الأخبار

سيدنا زكريا.. عمل في حرفة النجارة

 

93

 

كان نبي الله زكريا عليه السلام نبيا عظيما من أنبياء بني إسرائيل، ذكر في القرآن الكريم في ستة مواضع وعمل زكريا عليه السلام في حرفة النجارة والخشب، حيث كان نجاراً يعمل وينشر الخشب، ويأخذ الأجرة على ذلك، وروى عن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال : “كان زكريا عليه السلام نجارا ” رواه مسلم.

ويذكر أن نبي الله زكريا عليه السلام كان من أوائل الذين مارسوا العمل التطوعي من خلال كفالته للسيدة مريم، ففي الزمان الذي كان يعيش فيه نبي الله زكريا، كان هناك عالم عظيم اختاره الله للصلاة بالناس، وكان اسمه عمران، وكان له زوجة لا تلد، وذات يوم رأت طائرا يطعم ابنه الطفل في فمه ويسقيه، ويأخذه تحت جناحه خوفا عليه من البرد، وذكرها هذا المشهد بنفسها فتمنت على الله أن تلد، ورفعت يديها وراحت تدعو خالقها أن يرزقها بطفل، واستجابت لها رحمة الله، فأحست ذات يوم أنها حامل، وملأها الفرح والشكر لله فنذرت ما في بطنها محررا لله أي نذرت لله أن يكون ابنها خادما للمسجد طوال حياته يتفرغ لعبادة الله وخدمة بيته.

وجاء يوم الوضع ووضعت زوجة عمران بنتا، وفوجئت الأم، فكانت تريد ولدا ليكون في خدمة المسجد والعبادة، فلما جاء المولود أنثى قررت الأم أن تفي بنذرها لله ، وكان عمران قد مات قبل ولادة مريم، وأراد علماء ذلك الزمان وشيوخه أن يربوا مريم . فقال زكريا: أكفلها أنا.. هي قريبتي.. زوجتي هي خالتها.. وأنا نبي هذه الأمة وأولاكم بها. وقال العلماء: ولماذا لا يكفلها أحدنا..؟ لا نستطيع أن نتركك تحصل على هذا الفضل بغير اشتراكنا فيه.ثم اتفقوا على إجراء قرعة وأي واحد يكسب القرعة هو الذي يكفل مريم، ويربيها، ويكون له شرف خدمتها، حتى تكبر وتخدم المسجد وتتفرغ لعبادة الله، وأجريت القرعة.

وضعت مريم وهي مولودة على الأرض، ووضعت إلى جوارها أقلام الذين يرغبون في كفالتها، وأحضروا طفلا صغيرا، فأخرج قلم زكريا.قال زكريا: حكم الله لي بأن أكفلها.قال العلماء: لا.. القرعة ثلاث مرات. وراحوا يفكرون في القرعة الثانية.. حفر كل واحد اسمه على قلم خشبي، وقالوا: نلقي بأقلامنا في النهر.. من سار قلمه ضد التيار وحده فهو الغالب.وألقوا أقلامهم في النهر، فسارت أقلامهم جميعا مع التيار ما عدا قلم زكريا.. سار وحده ضد التيار.. وظن زكريا أنهم سيقتنعون، لكنهم أصروا على أن تكون القرعة ثلاث مرات. قالوا: نلقي أقلامنا في النهر.. القلم الذي يسير مع التيار وحده يأخذ مريم. وألقوا أقلامهم فسارت جميعا ضد التيار ما عدا قلم زكريا. وسلموا لزكريا، وأعطوه مريم ليكفلها، وبدأ زكريا يخدم مريم، ويربيها ويكرمها وينفق عليها من خلال عمله في حرفة النجارة حتى كبرت.

وكان لمريم مكان خاص تعيش فيه في المسجد تتعبد فيه، وكانت لا تغادر مكانها إلا قليلا، يذهب وقتها كله في الصلاة والعبادة، وكان زكريا يزورها أحيانا في المحراب، وكان يفاجأه كلما دخل عليها أنه أمام شيء مدهش، يكون الوقت صيفا فيجد عندها فاكهة الشتاء، ويكون الوقت شتاء فيجد عندها فاكهة الصيف، ويسألها : من أين جاءها هذا الرزق..؟فتجيب مريم: إنه من عند الله.

وكان زكريا شيخا عجوزا ضعف عظمه، واشتعل رأسه بالشعر الأبيض، وأحس أنه لن يعيش طويلا، وكانت زوجته وهي خالة مريم عجوزا مثله ولم تلد من قبل في حياتها لأنها عاقر، وكان زكريا يتمنى أن يكون له ولد يرث علمه ويصير نبيا، وسأل زكريا خالقه بغير أن يرفع صوته أن يرزقه طفلا يرث النبوة والحكمة والفضل والعلم، فرحم الله تعالى زكريا واستجاب له، فلم يكد زكريا يهمس في قلبه بدعائه لله حتى نادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب: “يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا”.

وظل زكريا عليه السلام يدعو إلى ربه حتى جاءت وفاته، ولم ترد روايات صحيحة عن وفاته، لكن ورايات كثيرة أوردت قتله على يد جنود الملك الذي قتل يحيى.

صدى البلد

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى