حوادث

هرب من الموت ثأرًا فقُتل بـ”سكين حماته”

 

 

 

اشتاق لرؤيتها وأصر على الذهاب لمقر إقامتها، لم يبال بحجم المخاطر والمشاكل القائمة بين العائلتين، انقسم أصدقاؤه لفريقين؛ الأول يؤيده فى الذهاب ورؤية محبوبته مهما كلفه ذلك من مخاطر، والآخر يطالبه بالهدوء والتماسك لحين حل الخلافات بالتراضى لرأب الصدع وإنهاء الصراع، فبين هذا وذاك لم يستطع «سيد» أن يتكاسل ويهدر الوقت فيما لا يفيد، ذهب لرؤية ابنته «جنى» معشوقته الصغيرة التى لم يرها منذ عدة أيام بسبب انفصاله عن زوجته، وصل الضحية إلى المنزل مشتاقاً لضم طفلته إلى صدره وكان لـ«المعلمة آمال» -جدة الطفلة- رأى آخر، حيث سددت له طعنات قوية فى صدره باستخدام «سكين» فسقط صريعاً فى الحال وكانت آخر كلماته «عايز أشوف بنتى».

تزوج «سيد» من «ياسمين» منذ 5 أعوام بعد أن جمعتهما قصة حب أسطورية، وكان منزلهما فى إحدى قرى محافظة أسيوط يحيطه الأمل والسعادة، وبعد مرور الأيام والشهور أنجبت طفلتها «جنى» وعاشت الأسرة الصغيرة حياتها راضية بما قسمه الله لها، وفى إحدى الليالى وقعت مشاجرة بين ابن خالة الزوج وأحد الجيران أسفرت عن سقوط قتيل وعلى إثرها فكر «سيد» فى ترك القرية بل المحافظة بأكملها واتجه نحو القاهرة حيث محل إقامة أهل زوجته تاركاً والدته المسنة، هرباً من الثأر والموت على يد أهالى القتيل، فقناعة أهل الصعيد هو الأخذ بالثأر من أى قريب للفاعل.

الزوجة أخبرت والدتها «آمال»، صاحبة محل سمك، بما جرى وأنهما فى الطريق إليها وسرعان ما جهزت الأم شقة لابنتها فى أحد الشوارع المحيطة بها للإقامة فيها، وتأقلم الزوجان على المعيشة، فمع شروق الشمس ينزل الزوج إلى عمله لكى يكون قادراً على تلبية احتياجات زوجته وطفلته، والأم تذهب إلى والدتها وتقضى يومها معها حتى عودة الزوج، استمر الحال هكذا، أراد سيد العودة إلى مسكنه فى بلدته ليكون وسط أهله وأصدقائه بعد مضى عام ونصف العام على واقعة القتل، وعندما شعر أن قصة الثأر انتهت وأنه لا خطر على حياته من العودة إلى مسقط رأسه، ولكن

رفضت الزوجة ترك والدتها ودبت المشاكل بينهما، تعثر الزوج فى عمله، جف نبع الأموال وزادت المشاكل “تبطرت” الزوجة على معيشتها وأرادت أن تتخلص منها وتركت المنزل وأقامت فى منزل أسرتها وطلبت الطلاق، ولكن طلبها قوبل بالرفض، وتدخل الأقارب للصلح بينهما ولكن فشلت كل محاولات الصلح بين الزوجين وأقامت دعوى خلع وانتهت بتطليقها، وتركت زوجها المغترب وحيداً ولم تتذكر أنه هاجر من محافظته ليجد الأمان لديها وأسرتها.

وانتقلت الطفلة الصغيرة “جنى” بصحبة والدتها للإقامة فى منزل «المعلمة» آمال، لم تستغرق المطلقة وقتاً طويلاً بعد الطلاق وسرعان ما تمت خطبتها وتزوجت من رجل آخر تاركة ابنتها الصغيرة مع والدتها، ورفضت الأسرة السماح للأب برؤية ابنته بل وطالبوه بتسديد الأموال التى تم إنفاقها على الطفلة، فهو محروم من رؤيتها حتى سداد ما تم إنفاقه على الطفلة.

وفى ليلة مقتله اشتاق الأب لرؤية طفلته الوحيدة واتجه نحو المنزل ربما تسمح حماته له برؤيتها، ولكن نشبت مشادة بدأت كلامية بين الجدة والأب وتطورت إلى التشابك بالأيدى، حيث قام خال الطفلة بتقييده من يديه وأمسكت المعلمة آمال بسكين كانت ملقاة بجوارها وسددت الطعنات القوية له حتى سالت دماؤه ولفظ أنفاسه الأخيرة قبل الوصول إلى المستشفى وفرت المتهمة هاربة.

تلقت والدة الضحية اتصالاً هاتفياً من أحد أصدقائه يواسيها ويخبرها بأن ابنها قتل وفارق الحياة، لم تصدق ما سمعته أذناها ودخلت فى نوبة بكاء واشتد حزنها وألمها عند تسلمها جثمان ابنها فى المشرحة.

يا للعبة القدر على قتيل.. مات.. إنه هرب من هنا خوفاً من الموت ليذهب هناك ويقتل ويموت.

مات ابنى.. ليس ثأراً بعد غدراً.. قتلته حماته.. لأنه أراد أن يمارس أبسط حقوقه فى الحياة.. رؤية طفلته الوحيدة التى كان يستمد منها القوة بل كان يعيش من أجلها.. ولكن حرموه من رؤيتها بل حرموه من الحياة نفسها.. ووارى التراب جثته ومن فوق القبر يضربون كفاً بكف «ولا تدرى نفس بأى أرض تموت» سيد هرب إلى الحياة ولم يكن يدرى أنه يسرع إلى الموت!

 

 

الوفد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى