الأخبار

الذكرى الثانية لموت «عصام عطا»

 

90

 

لم يكن قد مر كثير من الوقت على قضية مقتل وتعذيب «خالد سعيد»، الشرارة الأولى لقيام ثورة 25 يناير، حتى وقعت حادثة أخرى بعد بضعة أشهر، راح ضحيتها الشاب العشريني «عصام عطا» في 27 أكتوبر 2011.

ألقي القبض على «عطا» في 25 فبراير 2011، لتورطه في مشاجرة بالمقطم، وحُكم عليه في اليوم التالي بالحبس لمدة عامين من قبل «المحكمة العسكرية». كان ذلك في الفترة الانتقالية التي أدار خلالها المجلس العسكري شؤون البلاد عقب ثورة يناير.

شهادات عدد من زملاء «عطا» بالسجن والتي نشرها مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، أفادت بأنه لم يكن يدخن «السجائر أو المخدرات»، لكن تقارير وزارة الداخلية وتقارير الطب الشرعي قالت: «إن السجين لفظ أنفاسه الأخيرة داخل محبسه، نتيجة ابتلاعه “أمبول” من مواد مخدرة».

بدأت الحكاية التي رواها أهله، وأكدتها الدكتورة عايدة سيف الدولة، مدير مركز النديم، بطلب عصام من والدته قبل يومين من وفاته “شريحة تليفون” حتى يستطيع أن يتواصل معهم، فأحضرتها له، وعندما علم أحد الضباط بإدارة السجن بهذا قام “بتعذيبه حتى الموت”. وفقًا لرواية الأهل.

وبحسب البلاغ المقدم من النديم إلى قسم مصر القديمة «عصام علي عطا، تعرض للتعذيب الوحشي عن طريق إدخال خراطيم مياه من فمه وأماكن حساسة بجسمه، ونقل دون معرفة أهله إلى مستشفى قصر العيني، حيث وصل جثة هامدة». وهو نفس الاتهام التي وجهته أسرة عطا لإدارة سجن طرة.

لكن تقارير الطب الشرعي وشهادات إدارة السجن كانت أقوى من محاولات الأسرة لإثبات اتهامهم، مما جعل النيابة تحفظ التحقيق في ١٧ أبريل ٢٠١٢.

جدل حول تقرير «الطب الشرعي»

يشرح الدكتور إحسان كميل جورجي، كبير الأطباء الشرعيين وقت الحادث، الأساس الذي اعتمد عليه تقرير الطب الشرعي قائلا: “التقرير الطبي الخاص بعصام عطا، اعتمد في المقام الأول على تحليل عينة من دمه ونتيجة عينة الدم أثبتت أنه أصيب بتسمم في الدم نتيجة ابتلاع كميات كبيرة من المواد المخدرة وخصوصًا الحشيش، وأثناء تشريح جثة عطا عثر داخل أحشائه على ما يقرب من 32 قطعة حشيش، كانت ملفوفة في أصابع قفاز بلاستيك، ومع حركة المعدة، خرجت كمية الحشيش الموجودة فيها مسببة تسممًا في الدم، أدت إلى الوفاة”.

لكن الدكتور إبراهيم محمد سليم، كبير الأطباء الشرعيين الأسبق يشكك في سلامة التقرير، مؤكدًا أنه «لا يمكن أن تكون الوفاة قد حدثت نتيجة كمية المواد المخدرة المذكورة في التقرير الشرعي، حيث إنها «غير كافية إطلاقًا لإحداث الوفاة، سواء أخذت عن طريق السجين إراديًّا أو غير إرادي». وقد أدلى سليم بشهادته ورأيه إلى مركز النديم الذي قدمها بدوره للنيابة، وكان ذلك أحد الأسباب التي دفعت النائب العام إلى إعادة فتح التحقيق في القضية في 11 يوليو 2012، خاصة بعد أن تقدم شقيق عطا للنيابة بمستندات جديدة ضمت شهادة موثقة، من سيد أحمد عثمان، أحد زملائه بالسجن، قال فيها: إن عصام “تعرض للتعذيب من قبل أحد ضباط السجن”.

وطن بلا تعذيب.. الوقفة السنوية

وتزامنًا مع الذكرى الثانية لموت عطا دعت حملة «وطن بلا تعذيب» إلى وقفة يوم الاثنين المقبل، أمام دار القضاء العالي ونقابة الصحفيين. وستشهد الدعوة، وقفة صامتة بالملابس السوداء للمشاركين حاملين صور الضحايا والمتهمين بتعذيبهم أمام دار القضاء العالي في الثالثة عصرًا، ثم سيتم تنظيم مؤتمر يستضيف لجنة الإجراءات التشريعية بنقابة الصحفيين بالنقابة ويضم أهالي الشهداء والضحايا، وبعض الحقوقيين المعنيين بقضايا التعذيب.

كما دشن نشطاء هاش تاج #عصام_عطا على موقع تويتر، ودعوا لاعتبار يوم الاثنين يومًا للتدوين عن عصام عطا وضحايا التعذيب.

مركز النديم: التعذيب مستمر

كان مركز النديم قد أصدر في 26 يونيو الماضي، الذي يوافق اليوم العالمي لمناهضة التعذيب، تقريرًا عن التعذيب في عهد الرئيس مرسي.

وقد وثق التقرير 217 حالة قتل، و359 حالة تعذيب في أقسام شرطة، وسجون، ومعسكرات الأمن المركزي، وأمام قصر الاتحادية الرئاسي.

وتراوحت أسباب الوفاة بين “طلق ناري في اشتباكات (49 في بورسعيد و10 في الاتحادية بحي مصر الجديدة) أو في كمائن مرور، وحالات تحمل شبهة عالية للتعذيب وسوء المعاملة في أقسام مصر القديمة، حلوان، روض الفرج، قليوب، الجيزة، قنا، ميت غمر، سيدي جابر، نبروه (الدقهلية)، طهطا (سوهاج)، مرسى مطروح، الوراق، وادي النطرون وسجون المنيا وشبين الكوم وطنطا العمومي، والمنصورة، والوادي الجديد”.

وخلص التقرير إلى النتيجة التالية “التعذيب لا يزال منهجيًّا وسياسة حكم بها نظام مرسي، مثلما حكم بها نظام المجلس العسكري، ومثلما حكم بها مبارك من قبله”.

الشروق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى