الأخبار

عودة إجرام الداخلية

163

 

 أملك تفسيراً حقاً لتلك الظاهرة الغريبة المتكررة تاريخياً في مجتمعنا، مجموعة من الناس قد يكونون من الحكماء أو البسطاء.. يرون بوضوحٍ شديد خطراً قادماً داهماً.. فيشيرون إلى مصدره بصوت عالٍ قد يصل حد الصراخ.. طالبين – إلى درجة الرجاء – من أولي الأمر أن ينتبهوا له ويواجهونه.. ومع ذلك.. يتجاهل أولو الأمر تحذيرهم.. بل يعاقبون من يزعجهم علوّ صراخه وهو يشير إلى مصدر الخطر!.. ثم تقع الواقعة الحتمية.. نعم الحتمية.. يأتي الخطر داهماً!
** هذه الظاهرة تتكرر في التاريخ بشكل لا يكفي الغباء لتفسيره!.. قد يكون السبب الوحيد المنطقي هو أن مصدر الخطر هو أولو الأمر أنفسهم! والخطأ الفادح أو الغباء هو أن هؤلاء الصارخين يطالبون أولي الأمر بمواجهة الخطر والقضاء عليه! لهذا وفي كل مرة.. تقع الواقعة!
** أتحدث عن خطرٍ داهم يهدد أمن مصر واستقرارها ويصرخ الصارخون كل يوم وهم يشيرون إليه جماعاتٍ وفرادى لكن لا مجيب.. وهو خطر (عودة إجرام الداخلية)! وللدقة.. قد لا تكون (عودة) فقد يكون إجرامها لم يختف أصلاً إنما (ظنت الناس الطيبة) أنه اختفى! لا أعرف مستوى ذكاء رجال الداخلية من وزيرهم إلى غفيرهم، إنما ما أعرفه كمواطنة أن الصراخ يعلو وينتشر إشارةً إلى (عودة إجرام الداخلية) ومازال أولو الأمر من الرئيس المحبوب المنتخب إلى أصغر ضابط يجهلون جميعاً (عاقبة ومعنى) أن (تتذمر) الناس من عودة إجرام الداخلية..
** هناك أسئلة يحق لي كمواطنة أن أوجهها إلى (نظام) ساندته وتمنيت له النجاح.. إنما النجاح في استعادة مصر وليس القضاء عليها.. النجاح في الحفاظ على كرامة وأرواح المواطنين لا إهدارها.. لن أنسى أنني كنت من (المفوضين)! أردت إنقاذ بلادي من خطرٍ داهم ففوضت أولي الأمر للقضاء عليه! ملحوقة! لا معنىً يُذكر لكلمة (ندم) في علم التطور!
س1 # ماذا يعني أن نسمع عن جرائم اغتصاب يرتكبها ضباط شرطة أو جيش؟ بغض النظر عن أي شيء يتعلق بقانونية أو دستورية ذلك الاعتقال؟ أيها النظام الذي ساندت: أتحدث عن جريمة ضباطك هنا.. فاسمع.. ذلك أفضل!
س2 # ماذا يعني أن يتواتر الحديث مجدداً عن (التعذيب في أقسام الشرطة حتى الموت)؟ وتبدأ صور الضحايا في الانتشار كما كان الحال قبل ثورة يناير؟ وكأن (خالد سعيد) هو قانون طبيعي متكرر مرتبط بمناخ مصر؟! هل تحتاجون للتذكير مجدداً أن الشعب واجه إجرامكم في ثورة يناير حتى جعلكم تفرون أمامه كفئران مذعورة؟!
س3 # ماذا يعني أن نسمع عن (عودة) إن لم يكن (استمرار) ضباط من الداخلية في الاعتداء اللفظي على المواطنين بشتائم قبيحة تمس كرامة الإنسان؟ والاعتداء البدني عليهم؟ والتمادي في تهديد الناس في الشارع بالقتل إن لم يقتلوهم فعلاً؟ وتأنيب الناس لأنهم ثاروا على (أسيادهم الضباط) ذات يوم؟ والوعيد بالانتقام؟.. إذن اسمع: حبيبكم العادلي وجد نفسه حبيساً في مبنى وزارته حيث ملايين بالخارج تنتظره! لم ينقذه إلا دبابة من الجيش أخرجته من المبنى (المحاصر)! مذعوراً كفأرٍ مبلول! ذّكر لعل الذكرى تنفع!
س4 # ماذا يعني أن نسمع عن احتقار ضباط الداخلية وأمنائها وباقي رتبها للقانون والدستور؟ سواء في طرق القبض على مشتبه بهم أو احتجازهم أو أي شكل لمعاملتهم نص عليه القانون؟ ثم ماذا يعني أصلاً ومن الأساس أن تكون الداخلية هي القوة الباطشة الظاهرة للعباد في هذه البلاد؟! تاني؟! تاني ياداخلية؟! هذا إذن يؤذن بشيءٍ واحد: يناير آخر على الأبواب..
س5 # ثم والسؤال الأكثر إثارة للغضب وفوران الدم: ماذا يعني أن شباباً بالآلاف يلقى في ظلمة المعتقلات كل يوم بلا محاكمة وبلا جريمة ثابتة سوى أنه تظاهر؟! لهؤلاء الشباب أهلٌ وعائلات وأصدقاء! أي أنكم ومرة أخرى تستعدون شعباً بأكمله! لا تطمئنوا لرقص هذا الشعب على إيقاع موال تسلم الأيادي! منذ عهد الأسرة الأولى وهو يرقص نفس الرقصة! تشهد بذلك أوراق البردي وجدران المعابد من أسوان إلى الجيزة، ومع هذا.. مُدهشٌ حقاً عدد الملوك الذين قتلهم المصريون! آلاف الشباب معتقلون لأنهم تظاهروا؟! فقط تظاهروا؟
س6# وماذا يعني أصلاً أنه في ظل دستور يقر التظاهر حقاً أصيلاً للمواطنين بلا شرط سوى السلمية.. أن يصدر قانون يمنع التظاهر ويسجن من يتظاهر؟! والمعتقلون من الشباب ضبطوا متلبسين بالهتاف وليس بحمل السلاح؟! لابد إذن أن نسمه القانون الفضيحة! يكفى أن أرى صورة ماهينور المصري وراء القضبان حتى أتيقن أنكم لا ريب ماضون إلى مصيركم المحتوم! (أذكر ماهينور المصري هنا بالإسم لأنني أعرفها.. فتاة شجاعة متفانية في حب ذلك البلد وشعبه..تواجه الظلم منذ عهد مبارك وحتى اليوم بلا انقطاع.. حتى وهي وراء تلك القضبان الكريهة بدت ابتسامتها الواثقة سوطاًعلى ظهوركم وفضيحة لكم، أذكرها بالإسم لكنني أعني كل شاب وفتاة مثلها من آلاف الشباب المسجون ظلماً.. نعم.. آلاف.. عشرات الآلاف!) هذا القانون سيكون قشة ضمن كومة قش غالبا سوف تدفنون فيها!.. فلم ينتصر ظالم على شعبٍ أبداً إلا في حالة واحدة: الإبادة، كما تم مع الهنود الحُمر! أبيدوا المصريين كلهم إذن!
س7# وماذا يعني استمرار وجود تلك الظاهرة المخزية المسماة (البلطجية)؟! هناك ضباط شرطة شرفاء أكدوا أن البلطجية هم سلاح شكلته وتتحكم به المباحث الجنائية في مصر! أحد هؤلاء الضباط قال لي إن البلطجية هم الغول الذي ربته الداخلية لتخيف به الشعب! المدهش أنهم استعملوا هذا السلاح لعقود ولم ينفعهم حين حاصرهم الشعب في يناير وفروا منه مذعورين! ومع ذلك يكررون استخدام نفس السلاح مع نفس الشعب! فعلاً.. الغباء وباء!
# ثم ماذا يعني أن ترتكب الداخلية كل تلك الجرائم يومياً ومع ذلك لا يعلق الرئيس المحبوب المنتخب على الأمر كأنه لا يحدث أصلاً؟ هذا يعني إما أن الرئيس لا يعلم وتلك كارثة أو أنه يعلم وتلك جريمة! رئيسٌ فوضناه ليقضي على الإرهاب نريد منه ببساطة أن ينفذ المطلوب منه ويقضي على الإرهاب! كل ما يرهب المصريين هو إرهاب مطلوب القضاء عليه! والإرهاب ليس فقط إرهاب تجار دين متطرفين وقتلة.. بل إرهاب الداخلية أيضاً للشعب! بل إرهاب كل الأجهزة الأمنية! ­
لابد من حسم هذه القضية أولاً قبل الحديث عن أي مستقبل! فتلك هي القضية الجوهرية التاريخية للشعب المصري.. الأجهزة الأمنية!
** كنت من المفوضين للفريق عبد الفتاح السيسي للقضاء على إرهاب الجماعة وأفراخها الإرهابيين الصغار مثل داعش وغيرها! على حدود مصر وفي حواريها! ولسبب ما قد لا يكون مفهوماً.. مازلت أثق في الرئيس عبد الفتاح السيسي!
لذا أمامي أمران: أولا: أجدد التفويض للرئيس للقضاء على الإرهاب بكل أنواعه إرهاب الجماعات الدموية وأفراخها المنتشرين حولنا.. وكذلك إرهاب أجهزته الأمنية ضد ا­­لشعب المصري! الشعب المصري هو صاحب الفرح أساساً وهو (نور عينين الريس)! ويفترض أن الدولة في خدمة مصالح شعبها والأجهزة الأمنية في خدمة أمن شعبها وكذلك الرئيس في خدمة شعبه.. نور عينيه! فليحافظ الرئيس على نور عينيه.. ذلك أفضل!
الأمر الثاني لا أتمناه! وهو أن أفقد الأمل رويداً رويداً في وكيلي الذي وكلت أو فوضت، حين أراه يغمض عينيه عن جرائم أجهزته الأمنية! فأسحب التفويض! وأنا لا أحبذ ذلك! إنما فقط أذكر الرئيس الذي مازلت لسبب غير مفهوم أثق به أنني وإن بدوت مواطنة واحدة فمثلي هناك ملايين! قد لا تكترث لمواطنة واحدة لكنك بالتأكيد سيد من يعلم (قيمة الملايين)!.. الملايين كما تعلمون سيادتكم فوضتكم أمام العالم وجاءت بكم رئيساً منتخباً فأنقذت مخططكم (لإنقاذ مصر)!.. لكن أيضاً.. بسبب نفس تلك الملايين.. كم من ملوكٍ قبلكم هلكت!
السيد الرئيس..
هناك أناس يرون مصدر الخطر القادم ويشيرون إليه.. إنه إرهاب الداخلية.. أوقفه كي يستمر التفويض..
أو.. أغمض عينيك وتحمل معها المصير المحتوم.
ملاحظة على الهامش للداخلية: الغباء.. وباء!

 

البدايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى