الأخبار

انتخابات مزيفة

92

 

 

ينظم الرئيس السوري انتخابات في خضم الحرب الأهلية وهذه مسألة لا علاقة لها من قريب أو بعيد بالديمقراطية مثلما يرى خبير الشرق الأوسط راينر زوليش في تعليقه التالي:

الانتخابات الحرة تضمن حدا أدنى من العدالة، إذ يختار المواطنون من يظنون أنه سيمثل مصالحهم. وبعدها يتولى الفائزون بالانتخابات السلطة لفترة محددة. ويتحول الخاسرون إلى المعارضة، فيقومون من هناك بمراقبة من في السلطة ويمثلون بذلك أيضا مصالح أولئك الذين لم يحققوا الأغلبية.

أما مسرحية “الانتخابات” التي يؤديها الرئيس السوري بشار الأسد في بلده، فلا هي حرة ولا هي نزيهة. وبجانب الأسد نفسه مسموح لاثنين من الموالين للنظام بالترشح في الانتخابات. ومن الواضح أنهما دميتان في يد الدكتاتور من أجل تقديم وعد كاذب للرأي العام العالمي بتعددية لا وجود لها في الواقع. ومن المؤكد أن الأسد سيعلن نفسه “فائزا” من جديد، علما أنه منذ البداية جرى استبعاد مرشحي المعارضة الحقيقية.

ظروف مروعة

Deutsche Welle Rainer Sollich Arabische Redaktionراينر زوليش خبير الشرق الأوسط يرى أن مسرحية الانتخابات السورية هدفها إذلال معارضي الأسد

مع هذا، فإن المروع بشكل خاص هي الظروف المواكبة لمسرحية “الانتخابات” التي يؤديها الأسد. فمنذ ما يزيد على ثلاث سنوات والحرب سائدة في سوريا. ولقي أكثر من 160 ألف شخص حتفهم، كما أن أكثر من ثلث السكان فروا أو شردوا، و دمرت العديد من الأحياء السكنية والمناطق تماما. ويتواصل يوميا قصف مناطق سكنية بالقنابل وذبح مواطنين من قبل سلاح الجو وميليشيات الأسد في معظم الأحيان ولكن أيضا من قبل الجماعات المرتبطة بالقاعدة، التي تلعب دورا يزداد هيمنة باستمرار في الكفاح المسلح ضد النظام. والانتخابات لا يمكن أن تجرى إلا في المناطق التي يسيطر عليها النظام ؛ أما في الأماكن الأخرى فإن الحرب تتواصل ببساطة. وإجراء انتخابات زائفة في خضم هذا الصراع الدموي والكارثة الإنسانية مسألة يكاد لا يضاهيها شيء في السخرية و ازدراء الإنسان.#b#

ويحتمل أن يكون هذا بالضبط دافعا من دوافع الأسد الرئيسية. فهو لا يقتصر فقط على استغلال “الانتخابات” كأداة لتجديد شرعيته الوهمية وعزف لحن العودة السريعة إلى الحياة الطبيعية للشعب السوري وإنما يريد أيضا توصيل رسالة إذلال غادرة إلى خصومه، بعدما حققت قواته وميليشياته سلسلة كاملة من الانتصارات العسكرية الهامة. ومفاد هذه الرسالة هو: “أنا الفائز وسأظل الرئيس وأنتم الخاسرون وستبقون خاسرين”. وبهذا يصب الأسد الزيت على النار عامدا، ومستفزا خصومه لارتكاب المزيد من أعمال العنف.

خوف أكبر من السخط

تظاهر الأسد المتزايد بأنه الفائز، يعود “الفضل” فيه إلى الدعم الروسي و الإيراني وكذلك للأسف لسياسات غربية. فعندما هدد الأميركيون بتوجيه ضربة عسكرية له، تحتم على الديكتاتور تسليم أسلحته الكيماوية، لكن أحدا لم يمنعه من مواصلة تفجير مناطق كبيرة يسكنها شعبه باستخدام أسلحة تقليدية. فالخوف داخل العواصم الأوروبية من حدوث فراغ في السلطة في سوريا هو أكبر من سخطها على ما يجرى هناك.

الشروق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى