الضرورى لتقديم حل عادل ومفيد لكل القضايا المتبقية. ولأن قضية الشرق الأوسط تحظى بأهمية كبيرة فى العلاقات بين دولتينا، أعلم أنك تشاركنا إيماننا بأن السلام فى المنطقة سيساهم فى تقليل التوتر بين دولتينا. وآمل بشدة أن تتمكن من استغلال نفوذك فى الشرق الأوسط للتوصل إلى اتفاق شامل تتطلع إليه الولايات المتحدة».

بعد هذه الرسالة بأسبوعين، التقى كارتر بوزير الخارجية السوفيتى جروميكو، وأعرب خلاله السوفيت، بحسب الوثائق التى تم الكشف عنها اليوم، عن اعتراضهم على الاتفاق المنفرد بين مصر وإسرائيل فى كامب ديفيد. وقال جروميكو فى اللقاء: «إذا كان هناك شىء ما تم إنجازه فى كامب ديفيد، فهو ما أرادته إسرائيل منذ البداية، والسادات لم يحصل على شىء، بل إنه فى الواقع فقد ما كان لديه».

 

المصرى اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى