الأخبار

نحتاج 100 مليار دولار لحل أزمة الكهرباء

233959_0

لا حديث فى أى مكان بمصر الآن إلا عن الطاقة. عشرات الأسئلة يطرحها يومياً المستهلكون، والخبراء الذين يرسمون مستقبل الطاقة للوطن، والبسطاء الذين لا هم لهم سوى السعر أولاً، والنخبة الباحثة عن الوسيلة البيئية الآمنة من المخاطر… ومابين هؤلاء جميعاً تقف الأغلبية الصامتة.. التى لا تعلم إلى أين المصير؟!

الدكتور طلال عبدالمنعم واصل الخبير المصرى العالمى فى الطاقة النووية يحلل فى حوار لـ«المصرى اليوم» – على حلقتين- الأساليب البديلة لتوليد الطاقة الكهربائية فى مصر، خاصة بعد وصول عمليات التوليد بالسد العالى إلى أعلى درجاتها، ويرصد عدداً من التجارب العالمية فى مجالات توليد الطاقة، وكيفية الاستفادة منها.

فى الجزء الأول من الحوار يتطرق «واصل» إلى قضية الدعم الحكومى للكهرباء، ومتطلبات مصر بوضعها الحالى للتوسع فى عمليات توليد الكهرباء، وكيفية مضاعفة إنتاج الكهرباء من القيمة الحالية التى تمثل 27 ألف ميجاوات تقريباً إلى 50 ألف ميجاوات حتى عام 2025، خاصة أن مصر تحتاج على الأقل إلى 100 مليار دولار لتحقيق ذلك خلال مدة عشر سنوات.

محاور مهمة يتناولها الحوار التالى:

د. طلال عبد المنعم واصل، واحد من أبرز الخبراء فى المفاعلات والصواريخ النووية. آخر منصب تولاه هو نائب أول رئيس الشركة العالمية للتطبيقات العلمية، التى يعمل بها أكثر من 45 ألف مهندس وعالم وموظف للبحث والتطوير فى مجالات الأمن القومى والدفاع والطاقة والفضاء والصحة والبيئة.

«واصل» صاحب خبرة كبيرة فى مجالات الطاقة النووية وأمان وسلامة المفاعلات النووية والطاقة المتجددة وعلوم الفضاء والصواريخ، وله أكثر من 150 بحثاً فى هذه المجالات.

ومن هذه النقطة بدأت أسئلة الحوار..

■ الطاقة هى العنصر الاستراتيجى الذى تبنى عليه أى نهضة أو تقدم.. كيف ترى احتياجات مصر من الطاقة مستقبلاً، وسط المطالبات اليومية بضرورة وجود خطة قومية واضحة المعالم لمعالجة مشكلات الكهرباء وفى مقدمتها الانقطاعات، وضمان الاكتفاء منها مستقبلاً؟

– الحديث عن الطاقة وما تحتاجه مصر فى الفترة القادمة، لابد أن يتطرق إلى عدد من العوامل الرئيسية التى يجب أن تتضمنها أى خطة قومية لمعالجة مشكلات الكهرباء، لوضع مصر على المسار الصحيح للاكتفاء الذاتى وضمان التقدم الصناعى والاقتصادى والتوسع المعمارى المواكب للتقدم المنشود. ولابد أن يشمل الحديث الطاقة المستخدمة لتوليد الكهرباء والطاقة المطلوبة للاستخدام فى النقل. وعندما نعالج مشاكل الطاقة سواء الكهرباء أو النقل لابد وأن نتساءل.. ما هو التأثير على البيئة وتغير المناخ وبالتالى على صحة المواطن المصرى؟. ولذلك فإن أى خطة قومية لمعالجة مشكلات الطاقة، لابد وأن تشمل تلوث البيئة والتأثير على صحة المواطن وعلى الاحتباس الحرارى الذى له تأثير على تغير المناخ ودرجة حرارته وجفاف الأرض وتبخر المياه الصالحة للشرب وارتفاع مستوى المياه المالحة فى المحيطات والبحار. وأرى – فى هذا الصدد – أنه لابد أن تكون هناك مشاركة جدية وفعالة ما بين الهيئات المسؤولة كوزارة الكهرباء والبترول والبيئة ومراكز البحوث لما فيه مصلحة المواطن، لأنه يحدث تضارب دائماً ما بين مطالب الطاقة والتلوث البيئى فكلما زاد استخدام الطاقة سواء الكهرباء أو النقل زاد التلوث البيئى، فالعالم كله يتجه إلى الطاقة الخضراء، والتى تسمى الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح والطاقة الجديدة والتقليل من استخدام الفحم وزيادة استخدام الغاز الطبيعى، مع العلم أن التلوث البيئى له درجات يعتمد على طريقة توليد الكهرباء ونوع الوقود المستخدم.

■ كثر الحديث خلال الشهور القليلة الماضية عن استخدام الفحم فى توليد الطاقة.. ماهى وجهة نظرك، خاصة أن هناك كثافة عددية فى المدن الرئيسية؟

– هذه هى العقبة الرئيسية أمام الدول ذات الكثافة السكانية المرتفعة. فلو نظرنا إلى دولة مثل الصين مثلاً، سنجد أن مشكلتها الرئيسية بشرية يمثلها التقدم الصناعى والاقتصادى الهائل، وفى نفس الوقت يوجد لديها تلوث كبير وبمعدلات عالية فى المدن الصناعية الكبرى، والتى تتركز فيها كثافات مرتفعة من السكان، وخاصة المناطق التى تستخدم الفحم. واستخدام الفحم هنا يمثل خطورة حقيقية. وهو ما سيخلف مأساة صحية كبيرة للصين. وهو ما يرفضه العالم – أيضا – حيث ترتفع نسب التلوث عالمياً. ولهذا فإن مصر تحتاج إلى خطة قومية لمعالجة الطاقة بأنواعها ويجب أن تراعى تقليل المخاطر البيئية.

■ ما العناصر التى يجب أن تتضمنها هذه الخطة؟

– يجب أن تتضمن كل النواحى البيئية، وأن تكون شاملة منع التأثير على البيئة من كل أسباب التلوث من محطات توليد للكهرباء والمصانع بأنواعها ومراكز البنزين وورش إصلاح السيارات ومراكز معالجة وصناعة المعادن. فللأسف الشعب المصرى يعيش على 6 % من مساحة أرض مصر، ولذلك فالتلوث البيئى له عامل كبير ومؤثر على كل المناطق السكنية.

■ إلى أى مدى يمكن أن نقول إن الطاقة تمثل قضية أمن قومى لمصر؟

– بكل المقاييس هى كذلك.. فالطاقة أصبحت من المقومات الأولى للأمن القومى لغالبية دول العالم، سواء للاستهلاك الفردى أو للصناعة والاقتصاد، لأن كل شىء تتخيله يعتمد على الطاقة واستخدام الكهرباء. فلو نظرنا إلى الولايات المتحدة كمثال سنجد أن ضمان توفير الطاقة من أولى عوامل الأمن القومى الأمريكى، وفى نفس الوقت أهمية ذلك للأمن العسكرى. ولذلك فالأمن القومى يعتمد على ضمان وحماية الطاقة وسبل الحصول عليها وشبكات توزيع الكهرباء وأمانها ودورها فى تأمين وصول الكهرباء إلى كل مكان، وحماية محطات توليد الكهرباء، خاصة المحطات النووية التى تحظى بأهمية خاصة، لأن عدم توفير الطاقة أو انقطاعات الكهرباء حتى لو لبعض الساعات أو الأيام يؤدى إلى خلل تام فى البلاد الرئيسية، وخلل فى الصناعة وأسواق المال والتعامل الاقتصادى وتعطيل الإنتاج وخسائر المواد التى تتطلب الكهرباء كالتبريد والتكييف والتدفئة.

■ ما متطلبات مصر بوضعها الحالى ضمن خطتها للتوسع فى توليد الكهرباء.. وما العوامل التى يجب وضعها فى الاعتبار؟

– هناك عدة عناصر يجب توافرها منها توفير الكهرباء اللازمة لجميع المجالات وبسرعة كافية، تتمشى مع مطالب الزيادة السكانية والتوسع المعمارى والصناعى والاقتصادى. وفى نفس التوقيت لابد من إصلاح التوسع فى شبكة توزيع الكهرباء التى هى جزء لا يتجزأ من مشكلة مصر فى الطاقة الكهربائية.

■ وهل ترى أن الشبكة الحالية صالحة للتوزيع وفقاً لمتطلبات المحافظات والأزمات التى تشهدها يومياً بسبب الكهرباء؟

– لابد أن نشير إلى حقيقة قائمة وهى أن الشبكات القديمة تؤدى إلى فقدان جزء كبير من الكهرباء عند توزيعها قد يصل إلى أكثر من 10% ولذلك فإن الأمر يتطلب الإجابة على تساؤلات فنية محددة منها..هل هذه الشبكة ذكية Smart Grid يمكنها الربط والتوزيع السريع حسب الاحتياجات؟.. وهل هذه الشبكة قابلة للتوسع وفقاً لما يتطلبه التوسع الصناعى والاقتصادى والمعمارى المتوقع؟

فمن ضمن معايير تطور الدول وتصنيفها هو نصيب الفرد من الكهرباء كل عام. وكلما زادت هذه النسبة كان ذلك دليلاً على التقدم الصناعى والاقتصادى فى الدولة.

■ وما التصنيف الحالى لمصر فى هذا الاتجاه؟

– للأسف العميق، فمصر مصنفة فى المرتبة 120 من بين دول العالم فى نصيب الفرد من الكهرباء المولدة، وهذه المرتبة لا تتماشى مطلقاً مع مطالب مصر المتوقعة والمطلوبة مستقبلاً. فلابد أن تفوق معدلات زيادة توليد الكهرباء المعدلات المتوقعة فى زيادة قيمة الناتج المحلى الكلى (GDP) وإلا تكون الكهرباء هى العائق الأكبر للتقدم الصناعى الذى تتطلبه البلاد. وطبقاً للإحصائيات العالمية فإن مصر مصنفة تقريباً رقم 35 فى العالم وفقاً لقيمة الطاقة الكهربائية المولدة، ونجد أيضاً أن مصر مصنفة تقريباً رقم 38 وفقاً لقيمة الناتج المحلى الكلى. ولذلك فإن الكهرباء والاقتصاد خطان متوازيان، وإن أى تقدم فى الاقتصاد لابد أن يماثله تقدم فى توليد الكهرباء، فإذا كانت مصر ترغب فى مضاعفة قيمة الناتج المحلى الكلى، لابد فى نفس الوقت أن تضاعف الكهرباء المولدة وزيادة نصيب الفرد من الطاقة الكهربائية.

■ وكيف تتقدم مصر وهى – حتى الآن – عاجزة عن توفير احتياجات الفرد من الكهرباء؟

– لضمان تقدم مصر الاقتصادى، ولتلبية احتياجات استهلاك السكان، لابد أن يتضاعف إنتاج الكهرباء من القيمة الحالية التى تمثل تقريباً 27 ألف ميجاوات إلى 50 ألف ميجاوات على الأقل فى السنوات المقبلة حتى عام 2025. وهذا يتطلب تخطيطاً دقيقاً وشاملاً لكافة سبل توليد الكهرباء من الطاقة النووية والطاقة الشمسية والرياح والوقود الكربونى مثل الغاز. وفى الحقيقة ذلك سيتطلب ما لا يقل عن 100 مليار دولار فى هذه الفترة الزمنية وهذا ليس بقليل ولكن فى الواقع هى نسبة أقل كثيراً من الدعم الحكومى للكهرباء والطاقة فى خلال هذه الفترة الزمنية.

■ فى الحديث عن الدعم كيف ترى قرارات الحكومة الأخيرة برفع الدعم عن الوقود؟

– قرارات الحكومة الأخيرة برفع الدعم جزئياً، خطوة إيجابية وضرورية بكل المقاييس وتأخرت كثيراً، وللأسف القيادة السياسية السابقة أهملت العواقب السلبية لزيادة الدعم وديون الدولة فى العقد السابق. وهذه القرارات لابد أن تكون مقدمة لقرارات أخرى على مدار السنوات القليلة المقبلة لتقليل الدعم سنوياً، حتى نصل إلى مرحلة التوازن بين تكاليف توليد الكهرباء والوقود وسعر بيعهما. هذه القرارات بالطبع سوف تؤدى إلى زيادة أسعار الكهرباء، ومنتجات أخرى، ولكن لابد أن نعتبرها بمثابة «الدواء المر» الذى لابد أن نتقبله حتى الشفاء. فالفئات القادرة من الأغنياء والطبقة المتوسطة قادرة على تحمل الزيادات المتوقعة حتى الوصول إلى الأسعار الحقيقية. وفى نفس الوقت لابد أن نأخذ فى الاعتبار الطبقة الفقيرة التى تعانى كثيراً، بحيث أن يكون معظم العبء على القادرين.

■ بنظرة واقعية.. نجد أن هناك استخدامات سيئة للطاقة فى مصر، خاصة الكهرباء.. كيف نضع «ثقافة الاستخدام الأمثل» ضمن الخطة القومية لمعالجة مشكلات الكهرباء؟

– أى خطة قومية لمعالجة مشكلات الكهرباء والطاقة لابد أن تكون شاملة وتتضمن سبلاً لترشيد الاستخدام. فالترشيد فى استخدام الطاقة مهم جداً، ويعد عنصراً أساسياً فى سياسات الطاقة للدول المتقدمة. وغالباً ما يكون جزءاً لا يتجزأ من الدراسات العالمية والتخطيط للعقود القادمة والاحتياجات الدولية.

وفى الواقع فإن فكرة ترشيد الطاقة بدأت كنتيجة طبيعية لحرب أكتوبر المجيدة عام 1973، وبدأت الدراسات الجدية والتطبيقات لترشيد الطاقة فى الولايات المتحدة فى فترة ولاية الرئيس كارتر الذى حدث فى عهده أكبر توسع فى أبحاث وتجارب الطاقة المتجددة والجديدة والبداية الحقيقية لاستخدام الطاقة الشمسية. وللحقيقة لقد كنت- وفريق عملى الكبير- من المنتفعين آنذاك ولأكثر من 10 سنوات من التمويل البحثى المستمر فى مجال الطاقة الشمسية واستخدام طاقة مياه المحيط. فإذا تابعنا الدراسات العالمية والخطط المعلنة فى الدول الأكثر استخداماً للطاقة، فنجد الولايات المتحدة على رأس تلك الدول والتى طبقت تشريعات كثيرة لترشيد الطاقة وزيادة كفاءة استخدامها. ثم نجد الاتحاد الأوروبى يتجه إلى 20% وفراً فى استهلاك الطاقة حتى عام 2020 ثم اليابان 10% حتى عام 2030.. كل هذه محاولات لترشيد وزيادة كفاءة استخدام الطاقة، وتؤخذ فى الاعتبار فى مخططات وسياسات الدول المتقدمة.

■ بصراحة.. هل مشكلة الكهرباء فى مصر فنية.. أم تكنولوجية؟

– فى الواقع إن مشكلة الكهرباء ليست فنية أو تكنولوجية أو هندسية، بل مشكلة اقتصادية بحتة ترجع إلى عدم قدرة الدولة على الإنفاق فى هذا القطاع، بما يتماشى مع الزيادة فى عدد السكان، والنمو الصناعى والاقتصادى المتوقع. كل ذلك إلى جانب عدم القدرة على جذب الاستثمارات المطلوبة من القطاع الخاص والشركات العالمية لعدم وجود فائدة مالية فى الاستثمار فى هذا القطاع. هذه العوامل ترجع إلى المشكلة الأساسية وهو السعر المدعم للكهرباء من قبل الدولة. هذا السعر يقل كثيراً عن الأسعار العالمية، وعن تكاليف توليد الكهرباء بالسبل المختلفة. فالقضية اقتصادية بالدرجة الأولى، وغير معقول أو مقبول أن يبقى الوضع كذلك إذا كنا جادين فى الحديث عن تطور مصر.

■ وما السبيل نحو توليد الكهرباء بكميات تفى باحتياجات الدولة للتنمية، ومعدلات استهلاك الفرد؟

– سبل توليد الكهرباء مختلفة ومعروفة والدراسات كثيرة والخبرات متوفرة والدروس المستفادة كثيرة وتكاليف كل وسيلة معروفة عالمياً، والتكاليف قد تختلف من دولة إلى أخرى حسب إمكانيات العمالة والضرائب وتسهيلات الحكومات وقوانين البيئة. والمقارنات الفنية والسعرية بين كل وسائل توليد الكهرباء موجودة ومعروفة.. ولذلك لابد أن نواجه المشكلة الأساسية.. وهى سعر الكهرباء فى مصر والدعم الحكومى المقدم للطاقة.

■ هل يمكن أن نحول هذه المقارنات إلى أرقام وإحصاءات؟

– دعنا نستخدم بعضاً من الأرقام الحقيقية لتحديد المشكلة.. فقيمة الدعم لقطاع الكهرباء والوقود قد يقارب 170 مليار جنيه سنوياً وهذا المبلغ يعادل تقريباً 25 مليار دولار، وحيث إن قيمة الناتج المحلى الكلى لمصر (GDP) يقارب 250 إلى 270 مليار دولار فنجد أن الدعم فى قطاع الكهرباء والطاقة فقط يعادل 10% من القيمة الكلية للناتج المحلى. وهذا أمر غير مقبول ويمثل انتحاراً اقتصادياً، على اعتبار أن هذا يزيد من العجز السنوى للدولة ويزيد من الديون الداخلية والخارجية. وكذلك فإن الديون الداخلية والخارجية لمصر تقدر بحوالى 300 مليار دولار وهذا أكثر من القيمة الكلية للناتج المحلى وهو مايعنى أننا أمام موقف غاية فى الخطورة. فخبراء الاقتصاد يدركون أنه من الصعب جداً تحقيق معدل نمو اقتصادى فى حدود 5-7% أو أكثر فى ظل وجود هذا الحجم من الديون، وأن معدلات النمو لا تزيد على 2-3%، وهو ما لا تتطلبه مصر الآن، لأننا نأمل فى معدلات نمو تتراوح ما بين 5-10% حتى نضمن حياة جيدة للمواطن المصرى وتحقيق النمو الاقتصادى المطلوب.

■ وكيف تنظر إلى متوسط سعر بيع الكيلووات ساعة فى مصر؟

– ببساطة.. إذا نظرنا إلى متوسط سعر بيع الكيلووات ساعة فى مصر (أقل من 25 قرشا) فسنجده أقل بكثير من متوسط السعر العالمى أو سعر تكلفة توليد الكهرباء؛ فتكلفة الكهرباء باستخدام الغاز تقارب 43 قرشاً فى الولايات المتحدة؛ حيث توجد أرخص أسعار الغاز عالمياً، وحوالى 79 قرشاً لو استخدمنا الفحم أو الطاقة النووية، وحوالى 115 قرشاً من الطاقة الشمسية، وإذا استخدمنا طاقة الرياح على الأرض أو فى البحار فالتكلفة أعلى بكثير. كل هذه المقارنات التقريبية تدل على أن سعر توليد الكهرباء عالمياً يزيد على سعر بيع الكهرباء فى مصر، وهذا ما يسبب خللاً فى الموازنة العامة للدولة وزيادة ديون الدولة وعدم القدرة على التوسع فى إنتاج الكهرباء، وعدم القدرة على جذب الاستثمارات فى قطاع الكهرباء.

■ وما تجربتك الشخصية كمقيم فى الولايات المتحدة الأمريكية؟

– أنا أقيم فى لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا. وأسدد فاتورة الكهرباء غالباً على 3 شرائح: الشريحة الأولى حوالى 64. 97 قرش للكيلووات ساعة، ثم الشريحة الثانية 79. 112 قرش، والشريحة الثالثة 93. 120 قرش، وإذا زاد استخدامى أدفع أكثر وهكذا.

■ وهل تراها الوسيلة المثلى للترشيد؟

– هذه وسيلة من ضمن الوسائل، لتشجيع الأفراد المستهلكين على الترشيد فى استخدام الكهرباء. وهذا يدل- أيضاً- على أن سعر الكهرباء فى مصر لا يتماشى مع السعر الحقيقى فى أنحاء العالم.

■ فى تقديرك ما حجم الاستثمارات المطلوبة فى مجال الكهرباء خلال السنوات العشر القادمة؟

– مصر تحتاج على الأقل إلى 100 مليار دولار، أى 700 مليار جنيه مصرى حتى عام 2025 (أى 11 عاماً من الآن) لمضاعفة الطاقة الكهربائية المولدة إلى 50 ألف ميجاوات على الأقل. وقد يبدو أن هذا الاستثمار المطلوب كبير جداً وصعب الحصول عليه. ولكن فى الواقع هو يمثل نسبة صغيرة من دعم الدولة للكهرباء والوقود الذى يصل إلى 170 مليار جنيه سنوياً أو يماثل 1.860 مليار جنيه حتى عام 2025 إذا لم يزد على ذلك، فما نحتاجه لتطوير وزيادة توليد الكهرباء حتى عام 2025 يمثل أقل من 40% من الدعم الحكومى حتى 2025. هذا الاستثمار حتمى للتقدم المطلوب والمتوقع. فمعالجة الدعم وترشيده مهم للغاية وبأسرع وقت ممكن.

■ وكيف ترى فتح باب الاستثمار فى قطاع الكهرباء؟

– إذا كنا نرغب فى تشجيع المستثمرين على المشاركة فى قطاع الكهرباء، فلابد أن تكون أولى الخطوات هى ضمان الأسعار العالمية عند شراء الكهرباء من مولدى الكهرباء. ومن خبرتى الشخصية التى واجهتها على مدى أكثر من 6 سنوات، فقد نجحت خلال ذلك الوقت فى تكوين مجموعة من المستثمرين الإسبانيين الذين يعملون فى قطاع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وكما هو معلوم أن إسبانيا من الدول المتقدمة جداً فى هذا المجال، وقمنا بزيارة مطولة لمصر، ودراسة منطقة البحر الأحمر بالتعاون مع محافظة البحر الأحمر فى ذلك الوقت- اللواء بكر الرشيدى- وكانت رغبة المجموعة الاستثمارية إنشاء مزارع للرياح ومحطات لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية، وكانت المشكلة الرئيسية هى عدم الموافقة على شراء الكهرباء بالأسعار العالمية من المستثمرين والإصرار على الأسعار المدعمة. وهذا بالطبع أدى إلى إفشال هذه المحاولة.

■ إذن ما طرق توليد الكهرباء المناسبة لمصر؟

– هناك عدة طرق لتوليد الكهرباء فى مصر منها الطاقة الشمسية، والنووية، والرياح، والغاز، والفحم. وكلها طاقة بديلة للطريقة التقليدية، نظراً لأن عمليات توليد الكهرباء عن طريق مياه النيل والسد العالى وصلت إلى أعلى طاقة، ومن الصعب الزيادة فيها.

المصري اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى