41 منظمة حقوقية تتهم الإخوان

أعربت 41 منظمة وجمعية حقوقية عن قلقها العميق إزاء المساعي الرامية لتقييد عمل مؤسسات المجتمع المدني بشكل عام، وخنق منظمات حقوق الإنسان بشكل خاص، وذلك بإصرار جماعة الإخوان المسلمين وحزبها “الحرية والعدالة” على فرض مزيد من القيود على الحق في حرية تكوين الجمعيات
وذلك بما يفوق إلى حد بعيد القيود الصارمة التي سبق وأن فرضها نظام مبارك على العمل الأهلي عبر القانون الساري للجمعيات والمؤسسات الأهلية رقم 84 لسنة 2002الأمر الذي يكشف عنه مشروع قانون “منظمات العمل الأهلي” الذي أعلنت عنه رئاسة الجمهورية أمس.
وأضاف المنظمات فى بيانها أنه على الرغم أن نظام الرئيس السابق كان قد تعهد أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة – قبل وقت قليل من الإطاحة به- بإعادة النظر في مواد القانون 84 لسنة 2002 والاستجابةً لتوصيات الأمم المتحدة، المطالبة بوضع حد للتعقيدات البيروقراطية والتدخلات الإدارية في إنشاء وتسيير أنشطة الجمعيات، وتذليل القيود المعرقلة لحق منظمات العمل الأهلي في تأمين التمويل اللازم للقيام بدورها-بما في ذلك التمويل الأجنبي- وضمان حق المؤسسات المدافعة عن حقوق الإنسان في تنمية مواردها المالية، إلا أن جماعة الإخوان المسلمين وحزبها المهيمن على سلطة التشريع بمجلس الشورى تمضي في الاتجاه المعاكس، وتفرض مزيدًا من القيود التعسفية على العمل الأهلي، ولا تقيم اعتبارًا للانتقادات الموجهة من قِبل المقررين الخواص بالأمم المتحدة، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، والتي اعتبرت أن مسودة القانون تنطوي على قيود صارمة على أنشطة منظمات المجتمع المدني، تلك المنظمات التي يفترض أن تسهم في صياغة التطلعات لبناء دولة ديمقراطية ينشدها المصريون منذ الإطاحة بنظام مبارك.
ووفقًا لمشروع رئاسة الجمهورية فإن أبرز توجهات جماعة الإخوان المسلمين في تكريس الهيمنة والوصاية الإدارية الكاملة على كافة مناحي العمل الأهلي تتمثل في تقنين مسودة القانون الجديد للمرة الأولى استحداث جهة رقابية جديدة ممثلة فيما يسمى باللجنة التنسيقية، والتي مُنحت سلطات واسعة للتدخل البوليسي في جدول أعمال وبرامج وأنشطة منظمات المجتمع المدني، وذلك من خلال تمتعها بسلطة البت في كل ما يتعلق بالتمويل الأجنبي للمنظمات الوطنية، وكذا كل ما يتعلق بالترخيص للمنظمات الأجنبية للعمل في مصر والتدخل في أنشطتها، وكذلك البت فيما يتعلق بحق المنظمات الوطنية في الانضمام لشبكات خارجية أو الانتساب لمنظمات أو هيئات دولية بما يعني الأمم المتحدة أيضاً.
كانت مسودات سابقة لمشروع القانون قد نصت على عضوية الأجهزة الأمنية في هذه اللجنة بصورة رسمية، غير أنه بالنظر للحملة التي شنتها المنظمات الحقوقية ضد تقنين التدخل الأمني في تشريعات العمل الأهلي، عمدت المسودة الأخيرة إلى عدم الإفصاح عن طبيعة تشكيل هذه اللجنة، واكتفت بالإشارة إلى تفويض رئيس الوزراء بإصدار قرار تشكيلها.
ولذا من المؤكد أن تضم هذه اللجنة في عضويتها ممثلين لعدة أجهزة أمنية، بما يتسق مع طبيعة المهام الأمنية التي يسندها القانون لها، وتحقيق رغبة حزب الحرية والعدالة الواضحة في المسودات السابقة، الأمر الذي يثير التساؤل حول منح الجهات الأمنية أو الحكومية– التي قد تكون طرف في انتهاكات حقوق الإنسان- حق الفيتو على أنشطة منظمات دفاعية، تراقب مدى التزام هذه الجهات الأمنية والحكومية بقواعد حقوق الإنسان، وتوثق الانتهاكات التي ترتكبها.
وانتقدت المنظمات فى بيانها قانون “الجمعيات الأهلية” المقدم لمجلس الشورى، مؤكدة أنه يرتب لانقلاب، تصير من خلاله أجهزة الأمن هي الرقيب على منظمات حقوق الإنسان، بل تستطيع هذه الأجهزة “بقوة القانون” أن تخنق المنظمات الحقوقية بشكل تدريجي، من خلال وقف تمويلها، ففي عهد الدولة البوليسية بالنظام السابق كانت الأجهزة الأمنية تمارس هذا الدور في الخفاء، ولذا كانت المنظمات تستطيع تحديه أمام القضاء باعتباره يفتقر للسند القانوني، ولكن في حالة إصدار القانون بصورته الراهنة، ستكون الوصاية البوليسية على النشاط المدني مضمونة “بالقانون”! وهي خطوة خطيرة للغاية تتجاوز في دلالتها تقييد المجتمع المدني، إذ تؤسس لدولة بوليسية من طراز جديد.
ووصل تعنت القانون إلى مستوى يثير الاستغراب، حين يقيد القانون حق الجمعيات في تلقي الكتب والنشرات والمجلات العلمية والفنية إذا كان محتواها لا يتفق مع نشاط الجمعية! وهو ما يعني إخضاع مراسلات الجمعيات للرقابة، والتدخل الشاذ حتى في حق المواطنين أصحاب الشأن في تحديد ما يتفق أو لا يتفق من مطبوعات مع نطاق نشاطهم! ويشكل في الوقت نفسه انتهاكا للحق الأصيل لأي مواطن في المعرفة
مبتدأ