الأخبار

نكشف الأسرار.. من قتل جنود الفرافرة

 

190 191

في فترة لم تتجاوز شهرين تقريبًا، تعرض كمين الكيلو 100 لقوات حرس الحدود الواقع بين واحتي الفرافرة التابعة لمحافظة الوادي الجديد والواحات البحرية التابعة لمحافظة الجيزة لهجومين مدمرين؛ ما أدى إلى استشهاد 30 جنديًا في العمليتين.

الحادث الأول والمهربون

ففي الأول من يونيو الماضي وبالتحديد يوم السبت تعرض الكمين لهجوم بالأسلحة الثقيلة؛ ما أدى إلى استشهاد 5 جنود وضابط برتبة ملازم احتياط وهو أحمد محمد كامل، والجنود هم إسلام رشاد زكي، ومجند مايكل ناجح وليم، ومجند محمود سالم محمد، ومجند عامر رمضان محمد، ومجند إبراهيم محمد عبد الباقي.

ووقع الهجوم الأول بعد يوم واحد من نجاح عناصر الكمين في ضبط 4 مهربين كبار من مرسي مطروح اثناء محاولتهم تهريب 15 ألف قاروصة سجائر داخل البلاد قادمين من ليبيا ومن قبلها ضبط 68 مهربًا فضلًا عن كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والعربات والمواد المخدرة وإحباط تسلل 936 شخصًا هجرة غير شرعية خلال شهر مايو، وهوما جعل البعض يربط بين حادث الهجوم وضبط المهربين الذين تم احالتهم للنيابة العسكرية بأسيوط.

ووقتها مثل المهاجمون بجثث الجنود، كما تم سرقة إحدى السيارات التابعة للكمين، وتمكنت قوات الأمن والجيش بعد العملية من القبض على 200 شخص من المشتبه بهم.

الحادثان يوم السبت

ولم يكد ينتهى الشهر الثاني بعد العملية الأولى حتى عاود المسلحون الكرة مرة أخرى على نفس الكمين ( يوم السبت أيضًا) في العملية التي تمت منذ يومين وأسفرت عن استشهاد 24 جنديا. أي أربعة اضعاف الشهداء في المرة الأولى.

وإذا كانت الاتهامات في المرة الأولى قد اتجهت مباشرة للمهربين، كون المنطقة الواقعة بين الفرافرة والواحات البحرية والقريبة من الحدود الليبية مرتعا للمهربين وتجار السلاح لافتقادها للتواجد الأمني، وكثرة الوديان والسهول والدروب في هذه المنطقة الوعرة الخالية من جميع اشكال الحياة، حيث الجبال والهضاب المرتفعة، فأن هذه المرة اتجهت الاتهامات إلى الجماعات التكفيرية، وتنظيم القاعدة، وتم نشر صور لعلم القاعدة داخل احدى السيارات المهاجمة للكمين.

  جرس إنذار

والسؤال إذا كان المسؤولون يدركون خطورة تلك المنطقة وانها مرتعا للمهربين وتجار السلاح، كما ان الحادث الأول كان بمثابة جرس انذار، وفضلا عن هذا وذاك ما يدور على الحدود الليبية وداخل ليبيا من أعمال عنف وقتل وتهريب وانتشار لجماعات تكفيرية… فماذا فعلوا لتأمين الحدود وتأمين أنفسهم من ضربات الغدر والخيانة أي كان مصدرها وهوية وطبيعة منفذها ؟!

  الكمين تحول لثرية

الحقيقة أن كل ما فعلته السلطات المصرية منذ الحادث الأول هو تحويل الكمين من مجرد كمين تقليدي أو نقطة تفتيش حدودية إلى ثرية كاملة تضم عدد أكبر من الجنود ويتواجد أكثر من ضابط. يا ليت الذي حدث ما كان، حيث إن وجود عدد كبير من الجنود زاد من عدد الشهداء في الحادث الأخير.

 التهم الجاهزة

واذا كانت الأبواق الاعلامية ومرتاديها المعتادين قد سبقوا التحقيقات كعادتهم وحددوا الجناة، بأنهم من أتباع القاعدة أو الجماعات التكفيرية وذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك عندما اتهم حركة المقاومة الفلسطينية (حماس)  المشغولة بقتال الصهاينة في غزة، بأنها وراء ذلك. كما خرجت بعض الجهات الرسمية لتعلن أن الجناة من القاعدة، فأن المؤسف أن مثل هذه الاتهامات الجاهزة وعدم البحث عن الجناة الحقيقيين، هو الذي يسهل لهؤلاء الجناة معاودة أفعالهم. فلم تكلف أجهزة البحث والتحقيق نفسها عناء ومشقة البحث والتحليل للوصول إلى الجناة الحقيقيين، ولكنها ترمى دائما على الشماعة الجاهزة.

 إرهاب أم تهريب.. المصيبة كبيرة

ومن الممكن والاحتمال الوارد بنسبة ليست ضئيلة ان تكون بالفعل جماعات تكفيرية أو جهادية وراء مثل هذه الأحداث، ولكن ذلك لابد ان يتم بتحقيق مستوفي وجهد كبير حتى يمكن مواجهة وسد الثغرات أمام تلك الجماعات الإرهابية، وليس بمجرد اتهامها فقط دون البحث عن الخيوط التفاصيل وإعلانها بشفافية على الرأي العام.

واذا افترضنا ان الجماعات الإرهابية ذات الأهداف السياسية وراء هذا الهجمات، فأن تلك مصيبة أكبر في التقصير، فكيف لهذه الجماعات ان تخترق الجبال والسهول والوديان والرمال المتحركة في الصحراء الغربية وتسير مئات الكيلومترات لتصل إلى أهداف داخل البلاد. فهذه الجماعات لا تعيش داخل الأراضي المصرية، أو على الاقل لا تعيش في منطقة الوادي الجديد أو الواحات البحرية، فهي إما قادمة من ليبيا أو مرسي مطروح، وبالتالي يسهل رصدها وتعقبها.

  400  كيلو متر من حدود ليبيا

ولمن لا يعرف طبيعة هذه الأماكن، فأن موقع الحادث أي الكيلو 100 على طريق الفرافرة- الواحات البحرية يبعد 400 كيلو متر تقريبا عن الحدود الليبيةوهذه المساحة خالية تماما من مظاهر الحياة، حيث الكثبان الرملية المتحركة والجبال والهضاب العالية، ولكن توجد وديان وسهول ودروب لا يعرفها ولا يسلكها إلا المهربون الذين ازداد نشاطهم عبر الحدود عقب سقوط نظام الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، وحالة عدم الاستقرار في مصر.

    ممرات من ليبيا إلى الصعيد

وتشمل عمليات التهريب السلاح والمخدرات والمنتجات الرخيصة من ليبيا إلى مصر، ويعتبر كمين الكيلو 100 أحد العقبات الرئيسية التي تقع في ممرات المهربين القادمين من ليبيا والمتجهين إلى محافظات الصعيد خاصة أسيوط والمنيا اللتان تقعان على خط عرضي عمودي واحد مع تلك الدروب والممرات.

ويرجح النشاط الرائج والزائد للمهربين في هذه المنطقة، الذي امتد حتى لتهريب الأفارقة من السودان وتشاد والنيجر إلى بلدان اوروبا عبر هذه الدروب، ان يكون المهربون وراء الحادث الأخير لدوافع انتقامية، حيث وجهت قوات الأمن والجيش لهم أكثر من ضربة، واسقطت منهم قيادات وصادرت بضائع مهربة تقدر بمئات الملايين من الجنيهات. وربما أن حرق الجثث أو التمثيل بها ينم عن قسوة الانتقام.

  الوادي محافظة كبيرة بلا اهتمام

وربما لا يعرف البعض أن محافظة الوادي الجديد مساحتها تساوى 45 % من مساحة مصر أي تقترب من النصف، وهذه المساحة تتناثر خلالها الواحات الثلاث الخارجة الداخلة والفرافرة بقراها ولا تزيد المناطق المأهولة على 20 % من تلك المساحة وبقية المساحة صحراء شاسعة خالية تمامًا من مظاهر الحياة حتى حدود السودان جنوبًا وحدود ليبيا غربًا.

 تقسيم إداري لتعمير الصحراء

وكثيرا ما نادى أبناء الوادي الجديد بضرورة اهتمام الدولة بالمحافظة وتعميرها وشق الطرق العرضية التي تساعد على العمران والاستثمار، كما طالبوا مرات عديدة بضرورة إعادة النظر في التقسيم الإداري للمحافظة وتقسيمها إلى محافظتين لبعد المسافات بين المراكز ولتسهيل الخدمات للمواطنين، وتعمير الصحراء وسد المنافذ أمام المهربين والتجارة غير المشروعة.

  خريطة الدروب والممرات

ومن الدروب المعروفة في الصحراء الغربية درب الاربعين هو اقدم الطرق داخل الصحراء الغربية، وقد كان الطريق الموصل بين السودان والواحات جميعا، والساحل الشمالي أيضًا، وقد استعمل هذا الطريق منذ أيام الفراعنة، وكانت تقاس أيام الرخاء في وادى النيل بمدى اهتمام الحاكم بتأمين طريق درب الاربعين، لأنه كان وسيلة النقل و التجارة بين مصر والسودان، وقد سمى طريق درب الاربعين بهذا الاسم، لأن القوافل كانت تقطعه في أربعين يوم كاملة، وهذا الطريق يبدأ من مدينة الفاشر بدارفور بالسودان، ويمر بواحة سليمة في أقصى شمال السودان، ويسير الطريق داخل الأراضي المصرية ليلتقي بواحة اسمها “الشب “.

وفي هذه الواحة الأخيرة يلتقى درب الاربعين بدرب آخر اسمة “الطرفاوي “الذي يبدأ من واحة الفرافرة ..مارا بالداخلة ويسير بعد ذلك في اتجاه الشمال حتى يصل إلى المكس جهة باريس ثم واحة باريس ومنها إلى ” بولاق” في الخارجة وعلى طرف المنخفض من الشمال يسير حتى يصل إلى أسيوط، واشتهر درب الاربعين بان تجارة الرقيق كانت تمشى فيه وايضا قوافل تجارة الجمال التي قد تصل إلى خمسة آلاف جمل في الرحلة الواحدة.

ثانيا: درب ” أبى سروال” ويمر بوادي البطيخ، ويذهب بعد ذلك إلى فرشوط في قنا، وفرع منه يتجه إلى وادى ” خلاف ” وطول هذا الدرب 21 كم، ” ودرب بولاق ” في بدايته من قرية بولاق بالخارجة ويلتقى بدرب جاجا ” الذي يقطعه نحو الشمال الشرقي نحو فرشوط ثم يسير شرقًا إلى الرزيقات، وطول الطريق من من بولاق إلى فرشوط202 كم، أما درب ” دوش” فيخرج من قرية دوش إحدى ضواحي مركز باريس، وفرع منها يذهب إلى “إسنا” في قنا والآخر إلى ادفو في اسوان.

ومن أهم الطرق القديمة في الداخلة ” درب الغباري” وهو الموصل بين الداخلة والخارجة، ومسافته 200كم حتى مدينة موط، أما درب “الطويل” فهو يتجه من الداخلة إلى أسيوط، وبعد مسيرة تساوى 70 كم يتجه فرع منة إلى قرية القصر، ثم إلى واحة الفرافرة وهناك درب آخر اسمه ” الخشى “وهو يمتد من قرية القصر بالداخلة إلى مدينة أسيوط ويتفرع منه فرع الفرافرة

.

ويصل وادى النيل بالواحات البحرية أكثر من طريق اهمها الطريق الذي يذهب اليها خلف اهرامات الجيزة – طريق مصر الفيوم وطولة 270 كم.
ويوجد درب آخر اسمه طريق الحمام.. وآخر يذهب إلى الواحات البحرية عن طريق الفيوم ومن الواحات البحرية يوجد طريق يتصل بواحة سيوة طولة 400كم كذلك يوجد طريق موصل ما بين الفرافرة والواحات البحرية.

          

   سيوة ومرسى مطروح

أما واحة سيوة فيصل اليها أكثر من طريق،منها “مسرب الاسطبل ” وهذا الطريق اتخذه الإسكندر الأكبر دربا لكي يصل إلى سيوة، وبدايته من مرسى مطروح، ويتخذ مسارين واحد إلى سيوة وواحد إلى السلوم، ويمتاز هذا الطريق بوجود الآبار التي يتزود منها المسافر بالماء وهناك طريق آخر يصل ما بين سيوة والسلوم واسمه مسرب ” الشقة” أما طريق ” الخالدة ” فهو يصل سيوة بالجراولة على ساحل البحر شرق مرسى مطروح، وتوجد طرق أخرى منها “مسرب شفرزن” ودرب المحصحص الذي ينتهي عند العلمين.

وهذه الدروب رغم أنها معروفة ومرصودة لكنها لا تخضع للرقابة والمتابعة مما يسهل حركة المهربين والمخربين.

 

 

 

 

 

 

 

مصر العربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى