الأخبار

لماذا ارتفعت أسعار الحديد؟

Workers direct a crane lifting newly-made steel bars at a factory of Dongbei Special Steel Group Co., Ltd., in Dalian, Liaoning province, China, October 13, 2015. REUTERS//China Daily
Workers direct a crane lifting newly-made steel bars at a factory of Dongbei Special Steel Group Co., Ltd., in Dalian, Liaoning province, China, October 13, 2015. REUTERS//China Daily

 

“لم يعد بمقدورنا تحمل المزيد من الخسارة” هكذا برر سمير نعماني المدير التجاري في شركة حديد عز رفع أسعار بيع منتجات الحديد مطلع شهر نوفمبر الجاري، لأول مرة منذ بداية العام، رغم التراجع الكبير الذي تشهده تلك الأسعار على مستوى العالم.

وكانت وزارة التموين أعلنت أول أمس الثلاثاء، أن معظم مصانع الحديد رفعت أسعار بيعها بما يتراوح بين 50 و450 جنيه للطن، رغم انخفاض الإنتاج والمعروض والمباع محليا.

وقال نعماني لأصوات مصرية، إن أسعار الحديد ظلت ثابتة منذ بداية العام رغم زيادة تكلفة التصنيع، والتي نتجت عن انخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار 3 مرات، وارتفاع أسعار الكهرباء للمصانع، وصعوبة توفير الخامات وارتفاع ثمنها بسبب نقص الدولار.

وسمح البنك المركزي بهبوط الجنيه أمام الدولار 3 مرات منذ بداية العام لينخفض بنحو 80 قرشا في السوق الرسمية، إلا أنه فاجأ السوق أمس الأربعاء بعطاء استثنائي صعد فيه الجنيه 20 قرشا ليصل إلى 7.73 جنيه للدولار.

“كنا متمسكين بالحفاظ على أسعار مبيعاتنا أملا في تحسن ظروف السوق والطلب..لكن ما حدث أننا تكبدنا خسائر جسيمة خلال التسعة أشهر الماضية..استمرار الأسعار التي كانت قائمة قبل الزيادة يعني أن الشركة تدفع من ميزانيتها في كل طن يتم بيعه..وهو ما يعني استمرار الخسارة” يقول نعماني.

وكانت شركة حديد عز قالت الأسبوع الماضي إن خسائرها الصافية زادت خلال النصف الأول من 2015 بنحو 207%، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، متأثرة بالانخفاض العالمي في أسعار الصلب، ونقص الغاز والنقد الأجنبي محليا.

وتأثر العديد من الكيانات الكبرى عالميا بالانخفاض القوي في أسعار الصلب، وبحسب وكالة رويترز فإن أقل من نصف العاملين بهذه الصناعة هم فقط القادرون على تحقيق أرباح في ظل تراجع الأسعار.

وأشارت حديد عز، التي تعد أكبر منتج مستقل للصلب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى أنها واجهت تراجعا في الصادرات خلال النصف الأول من 2015 في ظل ما وصفته بـ”انهيار قطاع الصلب عالميا”.

ووفقا لبيان وزارة التموين فإن شركات الحديد خفضت إنتاجها خلال الشهر الجاري، ليصل متوسط الإنتاج أسبوعيا خلال الشهر الجاري إلى نحو 58.2 ألف طن حديد، والمعروض إلى 182 ألف، والمباع في السوق المحلي إلى 79.6 ألف، مقارنة مع متوسط إنتاج نحو 90 ألف طن حديد، والمعروض 367.5 ألف طن، والمباع 94 ألف طن في الشهر الماضي.

وقال محمد حنفي، مدير عام غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، إن تراجع إنتاج المصانع يعني زيادة تكلفة التصنيع، لأن “التكاليف الثابتة مثل الأجور والصيانة أصبحت توزع على عدد أقل من وحدات الإنتاج”.

وأشار حنفي إلى أن المصانع كانت تنتج شهريا نحو 800 ألف طن بينما لا تتعدى حاليا حاجز 300 ألف طن.

وبحسب نعماني فإن المصانع عانت طوال العام من نقص الغاز وليس فقط خلال شهور الصيف، وهو ما عرضها لتوقف متكرر عن الإنتاج، كما أن عدم توفر العملة الصعبة أدى إلى نقص كبير في الخامات المستوردة.

مشكلة نقص الغاز تم حلها بنسبة كبيرة، كما أن هناك إنفراجة في توفير الخامات بعد تدخل البنك المركزي مؤخرا للإفراج عن الخامات التي تكدست في الموانئ انتظارا لتوفير الدولار، لكن استمرار نقص العملة الصعبة يجعل المخاطر مستمرة نتيجة عدم قدرة المصانع على توفير الخامات بانتظام، كما أن أسعار الغاز غير مشجعة على الإنتاج، تبعا لنعماني.

ووفرت البنوك خلال الأيام الماضية نحو 1.8 مليار دولار للإفراج عن الخامات المحتجزة في الموانئ، كما وفرت مليار دولار بالأمس لتلبية طلبات عمليات الاستيراد السابقة، والتي لم تتمكن البنوك من تدبير الدولارات لها منذ أن وضع البنك المركزي قيودا على الإيداع الدولاري في فبراير الماضي بقيمة 10 آلاف دولار يوميا وبحد أقصى 50 ألف دولار شهريا.

كما وفرت الحكومة مركبين عائمين لاستقبال الغاز المسال المستود، وتحويله لصورته الغازية بحيث يمكن ضخه  على الشبكة القومية للغاز وتوفيره للمصانع. وقال الرئيس عبدالفتاح السيسي في خطاب له مؤخرا إنه بنهاية شهر نوفمبر الجاري لن تكون هناك مشكلة في توفير الغاز للمصانع القائمة أو الجديدة.

وقال نعماني إن الزيادة الأخيرة في سعر بيع الحديد “لا تعني أن المصانع سوف تكسب، فهذه الزيادة محاولة لتقليل الخسائر، كما إنها لا تمثل تعويضا عن خسائر الفترة الماضية..لأن أعباء التكلفة أكبر بكثير من الزيادة الأخيرة”.

وردا على ما إذا كان رفع أسعار الحديد المحلي سوف يشجع على زيادة واردات المستورد الأرخص سعرا، قال نعماني “لا أقدر على المقاومة بتخفيض الأسعار ..نحاول قدر المستطاع أن نقلل الخسائر..ولايمكننا أن ننافس أسعار المستورد. لابد للدولة أن تتدخل لحماية الصناعة المحلية”.

وقال حنفي إن نقص الدولار في السوق يحد من فرص التوسع في استيراد الحديد، وهو ما قد يعطي المنتج المحلي فرصة في التواجد، والعودة للإنتاج بمعدلات أحسن.

لكن مصانع الحديد لديها تخوفات من رفع جديد في أسعار الغاز بعد استيراد للغاز المسال لسد العجز المحلي، كما يقول حنفي، فالحكومة “أخطرت المصانع أنها سوف تبيع لهم نصف كميات الغاز المتعاقد عليها، بسعر 7 دولار للمليون وحدة حرارية، والنصف الآخر بسعر أعلى لأنها تستورده بأسعار مرتفعة.. لكن إلى الآن لم يتم الاتفاق بشكل نهائي على الأسعار”.

كما أن الإفراج عن الخامات التي كانت محتجزة في الموانئ لعدم توافر الدولار، ليس نهاية المطاف كما يرى مدير غرفة الصناعات المعدنية. فأصحاب هذه الشحنات أودعوا 110 بالمئة من قيمتها مقدما في البنوك بالعملة المحلية، على أن تحاسبهم البنوك على القيمة النهائية بعد توفير البنوك للدولار وتحويله للجهات الموردة في الخارج، وهو أمر يستغرق شهور أحيانا. لذلك تثور مخاوف لدى الشركات بخصوص القيمة النهائية للصفقة مع تغير سعر الصرف، خاصة وأن الجنيه قد شهد أكثر من تراجع أمام الدولار منذ بداية العام.

 

 

اصوات مصريه

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى