الأخبار

“حلايب” قنبلة مرسي الموقوتة

196

كانت قضية “حلايب وشلاتين” مغلقة تماما خلال العقود الماضية حيث كان موقف مصر وقتها أنها جزء أصيل من أراضينا لا يمكن التنازل عنها أو حتي التحاور بشأنها.

وجاءت زيارة الرئيس المعزول محمد مرسي للسودان بعد توليه الحكم بمصر والتي وصفتها الخرطوم أنذاك بأنها “التاريخية” لتفتح ملف “حلايب وشلاتين” من جديد بجرأة أكبر ورغبة أكيدة من جانب السودان لضمها لأراضيها.
وبعد زيارة مرسي نشر تسجيل صوتي منسوب لوزير البيئة السوداني، حسين عبدالقادر هلال، يؤكد فيه أن المعزول أبدى استعداده لإعادة منطقة حلايب وشلاتين للسودان وهو ما نفته الرئاسة المصرية وقتها جملة وتفصيلا.
وازداد الموقف الإخواني غموضا واثارة للحيرة والشك حيث نشرت  صفحة “الحرية والعدالة” على موقعها خريطة الحدود المصرية السودانية، التي أظهرت منطقة حلايب وشلاتين تابعة لدولة السودان تزامنًا مع زيارة المعزول إلى السودان.
وأثارت الخريطة التي نشرها الحزب التابع للتنيظم الإخواني غضبا ولغطا كثيرا مما دفع الحزب الي تقديم اعتذار حول نشر خريطة عن المشاريع والاتفاقيات الاقتصادية التي تم الاتفاق عليها بين مصر والسودان، وتم خلالها الاشارة إلى أن مثلث “حلايب وشلاتين” ضمن الحدود السودانية.
ولكن الموقف السوداني كان في تصاعد حيث خرج الرئيس عمر حسن البشير أثناء خطاب له بعد زيارة مرسي يؤكد أن “حلايب” سودانية وستظل كذلك.
ثم خرج الناطق الرسمي باسم مستشار الرئيس عمر البشير ليؤكد أن المعزول لم يعد بإعادة حلايب للسودان ولكنه وعد بفتح النقاش حول القضية وتذليل العقبات بشأنها.
وتعود قضية “حلايب وشلاتين” الي عام 1899 عندما تم ابرام اتفاقية الحكم الثنائي بين مصر وبريطانيا لتحديد الحدود المرسمة بين مصر والسودان، حيث ضمت المناطق من دائرة عرض 22 شمالا لمصر والتى تشمل مثلث حلايب، وفى عام 1920 أعطت بريطانيا “حلايب” للسودان، باعتبارها اقرب للخرطوم من القاهرة.
وفى 18 فبراير 1958م قام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بإرسال قوات إلى حلايب ، ولكن سرعان ما تم سحب القوات اثر اعتراض حكومة عبد الله خليل التى كانت تحكم السودان آنذاك.
ويرجع قرار عبد الناصر بسحب القوات لإدراكه حجم المؤامرة التى تحدث، فقد قدمت الولايات المتحدة دعما للسودان لإثارة أزمة حلايب مع الجانب المصرى، لانها رأت ان عبد الناصر ينتهك سياستها الخارجية ويرفض التبعية لها.
وفى عام 1958م  تجددت الأزمة خاصة عند بداية الانتخابات فى البلدين وجاءت الأزمة الثانية عام 1981م وكان سببها أعمال التنقيب عن البترول ولكن تم تدارك الأزمة لحسن العلاقة الشخصية بين الرئيس جعفر نميري والرئيس الراحل أنور السادات.
وفى عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك حدثت الأزمة الثالثة لمثلث حلايب ففى عام 1985 اعترضت مصر على إقامة حظائر مفتوحة فى المنطقة وخمدت المشكلة ولم تجد اهتمام اعلامى من البلدين.
وفى عام 1992م حدثت الأزمة الرابعة عندما اعترضت مصر على إعطاء حكومة السودان حقوق التنقيب عن البترول في المياه المقابلة لمثلث حلايب لشركة كندية فانسحبت الشركة حتى يتم الفصل في مسألة السيادة على المنطقة.
وفى عام 1994م أرسلت السودان مذكرة للأمم المتحدة ومجلس الأمن تشتكي الحكومة المصرية حيث أدعت أن مصر شنت تسعة وثلاثين غارة علي الحدود السودانية.
وفى أعقاب تلك الأزمة سحبت كلتا البلدين قواتهما من المنطقة، أما الأزمة الخامسة فكانت عام 2010 في فترة الانتخابات السودانية الأخيرة، وتصريحات الرئيس البشير باحقيتهم في حلايب.
وفى عام 1995 رفض مبارك مشاركة الحكومة المصرية في مفاوضات وزراء خارجية منظمة الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا لحل النزاع الحدودي، وبعد محاولة اغتياله اتهمت الحكومة المصرية السودان بالتخطيط لعملية الاغتيال، فأمر مبارك بمحاصرة وطرد القوات السودانية من حلايب وفرض الحكومة المصرية إدارتها على المنطقة، وقامت مصر بمحاولة إغلاق مركز التجارة السودانية المصرية في شلاتين.
وفي عام 2000 قامت السودان بسحب قواتها من حلايب وقامت القوات المصرية بفرض سيطرتها على المنطقة منذ ذلك الحين.
وفي عام 2004 اعلنت الحكومة السودانية انها لم تتخل عن إدارة المنطقة المتنازع عليها ولم تهجرها أو تسلمها للمصريين، وأكدت على تقديم مذكرة بسحب القوات المصرية إلى سكرتير الأمم المتحدة.
و في عام 2010 تم اعتماد حلايب كدائرة انتخابية سودانية تابعة لولاية البحر الأحمر وأقرت المفوضية القومية للانتخابات السودانية حق التصويت في الانتخابات السودانية لأهالي حلايب باعتبارهم مواطنون سودانيون.
وخرج وزير الخارجية أحمد ابو الغيط أنذاك ليؤكد أن الحدود الجنوبية لمصر معروفة وهي دائرة عرض 22.
وفى عام 2010م قامت القوات المصرية باعتقال محمد هساي رئيس مجلس حلايب المنتمى لقبيلة البشاريين لمناهضته للوجود المصري في حلايب.
وعادت السودان اليوم لتفتح الملف من جديد بعدما أعلنت المفوضية القومية للانتخابات بالسودان اعتزامها إجازة ترسيم الدوائر الجغرافية للانتخابات بحلول منتصف سبتمبر الجاري.
وكشفت عن إبقاء الوضع الجغرافي لمنطقتي أبيي وحلايب على ما كان عليه في انتخابات العام 2010 باعتبارهما منطقتين تابعتين للسودان.
وهو ما رد عليه في نفس اليوم الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال كلمته باحتفال عيد العلم حيث أكد أنه لا مساس بالأراضي المصرية وخص بالذكر سيناء, مشددا أنه لا يوجد من يمتلك حق التصرف في أرض الوطن المقدسة التي استعدناها بدماء وأرواح أبناء هذا الشعب.
كما حرص علي التأكيد خلال ترشحه للانتخابات الرئاسية، إن حلايب وشلاتين أرض مصرية ولا مشكلة فى ذلك إلا من يريد أن يثير مشكلة.

 

الوفد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى