الأخبار

من نقل الجثث في عربات الخضار إلى هجرة الأطباء

36نقص الاعتمادات، وتدني الخدمات، وانقطاع الكهرباء، وندرة الأطباء.. كلها أسباب جعلت من أهالي محافظة قنا حقلاً للتجارب.

تعاني مستشفيات محافظة قنا حالة من التدهور حولها لمقابر بديلاً عن كونها دارًا للشفاء.. رصدت “بوابة الأهرام” حالات لمستشفيات بعينها.. واستمعت لأهم أسباب التدهور.

قطاع الصحة في محافظة قنا لم يستفد من أخطائه، ولا من أخطاء ما قبل ثورة يناير حين حدثت كارثة العبارة السلام إكسبريس فبراير 2006م، حيث تم نقل جثث الغرقى في عربات خضار دون مراعاة الآدمية، ولم تستفد بعد الثورة وحكومة الإخوان التي عينت في حكومتها وزيرًا ينتمي لأحد المراكز الشمالية في المحافظة، فالأخطاء هي الأخطاء.

القطاع الصحي لا يخلو يوميًا من بيانات يكتبها محافظ الإقليم عن الاعتمادات المالية، وهي بيانات تكون أشبه بطحن هواء يعقبها الغيث الذي هو حتى الآن مكتوم وقد ينفجر في أي لحظة فتدنى الخدمات الصحية، بالإضافة إلى نقص الأطباء والانفلات الأمني أدي إلى قيام الأهالي برفع شعار “يسقط حاتم الجبلي” الوزير في عهد النظام الأسبق، والذي أدي قراره بتحويل مستشفيات القرى إلى وحدات صحية إلى كارثة ومعاناة يومية بحسب أبوبكر الراوي نقيب نقابة الصحة المستقلة بقنا.

وأضاف الراوي لـ”بوابة الأهرام”، أن قرار الجبلي فرغ مستشفيات القرى من معداتها لتظل فارغة من أي خدمة طبية لافتًا إلى أن مدينة قوص التي تضم 29 وحدة صحية لا يوجد بها طبيب بحجة نقص الأطباء وهو الشعار الذي يرفعه المسئولون في المحافظة، مشيرًا إلى أن المستشفيات المركزية في مدن المحافظة تعاني من نقص الأدوية المجانية لمرضى السكر والروماتيزم وغيرها ليضطر المواطنون للذهاب إلى العيادات الخاصة والوقوع فريسة أمام الأطباء، وارتفاع أسعار الروشتة.

بعد ثورة 25 يناير، وسقوط نظام مبارك، ظهرت مشكلة أخرى هي المشاحنات والمشاجرات أحيانًا بين مرافقي المرضى والعاملين بتلك المستشفيات من أطباء وممرضين، بل وصل الأمر في مجتمع قبلي إلى قيام أفراد مسلحين باقتناص مواطنين بأعيرتهم النارية أمام المستشفيات في حوادث الثأر، أما المشكلات التي تحاصر مستشفى المحافظة المركزي فهي متعددة، حيث تسبب عطل في محطة تقوية الكهرباء في انقطاع التيار الكهربائي أثناء إجراء العمليات الجراحية لوجود عطل بها فضلاً عن نقص في بعض الإمكانات، ومنها جهاز الرنين المغناطيسي.

الراوي يؤكد لـ”بوابة الأهرام”، أن المراكز الجنوبية في محافظة قنا يضطر المرضى للذهاب إلى المستشفى الدولي بمحافظة الأقصر؛ بسبب نقص غرف الجراحة المعدة لاستقبال الحالات المصابة في حوادث الطرق، بينما تضطر المراكز الشمالية للذهاب إلى محافظة أسيوط؛ لتظل المعاناة حقيقية لمرضي المحافظة لا فرق بين ما قبل الثورة وما بعدها، ولا فرق بين نظام وآخر.

في الوحدات الصحية للقري والتي كانت مستشفيات قبل حاتم الجبلي بقيت قرى بدون وحدات في مدينة دشنا، بل وتم تعثر بناء وحدات وتحولت لمرعى بهائم، أما في مستشفى نجع حمادي العام الذي يخدم المدينة وقرى المركز يوجد مبنى لم يتم استكماله منذ 13 عامًا برغم الحاجة الماسة له ونفس الأمر يتكرر في مستشفى أبوتشت جناح كامل لم يتم الانتهاء من تطويره.

وتعد قنا من أكثر المحافظات نقصا في الأطباء، وبالتحديد في تخصصات التخدير والعظام والأمراض النفسية والعصبية، وهو ما جعل محافظة أسيوط وجهة مرضى قنا لتلقى العلاج فيها، وبرغم إنشاء المستشفى الجامعي بها منذ سنوات، فإنه لم يعمل بفاعلية ويقدم الخدمات للأهالى.

الدكتور عباس جابر وكيل نقابة الأطباء يكشف لـ”بوابة الأهرام” أن بعض المستشفيات في المحافظة تتعاقد مع طبيب تخدير من مستشفيات أسيوط، وأنه يأتي متأخرًا دائمًا بسبب المواصلات الصعبة والانفلات الأمني؛ مما يجعل إنقاذ الحالات الحرجة في خطر.

في مستشفي دشنا إذا وجد طبيب تخدير فهو سيكون موزعًا بين الذهاب لمستشفى مهمل وبين تعاقداته مع الحالات في العيادات الخاصة؛ مما يجعل الأمر مثل باقي المستشفيات، كما أكد لنا مصدر مسئول بمستشفي المدينة المركزي الذي أصبح إهماله ظاهرًا في فيديوهات يتداولها المواطنون بخاصية البلوتوث.

وكيل نقابة الأطباء أكد أيضًا أن مستشفى نجع حمادي تحول لجراج لسيارات الأجرة وأن حالات الانفلات من خطف أطباء، والاعتداء عليهم جعل المهنة صعبة ناهيك عن مطالبهم المشروعة في كادر مالي يحفظ حقوقهم، مضيفًا أن تدنى أجور العاملين بقطاع الصحة من أطباء وعاملين بالمستشفيات تسبب في هجرة الأطباء للمستشفيات وتقديم استقالات منها للعمل في عياداتهم الخاصة بسبب ضعف الأجور وخاصة الإخصائيين والاستشاريين.

أبوبكر الراوي نقيب نقابة الصحة المستقلة بقنا يؤكد أن مستشفيات التكامل الصحي بدأ إنشاؤها في محافظة قنا في 1997، إثر قرار حاتم الجبلي بهدف تقديم خدمات صحية للمواطنين في القرى دون الحاجة لذهابهم للمستشفيات المركزية والعامة بالمحافظة، وبسبب الإهمال تحولت الوحدات الصحية إلي عبء حقيقي فمرضى فيروس الكبد، والمضطرون للغسيل الكلوي يتم توزيعهم علي مستشفى المدينة، وربما يتم تحويلهم لمستشفيات أبعد فيتكبدون المشقة بالإضافة للمرض.

يضيف الراوي أما في المستشفيات، وفي قسم الاستقبال فإن القطاع الصحي يضطر لوضع طبيب امتياز له عدة أشهر تخرج من الكلية وليس طبيبًا له عشرات السنوات من الخبرة، مما يعني أن المواطن في قنا هو حقل تجارب لقطاع الصحة فقط.

بوابة الاهرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى