الأخبار

الاقتراض خيار مصر الأول

 

53

9.3 مليار دولار و70 مليون يورو اتفاقيات لقروض وقعتها مصر في 8 أشهر.. وخبراء: الاستثمار مقابل الديون والتوسع في الاقتراض قصور في أداء وتخطيط الحكومة

تقترض الحكومة المصرية لأسباب كثيرة، لإثبات جدارة الاقتصاد، والتغلب على أزمة الطاقة، وتصحيح هيكلها المالي، وتعزيز البنية التحتية، في الوقت الذي لا يظهر لهذه الأموال أثر على التنمية الحقيقية.

وبلغت قيمة اتفاقيات القروض التي وقعت عليها مصر خلال 8 أشهر في الفترة من مارس – نوفمبر من العام الجاري، وفقًا لعملية حسابية أجرتها “التحرير” حوالي 9.3 مليار دولار، و70 مليون يورو.

وستبلغ مدفوعات فوائد الديون الخارجية 2.8% من إجمالي فوائد الديون البالغة 244 مليار جنيه، ما يعادل 6.940 مليار جنيه، بحسب البيان المالي للموازنة العامة للعام المالي 2015 – 2016، مقارنة بـ 5.6 مليار دولار، في نهاية السنة المالية المنتهية في نهاية يونيو 2015، بحسب ما أعلن البنك المركزي.

وترى الخبيرة المصرفية بسنت فهمي، أن عمليات الاقتراض تمثل مشكلة كبيرة في ظل توجيهها لأغراض غير تنموية، وإضافتها إلى الموازنة العامة مباشرة.

وتقول “فهمي” في تصريحات لـ”التحرير”: “ليس هناك اعتراض على عمليات الاقتراض، لكن شريطة توجيهها لمشروعات حقيقة ترفع معدلات النمو، لضمان سداد فوائدها دون الضغط على الموازنة العامة، أو تحميل الأجيال القادمة أعباء هذه الديون.

وارتفعت أرصدة الدين الخارجي لمصر إلى 48.1 مليار دولار بنهاية العام المالي 2014 – 2015 لتسجل أعلى مستوى خلال 24 سنة، منذ أن أسقطت دول نادي باريس نصف مديونية مصر الخارجية، والتي تجاوزت 50 مليار دولار في مايو من عام 1991 بعد حرب الخليج الثانية.

وتستهدف مصر العام الحالي معدلات نمو تتراوح بين 5 – 5.5 %، ومعدلات بطالة أقل من 12%، وجذب استثمارات أجنبية بقيمة 10 مليارات دولار، وتخفيض عجز الموازنة إلى حوالي 10%.

ومن بين عمليات الإقراض التي وقعتها مصر العام الجاري، اتفاق بالأحرف الأولى مع البنكين الدولي والإفريقي للتنمية للحصول على قرضين بقيمة 4.5 مليار دولار، منها 1.5 مليار دولار تدخل الموازنة العامة قبل نهاية العام، بفائدة 1.5%، وفترة سماح 5 سنوات، وفترة سداد 35 سنة، وكذلك قرض في شهر سبتمبر الماضي، بقيمة 339 مليون دولار؛ لتسهيل التصحيح الهيكلي للقطاع المالي والمصرفي الذي يقوم به البنك المركزي.

واختلفت آراء المسؤولين والخبراء حول نوعية أثر القروض التي تصب في الموازنة العامة مباشرة، وبينما قالت وزيرة التعاون الدولي الدكتورة سحر نصر، إن إدخال قرض البنك الدولي في الموازنة من أجل سرعة الاستفادة من القرض دون بيروقراطية المؤسسات الدولية، تُشير الخبيرة المصرفية بسنت فهمي، إلى إن القروض التي تصب في الموازنة العامة مباشرة تمثل مشكلة كبيرة؛ لأنها تدخل في الموازنة العامة مباشرة، وتحمل الأجيال المقبلة عبء سدادها.

وبحسب باحث بمركز كارنيجي بالشرق الأوسط: “هناك عدة بدائل تنمية موارد الدولة دون الحاجة إلى عمليات الاقتراض، وذلك من خلال حل أزمة الدولار والتي ليس لها علاقة بالسياسة النقدية بقدر صلتها بتعافي القطاعات الاقتصادية الحقيقية المولدة للدولار، عبر الصادرات السلعية، والخدمية، وتدفقات رأسمالية في صورة استثمارات أو تحويلات عاملين”.

وأيضًا تحويل بعض المبالغ المتحققة من تخفيض دعم الوقود إلى الاستثمار العام في البنية الأساسية، والموارد البشرية ما يخلق نشاطًا في عمليات الطلب الكلي، ويحقق عائدًا على المدى المتوسط في صورة معدلات نمو أعلى.

وتوضح الدكتورة عالية المهدي، أن هذه الإجراءات من شأنها تحقيق الاستقرار المالي على المدى المتوسط، لافتة إلى أن التوجه لخلق سياسات جاذبة للاستثمار، والتفاهم مع مجتمع الأعمال بكافة فئاته بدءًا من المشروعات متناهية الصغر، وحتى المشروعات الكبيرة، واستغلال الموارد الداخلية هو السبيل لتحقيق تنمية حقيقية، ورفع معدلات النمو، وأن عمليات الاقتراض وهي السبيل الأيسر أمام الحكومة تحمل الموازنة العامة ديونًا وأعباءً كبيرة مستقبلاً.

وتدفع مصر سنويًا 1.5 مليار دولار لسداد الديون السابقة، جزء منها لسداد أصل الدين، وجزء لفوائد الديون.

ووصفت المهدي التوسع في عمليات الاقتراض بأنه قصور في التخطيط والأداء الحكومي والتنسيق بينها وبين مجتمع الأعمال.

يُذكر أن مصر اعتمدت خلال الفترة من 1991 – 1997 في ظل برنامج إصلاح اقتصادي كان مطبقًا آنذاك خطة لتقليص حجم الديون الخارجية، بحيث لا تتجاوز في أقصى الظروف حوالي 35 مليار دولار، وظلت معدلات الديون الخارجية لمصر لا تتجاوز هذا المستوى حتى 5 سنوات سابقة.

وتوسعت مصر في عمليات الاقتراض بشكل كبير عقب أحداث 25 يناير 2011، وقبل ذلك كانت 34 مليار دولار نتيجة صعوبة الأوضاع الاقتصادية عقب الأزمة المالية في 2008 التي كانت معدلات الدين الخارجي وقتها لا تتجاوز 28 مليار دولار.

 

التحرير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى