الأخبار

سقوط مدينة عمران في أيدي الحوثيين

33

أكدت مصادر محلية وشهود عيان في محافظة عمران لـ«الشرق الأوسط» سقوط مدينة عمران، عاصمة المحافظة بيد مسلحي الحوثي، بعد معارك امتدت على مدى أيام أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 250 شخصا، جعلت المتمردين الحوثيين على بعد 50 كيلومترا من صنعاء.

وسيطر الحوثيون على المدينة بكاملها بعد أن استسلمت لهم قوات الأمن المركزي (الخاصة) وقوات الشرطة العسكرية. وقالت المصادر إن الحوثيين باتوا يسيطرون على كل المرافق الحكومية ويحاصرون مقر اللواء 310، في وقت تصاعدت فيه حالة النزوح الجماعي للسكان باتجاه العاصمة صنعاء.

وشن الطيران الحربي اليمني أمس، ثلاث غارات استهدف فيها مقر الأمن المركزي وإدارة أمن المرور في محافظة عمران التي تسيطر عليها جماعة أنصار الله الحوثية منذ صباح أمس في محاولة لاستعادتها. وكانت الجماعة المتمردة قد أعلنت في بيان على قناة «المسيرة» التابعة لها سيطرتها على مدينة عمران. وأشار مصدر إلى أن الطيران الحربي سيواصل قصفه على المحافظة حتى تعود إلى سيطرة الدولة.

واشتدت حدة المعارك الدائرة في محافظة عمران القريبة من العاصمة صنعاء بين قوات الجيش وميليشيات الحوثيين الذين يحاولون السيطرة على عاصمة المحافظة، منذ يوم الجمعة الماضي بعد انهيار هدنة وقف إطلاق النار التي توصلت إليها لجنة رئاسية لحل المشكلة، في وقت سقط فيه مئات القتلى والجرحى في هذه المواجهات العنيفة. ودعا المبعوث الأممي إلى اليمن، جمال بنعمر إلى وضع خطة سلام شاملة لشمال البلاد على ضوء نتائج الحوار الوطني الشامل.

وتقول الجماعة المتمردة إنها تريد تطهير المدينة من ميليشيات الإصلاح (الإخوان المسلمون) حسب ما ذكر تقرير في قناتها الخاصة «المسيرة». وقال علي القحوم من المكتب الإعلامي التابع لأنصار الله، إن ميليشيات الإصلاح هربت من المعركة تاركة مواقعها وأسلحتها، وأشار إلى أن عمران تحت سيطرة أنصار الله وذلك بالتعاون مع اللجان الشعبية.

وأكد القحوم لوكالة الأنباء الألمانية، أن المؤسسات العسكرية والمقرات الحكومية بأمان، مشيرا إلى أنهم يحرسونها مع اللجان الشعبية، خوفا من عودة الميليشيات إليها مجددا. وأكد مصدر أمني من اللواء 310 للوكالة الألمانية، أنهم محاصرون حتى اللحظة من قبل الحوثيين، وأضاف أن هناك وابلا من الرصاص يطلق عليهم من المباني الموجودة بقرب مقر اللواء من قبل الحوثيين في محاولة منهم للسيطرة عليها.

وأكد عبد الله أبو ركبة، مصدر محلي محسوب على حزب الإصلاح، أن الحوثيين سيطروا على الأمن المركزي بعمران مساء أول من أمس. وقال إن «تسليم الأمن المركزي والملعب الرياضي الذي يحوي المعدات والأسلحة التابعة للأمن للحوثيين من قبل الجنود خيانة عظمى». كما أكد أن الحوثيين يحاصرون اللواء 310، إلا أن أفراد اللواء لا يزالون متمسكين بمواقعهم حسب قوله، مشيرا إلى أن الوضع الميداني بعمران أصبح مأساويا لدرجة كبيرة.

وتشير المعلومات الميدانية إلى أن أعداد القتلى في صفوف الجانبين في ارتفاع متواصل وإلى أن جماعة الحوثي منيت بخسائر بشرية كبيرة تقدر بأكثر من 150 قتيلا (منذ يوم الجمعة الماضي)، وهم الذي جرى حصرهم ولم يجر سحبهم من قبل مقاتلي الحوثي، إضافة إلى قرابة 100 قتيل في صفوف قوات الجيش والقبائل المساندة له. وتعد عمران هي المعقل الرئيس لقبائل حاشد الشهيرة في اليمن والتي يتزعمها الشيخ صادق بن عبد الله بن حسين الأحمر وأشقاؤه والغالبية منهم ينتمون لحزب الإصلاح الإسلامي. ويمثل سقوط عمران في أيدي الحوثيين ضربة قوية للتيار الإسلامي السني وللقوى القبلية النافذة لآل الأحمر.

في هذه الأثناء، قال مصدر في حزب التجمع اليمني للإصلاح، أحد ألد خصوم الحوثيين في اليمن، إن ميليشيات الحوثي المسلحة قامت بتفجير مقر المكتب التنفيذي للحزب (الفرع)، وهي حادثة مماثلة لما حدث في محافظات أخرى عندما استولى عليها الحوثيون الذين لا يقرون، حتى اللحظة بأنهم في مواجهة مع قوات الجيش وإنما يعلنون أن الحرب بينهم وبين حزب الإصلاح ذي التوجه السني. في السياق ذاته، ذكرت المصادر أن جماعة الحوثي اقتحمت منزل أحد الصحافيين المحليين في عمران وصادرت كافة محتوياته، حيث يهاجم الحوثيون مدينة عمران من ثلاثة اتجاهات ولم يتبق للمدينة سوى منفذ واحد تحت سيطرة القوات الحكومية وهو الذي يربطها بالعاصمة صنعاء التي وصلت منها، فجر أمس، تعزيزات عسكرية من الجنود والعتاد.

من جهة ثانية، تتواصل عمليات النزوح بكثافة من عمران مع اشتداد المعارك، وأفاد الهلال الأحمر اليمني في بيان أمس، بأن نحو عشرة آلاف أسرة نزحت من مدينة عمران وضواحيها بسبب احتدام المواجهات بين المتمردين الحوثيين والجيش. وأشارت مصادر محلية إلى أن عدد النازحين تخطى 30 ألفا. وذكرت المنظمة التي وجهت «نداء استغاثة» أن خمسة آلاف أسرة أخرى تحاول الهرب من عمران إلا أنها عاجزة عن ذلك. ويبلغ عدد سكان المدينة 120 ألف نسمة. وشدد الهلال الأحمر في بيانه على الوضع الخطير الذي يعيشه المدنيون الذين باتوا محاصرين في أتون اشتباكات تزداد ضراوة.

من ناحية ثانية، أعرب جمال بنعمر، المستشار الخاص للامين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إلى اليمن، عن بالغ قلقه إزاء أحداث العنف المستمرة في محافظة عمران ومناطق أخرى من شمال البلاد، كما أعرب عن أسفه للخسائر المادية الكبيرة في صفوف الطرفين. ودعا المبعوث الأممي إلى وقف فوري للعنف والأعمال العدائية بما فيها تلك التي تدور في مدينة عمران، حيث يحاول الحوثيون السيطرة على بعض المواقع في المدينة، كما دعا إلى اتفاق وقف إطلاق النار القائم.

وجدد بنعمر في بيان دعمه لجهود الرئيس عبد ربه منصور هادي الرامية لإعادة الأمن والاستقرار، مشددا على «حاجة كل الأطراف إلى العمل من أجل وقف نهائي للعنف من خلال عملية سياسية». وأعاد التأكيد على ضرورة إعداد خطة سلام للشمال من خلال مفاوضات مباشرة تستند على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني التي تدعو إلى نزع واستعادة الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من كل الأطراف والجماعات والأحزاب والأفراد التي نهبت أو جرى الاستيلاء عليها وهي ملك للدولة على المستوى الوطني وفي وقت زمني محدد وموحد. وأكد بنعمر أن خطة السلام «ستعمل على نزع فتيل كافة عناصر التوتر السياسي والأمني وتمكن الدولة من استعادة احتكارها لاستخدام القوة».

وتضمن بيان المبعوث الأممي إلى اليمن دعوة إلى كل الأطراف إلى التقيد بالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني النافذ وقانون حقوق الإنسان ويشدد على حاجة كل الأطراف إلى تيسير وصول المساعدات الإنسانية بسلام ودون عوائق من أجل إخلاء الجرحى وضمان إيصال المساعدات إلى جميع السكان المحتاجين لها. وذكر بنعمر الأطراف اليمنية بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2140، الذي يؤكد على وحدة اليمن وسلامة أراضيه واستقراره، ويرتبط بالقرارات السابقة التي تفرض عقوبات على معرقلي التسوية السياسية. وقال مبعوث الأمم المتحدة إنه قلق من «استمرار الانتهازيين في إذكاء الصراع في الشمال في محاولة لتعطيل العملية الانتقالية وتقويض الحكومة اليمنية».

الشرق الاوسط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى