الأخبار

«القرضاوى» اللعب على المكشوف

 

115

حفظته العيون شيخاً فى التسعين من عمره، بنظّارة طبية وجلباب أزهرى ولحية شعثاء مخضبة بالحناء، يترجرج فى عباءته وهو يجر من خلفه سنوات كثيرة قضاها متنقلاً بين الدعوة والسياسة والسجن. عرف بين الناس كونه مصدراً للتصريحات المتناقضة، إذ طلب مؤخراً من أعضاء «الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين»، الذى يرأسه، اختيار كل من صفوت حجازى وصلاح سلطان، المحبوسين حالياً بتهم عديدة، لمجلس أمناء الاتحاد، وهو ما يؤكد أن «القرضاوى» يسعى من خلال «اتحاده» للعمل كواجهة جديدة للإخوان فى الخارج، بالإضافة إلى محاولة تأجيج نيران الصراع فى الداخل.

وفى الوقت الذى أفتى فيه «القرضاوى» بأنه لا ضرورة ولا واجب شرعى لفتح باب الجهاد فى فلسطين حالياً، قائلاً إن الله عز وجل يختبر صبر المرابطين فى الأراضى المقدسة، فإنه يدعو شباب المسلمين إلى تركيز جهودهم على الجهاد فى سوريا لتحريرها من ظلم بشار الأسد، ودعا الغرب لتوجيه الضربة العسكرية الغربية لسوريا رداً على استخدام «الأسد» الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين، معللاً طلبه بأن القوى الأجنبية أدوات سخرها الله للانتقام من الظلمة، مخالفاً بذلك أقاويله طوال العقود الماضية.

أدخل «القرضاوى»، المقيم فى «قطر»، نفسه فى خصومات عدة مع علماء الدين بالعالم الإسلامى، لهجومه على قادة الدول العربية، فعيناه مفتوحتان دائماً إلى خارج «دويلة قطر» حين ينتقد الأنظمة العربية المجاورة فى الإمارات والعراق وسوريا، لكنهما مغلقتان حينما يمر إلى جوار عاصمة القواعد العسكرية الأمريكية فى العالم بـ«قطر»، فلا يشير إليها من قريب أو بعيد، ولا تحدثه نفسه أبداً عن العلاقات «القطرية – الإسرائيلية». دخل «القرضاوى»، المولود بقرية صفط تراب، مركز المحلة الكبرى بمحافظة الغربية، فى سبتمبر 1926، غمار السياسة مبكراً، إذ انضم لجماعة الإخوان المسلمين وآمن بفكر حسن البنا، واعتنق مذهبه، وتحمل وطأة السجن والاعتقال أكثر من مرة فى عصر الملكية، وفى عهد الرئيس عبدالناصر. ألَّف «القرضاوى» عن الإخوان كتاباً سماه «الإخوان المسلمون سبعون عاماً فى الدعوة والتربية والجهاد»، لكنه لم يتحمل ويلات السجون وعثرات الاعتقال التى دامت مستمرة لعشرين شهراً عام 1954، فهاجر إلى الدوحة عام 1963، حيث تولى إدارة المعهد الدينى الثانوى، وعمادة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية حتى عام 1990، الأمر الذى دفع بالشيوخ فى قطر إلى منحه الجنسية القطرية، ومكث هناك يخطب ويلقى الدروس ويؤلف الكتب ويظهر على قناة «الجزيرة». بعد ثورة 25 يناير جاء إلى مصر ليخطب فى ميدان التحرير، لكنه ما لبث أن اتهم شباب الثورة بالبلطجة، ثم دعاهم للتضحية بأرواحهم لعودة «مرسى» للحكم بعد «30 يونيو» من العام الماضى، فى تناقض واضح يهيمن على كل تصرفاته.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى