الأخبار

من المؤبد إلى السجن المشدد

63

استعدادات مكثفة ودعاية انتخابية لا تضاهى، وسائل إعلامية تسخر جهودها لدعم ذلك الشخص الذي ظن، يوما، أنه ربما يخرق الأرض ويبلغ الجبال طولا، لافتات عمالية وقبائلية وسياسية تغزو الطرقات لتأييد صاحب الضربة الجوية الأولى في أكتوبر 73 والرئيس المنتظر في أكتوبر 2005، مشهد انتخابي يفرض نفسه على حياة المصريين يتلخص في جملة: “نعم.. نبايعك يا مبارك”، ينتهي إلى أدائه اليمين الدستورية واستقبال الشعب للعام المتمم لمؤبد رئاسته.

السنون تمر سريعا، ويقف الزمن على بعد أشهر قليلة من ذات الأجواء الانتخابية التي حيّرت الرأي العام، آنذاك، ما بين ترشح نفس الشخص الذي حكم البلاد 30 عاما أو توريثها لنجله، أبناء المحروسة يقررون تغيير وجه التاريخ وسحب البساط من تحت أقدام علية القوم ليأتي شهر سبتمبر، الذي كان ينتظر تنصيب مبارك رئيسا، ليجده سجينا حبيس القضبان ينتظر الحكم عليه.

أجواء الرئاسة تتجدد، 13 اسما تحويها قائمة مرشحي انتخابات 2012 دون أن تضم ذلك الاسم الذي غرد فيها وحيدا على مدار 30 عاما، غير أن الانتخابات أبت أن تترك المشهد قبل إلقاء التحية عليه عبر حكم، يصدر قبل انقضائها بأسبوعين، بالسجن المؤبد لمبارك ووزير داخليته بتهمة قتل متظاهري ثورة يناير التي أطاحت بهما.

ثورة جديدة تزيد عدد سجناء غضبة الشعب واحدا، عرس انتخابات الرئاسة يعاود الحضور إلى المشهد، أجواء الدعاية والمبارزات الكلامية والمفاضلة بين 2 من المرشحين تأخذ أعين وعقول وقلوب المصريين، صورة مبارك تطرق أبواب المشهد من جديد قبل 5 أيام باقية على لحظة الحسم، حكم جديد تصدره محكمة جنايات القاهرة بسجنه المشدد لمدة 3 سنوات ليبقى “مبارك الرئيس والسجين” عاملا مشتركا في كل انتخابات رئاسية شهدتها البلاد.

من جانبها، قالت الدكتورة هبة العسوي، أستاذة الطب النفسي، إن هذه المفارقة تعطي رسالة غير مباشرة للمجتمع بأن العقاب جزاء حتمي لأي شخص يرتكب جرما مهما علا قدره أو طال وقت محاسبته.

وأشارت أستاذة الطب النفسي إلى أن الجميع لا بد أن يتأمل صدفة حبس مبارك في نفس الأجواء التي كان يتم الاحتفاء به خلالها منذ سنوات، مؤكدة أن ذلك يجب أن يدفع كل الذين يتعاملون مع المجتمع بشكل فوضوي أنه لا أحد فوق القانون وأن لكل شيء نهاية.

وأضافت أن هذا الأمر لا بد وأن يعلم المصريين درسا بعدم فرعنة الحاكم، بحسب قولها، ومعرفة أن هذا الحاكم يمكن أن يكون يوما في موضع السجين، مؤكدة أن المقصد من ذلك ليس تسفيه الشخص الحاكم وإنما عدم تألييه أو تحويله إلى دكتاتور جديد.

 

 

 

 

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى