الأخبار

التزام قطر باتفاق الرياض والتهديدات الأمنية

 

66

 

 

يكتسب الاجتماع الدوري رقم 132 لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي الذي يٌعقد غداً السبت الثلاثين من أغسطس الحالي بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية أهمية بالغة، في ضوء الملفات والقضايا الملغومة المطروحه أمامه باعتباره يمثل بداية مرحلة مفصلية مهمة في تاريخ علاقات دول مجلس التعاون الخليجي بعضهم البعض، ويؤسس لبداية قد تكون نتائجها سلبية على منظومة دول مجلس التعاون بصفة خاصة، وعلى منظومة الأمن الخليجي والإقليمي والشرق أوسطي بصفة عامة.

تنبع أهمية هذا الاجتماع بالنظر إلى عدة اعتبارات :

أولها: أن الاجتماع يأتي مباشرة عقب زيارة قام بها وفد سعودي رفيع المستوى إلى كل من البحرين والإمارات كمحاولة أخيرة لنزع فتيل الأزمة بين الدول الثلاث وقطر، وإقناع القيادة القطرية بالالتزام بما سبق واتفق عليه في الرياض كشرط لإعادة تطبيع العلاقات بينها وبين شقيقاتها.

ثانيها: أن هذا الاجتماع يأتي بعد استنفاد اللجنة الفنية الخليجية كل الوسائل لإقناع الدوحة بضرورة الإلتزام بتنفيذ اتفاق الرياض، والذي يقضي بـ”الالتزام بالمبادئ التي تكفل عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول المجلس بشكل مباشر أو غير مباشر”.
كما ينص الاتفاق على ”عدم دعم كل من يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس من منظمات أو أفراد سواءً عن طريق العمل الأمني المباشر أو عن طريق محاولة التأثير السياسي، وعدم دعم الإعلام المعادي”.

كانت وساطات كل من سلطنة عمان والكويت قد أسفرت في السابع والعشرين من أبريل الماضي عن التوصل إلى اتفاق بين الدول الخليجية على تشكيل لجنة فنية تتولى العمل على تنفيذ اتفاق الرياض، وفي إطار ممارستها لمهام عملها رأت اللجنة ضرورة إعطاء قطر مهلة لمدة أسبوع ولكن لم تلتزم قطر ولم تف الدوحه بتوجيهات اللجنة، وظلت متمسكه بموقفها الرافض للتوقيع على محضر اللجنة الفنية لتنفيذ ”اتفاق الرياض” لتحفظها حول تعارض بعض بنود المحضر مع ما وصفته بـ ”الاستراتيجية السياسية القطرية” وانتهت اللجنة الفنية المشتركة من إعداد محضرها النهائي، ورفعته إلى وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجى لاتخاذ القرارات المناسبة في هذه الأزمة.

ثالث الاعتبارات، أن هذا الاجتماع ينعقد مباشرة بعد اجتماعين مهمين بجدة ناقشا التهديدات الأمنية لتنظيم داعش وتأثيراته السلبية على الأمن الخليجي والأمن الإقليمي، فقد ترددت معلومات بشأن عقد وزراء خارجية مصر والسعودية وقطر جلسة مغلقة لأول مرة لبحث نقاط الخلاف الجذرية بينهم والعمل على إيجاد حلول أو تقريب وجهات النظر وهذا الاجتماع لم يعلن عنه.

وكان الاجتماع الوزارى الأول خاصا بأصدقاء سوريا وشارك فيه وزراء خارجية مصر والسعودية وقطر والامارات والاردن.

واتفق الوزراء على بلورة الرؤى وعرضها على جامعة الدول العربية لبحثها مع الدول العربية فى اجتماعهم فى 7 سبتمبر المقبل بالقاهرة.

فضلاً عن مناقشة الاجتماع ما يجرى داخل ليبيا بعد الاتهامات التى جرى توجيهها إلى الإمارات مؤخراً بالمشاركة فى قصف مواقع ليبية، وهو ما نفته الإمارات وتراجعت واشنطن عن هذه الاتهامات.

ويمكن القول أن اجتماع جدة لوزراء خارجية دول مجلس التعاون لن يفقد صبره وإنما من المتوقع بالتزامن مع التلويح الخليجي باتخاذ بعض الإجراءات العقابية ضد قطر، سيقرر إعطاء الدوحه ”وقت مستقطع” لحين موعد قمة زعماء المجلس المزمعة في أواخر ديسمبر من العام الحالي.

إذ ترغب الدول الخليجية من قطر الالتزام بإطار قانوني لتوحيد المصالح السياسية والأمنية، والتعامل مع الملفات المستجدة في المنطقة التي تشهد في السنوات الأخيرة مسلسلا من العنف والتدهور الأمني، بنظرة تراعي مصلحة البلدان الخليجية كافة على حد سواء، دون تمييز.

كانت الدوحة قد حاولت امتصاص الغضب الخليجي بعدد من الإشارات الدبلوماسية، بعد خطوة سحب السفراء في الخامس من مارس الماضي، وذكر خالد العطية وزير الخارجية القطري، في الرابع والعشرين من أبريل الماضي، إن بلاده تجاوزت مع البلدان الخليجية الثلاثة الاختلافات، دون أن يسمي تباين المواقف ”خلافا”، ولوح بأن قطر ”حريصة على استقرار مصر”، ولم تكفِ هذه الإشارات لتغيير الموقف في الخلاف الخليجي، الذي ظل صامدا رغم دخول الكويت وسلطنة عمان على الخط للوساطة، والأحاديث التي أدلى بها يوسف بن علوي الوزير المسئول عن الشئون الخارجية العماني، التي شدد خلالها على أن الأزمة الخليجية في طريقها للزوال، أو أنها زالت فعلا.

ويبقى في النهاية ضرورة التأكيد على أن حل الأزمة بين قطر وكل من السعودية والبحرين والإمارات لابد أن تتم في إطار منظومة مجلس التعاون الخليجي كإطار جامع لكل الهموم الخليجية التي نأمل أن تنهي بسلام وأمان وبما يحقق الأمن الخليجي والإقليمي لدول المنطقة في ظل التهديدات المستمرة من قبل التنظيمات والجماعات المتشددة.

مصراوى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى