الأخبار

الجماعات التى تصف نفسها بالإسلامية حاولت السيطرة

152

 

قال الدكتور أسامة العبد، رئيس جامعة الأزهر، إنه بذل جهداً كبيراً لتجنيب الجامعة مخاطر التقلبات السياسية التى حدثت خلال فترة رئاستة للجامعة، ورفض فى حواره الأخير لـ«الوطن» قبل ساعات من نهاية فترة رئاسته لجامعة الأزهر لبلوغه سن المعاش الحديث عن الجماعات المتطرفة التى تتحدث باسم الإسلام وهى بعيدة كل البعد عن تعاليم الإسلام، كاشفاً عن محاولات تلك الجماعات للسيطرة على جامعة الأزهر فكرياً وعلى طلاب 120 دولة يتلقون العلم بها وذلك عبر محاولات فاشلة لإفشاء الفوضى بتسميم الطلاب فى مطاعم الجامعة، إلا أن تقارير وزارة الصحة أكدت عدم وجود أية حالة تسمم للطلاب، وكان الله مع الأزهر فى رد كل عدوان عليه وإذلال المعتدى ليبقى الأزهر خالصاً للمسلمين ومنارة علم وهدى.

■ فى اليوم الأخير من رئاستك لجامعة الأزهر.. هل حققتم الأهداف التى حلمت بها؟

– حققنا ما مكنتنا الظروف من تحقيقه، فقد توليت رئاسة جامعة الأزهر فى ظروف عصيبة وكانت فترة الرئاسة تلك هى الأصعب فى تاريخ الجامعة، فقد أتيت بعد ثورة يناير وشهدت أثناءها ثورة يونيو وبين الثورتين وبعدهما شهدت البلاد شداً وجذباً وخلافات سياسية عميقة حاولنا تجنيب الجامعة شرورها بقدر الإمكان وإبعاد السياسة عن رحاب الجامعة، ورغم ما شهدته البلاد كلها والجامعة من اضطرابات، فإننا حققنا إنجازات ستظل شاهدة على فترة رئاستنا لهذه الجامعة العريقة لذلك أشعر برضا عن جهدنا فى خدمتها.

■ كيف استقبلت قرار تعيينك رئيساً للجامعة.. وما الحلم الذى راودك أول يوم فى رئاستها؟

– عينت رئيساً لأعرق وأكبر جامعة فى العالم، فهى جامعة عالمية كبيرة بمعنى الكلمة، وأكثر ما يهم من يرأسها هو استمرار مكانتها الكبيرة، واستطعنا ذلك بالفعل، فمن يرأس جامعة الأزهر، عليه فقط الإخلاص، لاستمرار نجاحها، وهو نجاح بمنتهى الأمانة لم يحتج لجهد كبير للحفاظ عليه، لذلك ما وجدنا أن الجامعة فى حاجة إليه قمنا به، فرأينا ضرورة التوسع الرأسى والأفقى وقمنا بتحويل العديد من أقسام بعض الكليات إلى كليات ومعاهد مستقلة، ككلية الإعلام وكليات ومعاهد التمريض المختلفة، فمستشفى الجامعة التخصصى على سبيل المثال سيكون صرحاً كبيراً يضاف لملف الصحة المصرى.

■ وكيف مر العام الأخير من رئاستك لجامعة الأزهر؟

– هو العام الأسوأ فى حياتى على الإطلاق، وأرفض الحديث عنه أو عن تلك الجماعات.

■وما وجه السوء فيه؟

– لقد أمضيت عمراً فى رحاب هذه الجامعة، التى أعرف تماماً قدرها ومكانتها، وكنت حزيناً من إساءات من لا يعرفون قدرها أشد الحزن، وحاولت هذه الجماعات التى تصف نفسها بالإسلامية هدم أكبر صرح إسلامى فى العالم والتاريخ لتحقيق أهداف ومصالح شخصية، ولكن الله سلمه من شرورهم، فالله يرعى الأزهر جامعاً وجامعة من أى كيد أو شر، وما من أحد أراده بسوء، حتى رد الله كيده فى نحره، وجعله عبرة لمن يعتبر.

■ وكم كلفت أحداث العنف خزانة الجامعة خلال هذا العام؟

– تكبدت الجامعة أموالاً لا حصر لها، فالمبنى الإدارى وحده تكلف إعادة تأهيله بعد اقتحامه 10 ملايين جنيه، وتكلف إعادة تأهيل مبانى كليات التجارة والزراعة والهندسة الزراعية بعد إحراقها أضعاف ذلك الرقم، وأضف إلى ذلك تعلية الأسوار التى أجبرنا عليها، فقد قمنا بتعلية جميع أسوار الجامعة والمدينة. كل هذا كنا فى غنى عنه لمصلحة الجامعة، فنحن نتكلم عن عشرات الملايين التى كنا فى حاجة إليها لخدمة الطلاب أنفسهم.

■ ما الذى تقوله لمن سيخلفك فى المنصب؟

– أقول له أنت فى وضع أفضل كثيراً عنا، وقد بذلنا غاية الطاقة لتجنيب الجامعة الشرور والمكائد التى أريدت بها وها هو قد بدأ عهد استقرار وهدوء، ومطلوب منك الكثير لخدمة هذا الصرح العظيم الذى لا يحتاج إلا الإخلاص له.

■ كيف تلقيت حديث الرئيس فى ليلة القدر عن ضرورة تجديد الخطاب الدينى؟

– خطاب الرئيس فى ليلة القدر، الذى تحدث فيه عن ضرورة تجديد الخطاب الدينى فى محله، ويريد به أن يكون الخطاب متوازناً مع ظروف الدولة ومستقبلها، حيث تولد دولة جديدة على كل الأصعدة وفى كل مقومات الحياة، فنحن فى حاجة لأن نكون على المستوى اللائق بالدولة، فلابد أن يكون هذا الخطاب أزهرياً خالصاً، حيث الوسطية والاعتدال بلا إفراط أو تفريط بعيداً كل البعد عن التعصب والتطرف، فالناس سئمت الخطب التقليدية، ولم يعد لها أثر وهناك العديد من العلوم والمعارف التى يمكن الاستفادة منها فى الخطاب الدينى.

■ ومن أين نبدأ فى نظرك.. عبر الخطباء أم الخريجين؟

– هى كلها مؤسسات واحدة مسئولة أمام الله عن تأدية خطاب يرضيه ثم يرضى عباده يراعون فيه ظروف الناس والدولة وظروف المجتمع وتقلباته وتغييراته ويسعون فى بث الطمأنينة والسلام والوئام بين أفراده، لا أن يزيدوا اضطراباته ويصبحوا إحدى مشاكله.

■ وما دور جامعة الأزهر التى تخرج الأئمة والوعاظ؟

– هو الدور الرئيسى، فعلى جميع كليات وأقسام الدعوة بالجامعة التغيير من مناهجها لتكون أكثر معاصرة ومواكبة وتناسباً مع الظروف التى يحياها وطننا وأدعو العمداء والأساتذة إلى ذلك بشدة، فلا بد من مراعاة المستقبل وما ينبغى أن نكون عليه والاستفادة من العلوم الإنسانية المختلفة فى خدمة الدعوة الإسلامية.

■ لماذا كان اقتراحكم بمنح ملك السعودية الدكتوراة الفخرية؟

– لقد استوقفنا ما أداه الملك عبدالله لمصر من خدمات جليلة كسرت أعناق أعدائها وساهمت فى استقرارها، وأهمها وقفته مع إرادة الشعب المصرى، لذا رأينا أنه يستحق منا أن تمنحه أقدم وأعرق جامعة فى مصر والعالم، وليس أى جامعة عادية، هذه الجائزة، فخدماته للدعوة الإسلامية أكثر من أن تحصى وكذلك للحرمين الشريفين وكل المقدسات الإسلامية.

■ البعض يظن أن الأزهر والسعودية نقيضان فكرياً.. فما تعليقكم؟

– لا يوجد تناقض على الإطلاق، فنحن بيننا توافقات وأصول وثوابت مشتركة أكثر بكثير من الاختلافات، ففى آخر اجتماع بيننا وبين رئيس جامعة الإمام السعودية، التى هى رأس المذهب السلفى، قال نريد لجامعتنا أن تكون وسطية ومعتدلة لنكون جاذبين لا طاردين، إن مرجع الاختلاف بيننا هو اختلاف البيئات والعادات والأعراف لا أكثر، لكن الكل يستقى أصوله وضوابطه الحاكمة من القرآن والسنة اللذين دعيا للتجميع لا التفريق والتشرذم.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى