الأخبار

آخر مقال للدكتور محمود عمارة

152

 

 

أجرى الرئيس عبدالفتاح السيسي، اليوم، اتصالًا هاتفيًا بالدكتور محمود عمارة، ناقشه خلاله مقالاته في جريدة “الوطن”، والتي طرح فيها عدة أفكار لمعالجة بعض الأزمات في مصر ومشروعات جديدة للتنمية.

ووفقاً لجريدة الوطن فإن المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء، اتصل أيضاً  بـ”عمارة” لذات السبب، وحدد مساء اليوم موعدًا للقائه ومناقشة أفكاره.

وقال عمارة، لـ”الوطن”، “طلب مني الرئيس إعداد ورقة حول الأفكار التي طرحتها بجريدة (الوطن)، تتضمن رؤية شاملة لبعض المشاكل والقضايا”.

وأضاف، “السيسي كان ودودًا ومنفتحا معي، وعلى استعداد كامل للاستماع لأي أفكار تنهض بمصر في الفترة الحالية”.

نص المقال:

مصر.. يا بلد العجايب.. «بلد» مش لاقية تاكل، وفلاحينها إما أن يكونوا هاربين من سداد مديونياتهم لبنك الائتمان الزراعى، أو محبوسين لعجزهم عن السداد لسلفة، أصلها لا يزيد على خمسة أو عشرة آلاف جنيه.

وفى الوقت نفسه تجد نفس الدولة، فى ذات «البلد»، بتفرق ألفين مليون، وثلاثة آلاف مليون جنيه لدعم الصادرات، 60٪ من هذه المليارات تدخل جيوب 10٪ من المصدّرين الديناصورات.. واسألوا مركز تحديث الصناعة ودعم الصادرات.. ولنفهم الحدوتة جيداً..

علينا أن نوضح: ما الهدف من دعم الصادرات؟

أولاً: لمساندة ومساعدة المصدّرين لفتح أسواق جديدة لمنتجاتنا المصرية، والحصول على نقد أجنبى.

ثانياً: إذا نجح هذا المصدّر الحاصل على الدعم «20، 30، 40 دولاراً للطن» فى زيادة الصادرات.. سيشترى محاصيل الفلاحين المخزونة، وبسعر عادل يربح منه الفلاح أو المزارع.

وبما أن «خصوصية» المحروسة جعلت كل مصدّر يمتلك أو يحوز الآلاف من الأفدنة ويزرعها بنفسه ويصدر منتجاتها لحسابه الشخصى، وإذا احتاج «كمالة» يبقى يشتريها من الفلاح، وبما أن بعض هؤلاء الكبار يحتفظ بجزء كبير من الدولارات واليوروهات فى حسابات هناك ولا يتم تحويلها.. فقد انتفى الغرض من الدعم.

المدهش: أن السوق الروسية أصبحت الآن مفتوحة على مصراعيها أمام المنتجات الزراعية والغذائية المصرية.. «بوتين» طلب من «السيسى» أن نزيد صادراتنا لروسيا، بعد الحظر الذى فرضته روسيا على المنتجات والسلع الأوروبية والأمريكية والكندية والأسترالية والنرويجية.. ونحن «عاجزين»، و«مشلولين» و«مكسحين»، ولن نستطيع تصدير 1/10 مما طلبوه، لأسباب ذكرتها فى المقال الفائت (اقرأها على النت)، وأتحدى..

وبالتالى طالما أن السوق الروسية مفتوحة، ولا تحتاج إلى جهد.. فلماذا أدعم الصادرات لهذه السوق المفتوحة؟

كيف، ولماذا، وما الحكمة «يا وزير الصناعة» تدعم مصدّرين لسوق مفتوحة طبيعية وعطشانة؟

وزير الصناعة عليه يطلع يشرح، يبرّر، يكدب حتى علينا، ويقول لنا «حكمة سيادته»، وعبقريته فى استمرار هذا الدعم «وإلا يجب محاكمته بتهمة تسهيل الاستيلاء على المال العام».

ونسأله: إذا كان جنابك عندك «فوائض» مالية، ولا تدرى كيف تنفقها، امنحها لسداد مديونيات الفلاحين الغلابة.. ادفعها لبنك الائتمان، وأطلق سراح المسجونين، وإن كنت خايف من «العصابة».. بلّغ الرئيس، واتحامى فيه، وجمّد قلبك، وما تخافش.. واعمل زيى، فهؤلاء العصابة ستغضب من فتح هذا «الملف»، وهيشنعوا، وهيشككوا فى كلامى، ويغضبوا منى، وهذا متوقع عندما تدخل إلى عش الدبابير أو الزنابير!!

صباح الخير سيادة الرئيس:

هل سيادتك فيه مستشار صحفى بيعرض عليك الموضوعات المهمة التى تكتب فى الجرائد؟ وهل عندك وقت تقرأ، فى ظل مئات الملفات الشائكة، وعشرات التحديات المرعبة، والحرائق اليومية التى تحتاج إلى «حكومة» جنب هذه الحكومة للسيطرة عليها؟

يا ريس.. أكيد سيادتك عارف إن البلد دى كلها «عصابات»، «مافيا»، آل كابونى.. فى كل سلعة وبكل قطاع.. فى استيراد اللحوم: هتلاقى شخصين ثلاثة بيتحكموا فى السوق كلها، وهكذا فى كل سلعة مصر تستورد بـ59 ملياراً سنوياً «وعندهم الموظفين الحكوميين ومعاهم ختم النسر فى بيوتهم، والتصاريح والشهادات والموافقات موقعة ومختومة على بياض».

أنا شخصياً كنت شاهد شاف كل حاجة فى ميناء مرسيليا عام 94 – 95، وكتبت وقتها فى صفحة الرأى بالأهرام.. بطاطس مصرية مليانة «عفن بنى» بتشر عفن أمام عيوننا، وفى نفس الوقت هناك شهادة من الحجر الزراعى المصرى، وحماية الصادرات بأنها تم الكشف عليها، وأنها خالية من الأعفان!!

فى أمريكا.. بولاية فلوريدا كنت فى الثمانينات أزرع جريب فروت وبرتقالاً للتصدير لأوروبا وغيرها.. والدعم للصادرات هناك يدفعه «المزارع المصدّر».. كنت أدفع ربع دولار على كل كرتونة، تذهب إلى صندوق تابع لنقابة المزارعين، والنقابة عندها مكتب فى بروكسل، وظيفته.. الدعاية والإعلان «لموالح» فلوريدا، وحل مشاكل أى شحنة، وإرسال معلومات عن حركة السوق فى كل بلد مستهدف لتوجيه المراكب للسوق المحتاجة.. و.. ولهذا كنا نتسابق لسداد الاشتراك «ربع دولار على كل كرتونة».. لأننا نحصل على المساندة والمعلومات من هذا الصندوق.. باختصار «من دقنه وافتله» نحن المنتجين الذين ندفع، لأننا المستفيدون، والحكومة الأمريكية لا تدفع سنتاً.

هذا الكلام وبالتفصيل شرحته للوزير رشيد محمد رشيد عندما كان مسئولاً عن دعم الصادرات.. لكن يظهر إن الموضوع أكبر بكتير مما كنت أتصوره، فالحيتان «مسعورين» وممكن يطيحوا بالوزير نفسه، أو الوزير يمتلك شركة تحصل على دعم.

سيادة الرئيس: هل تعلم أن أم الدنيا تستورد كل تقاوينا من هولندا وقبرص وإسبانيا وإنجلترا!! وحضراتنا ومعنا جهاز الخدمة الوطنية بنزرع مانجا وبطيخ وفاصوليا؟!

وأن كل «تقاوى البطاطس» مستوردة، و3 أشخاص يتحكمون فى الاستيراد، وفى بعض الأصناف يحققون 12 و15 و18 ألف جنيه أرباحاً فى كل طن تقاوى، وهم أنفسهم المتحكمون أيضاً فى التصدير، وتحديد سعر السوق للفلاح المصرى.. فهل فهمنا الآن لماذا يعجز «الفلاح» ويهجر الزراعة هرباً من السجون؟

واقتراحى: أن يتولى جهاز الخدمة الوطنية «استيراد التقاوى» مؤقتاً، على أن تقوم وزارة الزراعة والبحوث خلال عامين تلاتة، بزراعة واستنباط التقاوى، وتترك زراعة الفاصوليا والكنتالوب.. وأكرر.. أن «أرباح» شركات التقاوى فى العالم تأتى فى الترتيب الثالث بعد صناعتى السلاح ثم الأدوية.

يا ريس.. مطلوب من سيادتك فتح ملف الزراعة، والبحوث الزراعية، ووزارة الزراعة كلها، وأيضاً «ملف الدعم»، وملف «الاستيراد».. مصر بتستورد 60٪ من غذائها، و«العصابة» فى كل سلعة لا تزيد على أصابع اليد الواحدة.. «قطّع الصوابع» هينعدل حالنا، والناس اللى تحت تشم نفسها، ونتفادى «ثورة» سيشعلها تسونامى الأسعار، إذا استمر الحال على ما هو عليه من احتكارات، وكارتيلات تقودها هذه العصابات.

وأخيراً: لمعلومات سيادتك، وللشعب المصرى.. أن فرصة التصدير لروسيا «بخمسة مليارات يورو» سنضيعها كعادتنا، وأتحدى أن تزيد صادراتنا لروسيا بأكثر من 300 مليون يورو.. لماذا؟ لأننا نائمون فى العسل.. والتفاصيل فى مقال الجمعة الفائت «صحى النوم يا وطن».

الموجز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى