الأخبار

هل يغرق مشروع “السيسي” فى المياه الجوفية؟

19

 

 

انت هتحفر على الناشف”.. كلمات قالها المشير عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية للمسئولين عن تنفيذ مشروع قناة السويس خلال افتتاحه المشروع للتأكيد على الانتهاء منه سريعا، لكن بعد مرور أسبوعين من بداية عمليات الحفر، فوجئ العاملون في المشروع بظهور المياه الجوفية فى 9 مواقع على أعماق تتراوح بين 9 و12 مترا، الأمر الذى اعتبره خبراء عاملا سلبيا في تنفيذ المشروع، سيتسبب فى زيادة الوقت والتكلفة، بينما طرح البعض سؤالا مفاده: هل يغرق مشروع السيسي في المياه الجوفية؟


وتوقع الخبراء أن تزيد تكلفة تنفيذ المشروع لعشرة أضعاف تكلفته الأولية بسبب اختلاف الحفر بالتكريك عن الحفر الناشف، كما أكدوا أن التوقيت المستغرق فى تنفيذ المشروع سيزيد أيضا وسيتعدى الوعود الرئاسية بتنفيذه خلال عام واحد فقط.

زيادة الوقت والتكلفة

تقول الدكتورة إيمان فتحي، الخبيرة في وزارة الري والموارد المائية، إن ظهور مياه جوفية على بعد 10 أمتار فى عدة مواقع بعمليات حفر قناة السويس جاء بسبب عدم وجود دراسة كافية لطبقات الأرض فى المناطق الخاصة بالحفر.

وأوضحت أن أزمة ظهور المياه الجوفية ستؤثر على عاملين غاية في الأهمية لإنجاز المشروع، فى مقدمتهما الوقت المستغرق والذى سيزيد قطعا بسبب إعادة دراسة المناطق مرة أخرى وتحديد سبل المعالجة الخاصة بالمياه، إضافة إلى التكلفة الخاصة بالمشروع والتى سترتفع لحوالى 320% وقد يصل الارتفاع فى ظل تزايد عدد مواقع ظهور المياة الجوفية إلى 100% تكلفة زيادة فى تنفيذ المشروع.

وأشارت الخبيرة بوزارة الموارد المائية إلى أن قصر الدراسة والتخطيط على الهيئة الهندسية فقط فى تنفيذ المشروع كان أمرا سلبيا، خاصة أن المشروع كان يحتاج إلى خبراء متخصصين فى هذا المجال، مؤكدة أن الحل الوحيد للتغلب على المياه الجوفية هو وضع ستاير لحماية المشروع من المياه ويحتاج ذلك إلى تكلفة عالية.

قصور الدراسة

من جهته أكد مهندس متخصص في أعمال الري والتربة بإحدى شركات قناة السويس -فضل عدم ذكر اسمه- أن ظهور المياه الجوفية يعكس وجود قصور في تقدير نسبة أعمال الحفر الجاف وتحديدها بنحو 14 مترا، وذلك لأن مدن قناة السويس والمناطق المتاخمة لمجرى القناة نسبة المياه الجوفيه فيها “في أعلى مسافة” تكون ما بين 5 إلى 7 أمتار فقط، وليس 14 مترا كما تم الإعلان عنه على لسان مسئولين في المشروع ونشرته وسائل الإعلام، وقال إن منسوب المياه الجوفية في المنطقة يشير إلى أن أعمال الحفر الجاف لا تتجاوز نسبة الـ20% من باقي الأعمال -أعمال التكريك- والتي تصل إلى نحو 80% من إجمالي الأعمال.

الحفر بالتكريك وليس الناشف

الدكتور محمد سعد حسن، أستاذ بمعهد كيوتو للتكنولوجيا، أكد بدوره أن ظهور المياه المالحة المتسربة من القناة القديمة سيتسبب فى زيادة تكلفة الحفر إلى عشرة أضعاف، لأن الحفر بالتكريك يختلف تماماً عن الحفر على الناشف.

وأوضح أنه ستكون هناك مشكلة كبيرة للأراضي بين القناتين، لأن المياه المالحة سوف تظهر فيها عند منسوب أقل من ٩ أمتار، وهذا معناه أنه لا مباني ولا زراعة ولا صناعة يمكن إقامتها فى الأراضى بين القناتين، مشيرا إلى أن الجزيرة بين التفريعة والمجرى المائي تحتاج إلى معالجة خاصة، لأن منسوب المياه الجوفية فيها سيرتفع كثيرا بعد تشغيل التفريعة.

بينما استبعد د.محمد حسان أستاذ جيولوجيا الرسوبيات أن تقع الهيئة الاستشارية لتنفيذ مشروع قناة السويس فى هذا الخطأ الجسيم، مؤكدا أنه أجريت عدة دراسات بشأن تنفيذ المشروع وتم التوصل من خلالها إلى احتمالية ظهور مياه جوفية على بعد محدد، خاصة أن الحفر فى تربة رملية وتم بجوار قناة أخرى.

ظهور المياه متوقع

بدوره قال مسئول هندسي بهيئة قناة السويس، فضل عدم ذكر اسمه، لـ”مصر العربية” إن القناة الجديدة التي يتم حفرها تبعد نحو 900 متر عن ممر قناة السويس الحالي، وهو ما يعكس أن ظهور مياه جوفية مع بداية أعمال الحفر بالتفريعة الجديدة أمر وارد لقربها من الممر المائي.

وقال إن ظهور المياه في مواقع يعني بدء عمل كراكات هيئة القناة مبكرا في هذه المناطق بعينها، لأن معدات الحفر الجاف من لوادر وغيرها يصعب أن تعمل في أماكن بها مياه، والكراكات هي الوحيدة القادرة على الوصول إلى العمق المطلوب، والمقدر بنحو 66 قدما، مضيفا أن ما يثار أن أعمال التدبيش والتكسيات ستتأثر بظهور المياه الجوفية “كلام غير فني” لأن أعمال التدبيش تتم بسهولة ويسر في وجود المياه.

وأشار إلى أن دراسة الجدوى المحددة للمشروع تؤكد أن أعمال التكريك هي الأكثر تكلفة عن أعمال الحفر الجاف، وهي الأكثر صعوبة، لأنها تحتاج إلى تقنيات عالية ومعدات متخصصة، وأكد أن هيئة القناة تمتلك أسطولا من الكراكات يواصل عمله الآن بمنطقة الدفرسوار لتعميق وتوسعة التفريعة الحالية، ومن المنتظر أن يبدأ في أعمال التكريك بكراكات صغيرة خلال الفترة القادمة.

من جهته قال اللواء كامل الوزير، رئيس أركان الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، المسئول عن تنفيذ مشروع قناة السويس الجديدة، في تصريحات لـ”مصر العربية”: إن ما يثار عن ارتفاع تكلفة الأعمال لظهور المياه الجوفية مبكرا أمر غير صحيح وإن ظهور المياه دلالة على سير العمل في الاتجاه الصحيح، ووفقا للخطة الموضوعة وأكد أن الأمر رفع من معنويات العاملين بالمشروع ويعد “بشرة خير”.

يذكر أن مشروع “قناة السويس الجديدة” هو عبارة عن ممر ملاحي يحاذي الممر الملاحي الحالي، يمتد بطول 72 كيلومترا، منها 35 كيلومترا عن طريق الحفر الجاف، ونحو 37 كيلومترا توسعة وتعميقا لأجزاء من المجرى الحالي للقناة.

مصر العربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى