الأخبار

الأسوار لم تكن عالية بما يكفي

48

 

 

مشوار جنب الحيط

كم يبلغ عدد الحواجز الإسمنتية المتراصة على ضفتي شارع صفية زغلول لتمنع ركن السيارات وتبعد المواطنين عن أسوار المؤسسات الحكومية؟

في كل مرة أمر بالشارع، أفكر في عد الحواجز، لكني أسرح دائما فيما تعنيه تلك الكتل في علاقة أهل المنطقة بالمؤسسات التي تشاركهم في فراغ الشارع، تقيدهم وتقصيهم منه أيضا.

الشارع ضيق ولا يوحي بمظاهر السيادة التي تنضح منه، فهو محاط بالوزارات والمؤسسات الحكومية على ضفتيه، تتراص الكتل الإسمنتية بمحاذاة الأرصفة، حيث تتسابق كل مؤسسة لإبراز سيادتها والتأكيد على أنها لا تقل سيادة عن الأخرى، لدرجة أن إحدى الهيئات وضعت كتلتين أمام أرض فضاء تابعة لها.

ربما يكون سبب هذا هو الخوف من السيارات المفخخة؛ تلك السيارات الشريرة التي انفجرت أمام اثنين من أكثر الأماكن سيادية في القاهرة والمنصورة، رغم كل الأسوار والحواجز حولها.

تنتهي عظمة المشهد في ساعة خروج الموظفين: ولاعات صينية، أكياس خضار مجهز، معلبات اقتربت من نهاية الصلاحية، وأي شيء من الإبرة لكشافات الطوارئ.. كلها تفترش الكتل الإسمنتية وتغطيها تماما، ومعها وحولها الكثير من الباعة الجائلين والفلاحات والمتسولين بحججهم المختلفة، حيث تتحول حواجز السيادة إلى سوق كبير مغرٍ وفوضوي.

وأمام وزارة الإنتاج الحربي، المكان الأشد سيادة بين باقي المؤسسات في المنطقة، اعتاد شباب المنطقة استغلال المساحة في المساء للعب الكرة، وعلى الناحية الأخرى من الملعب هناك ضريح زعيم الأمة.

غني عن الذكر أن الدولة وهي في طريقها لاستعادة هيبتها قد منعت هؤلاء الشباب من اللعب، وتم إغلاق هذا القطاع من الشارع أمام السيارات لتأكيد الاستعادة.

وعلى بعد عدة مئات من الأمتار في اتجاه الشمال، تقع بوابات القصر العيني الفولاذية، والتي تصنع خطا فاصلا بين حي الدولة وعالم ميدان التحرير، حيث تتجلى أقسى مظاهر السيادة في نصب تذكاري قبيح وعديم المعنى. وناحية الشرق تتعدد الحواجز والجبال الإسمنتية حول قلعة السيادة ذاتها؛ وزارة الداخلية.

لكن تبقى السفارتان الأمريكية والبريطانية هما أكثر مكان يمكنك فيه قياس السيادة الحقيقية، بواسطة الأسوار والحواجز والجبال الإسمنتية عددا وحجما.

 

الشروق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى