الأخبار

العضو البارز فى تنظيم «داعش»

27

 

 

فى إسطنبول خليط من النازحين، معظمهم من فصائل المعارضة السورية والهاربين من الجيش النظامى والمنشقين عنه.. أضيف إليهم العراقيون فى خروجهم الأخير.. فى الفنادق وعلى المقاهى تجد أيضاً المؤيدين لـ«داعش».. يسكنون متجاورين جنباً إلى جنب مع النازحين من الشيعة!!.. يتجاورون مع البعثيين أنصار صدام حسين.. ولا يقترب أحدهم من الآخر.. الكل ملتزم خارج وطنه طمعاً فى استمرار الإقامة.. أما فى داخل الوطن فالانقسام سيد الموقف.. حقاً عجيبة نفوس البشر يخربون أوطانهم بالانفلات.. وينصاعون للغرباء راضين.. دلائل كلها تشير إلى أن الهدف هو الأرض.. وتقسيم الشرق الأوسط كما جاءت به الأجندات المغرضة يجرى على قدم وساق، وللأسف بإرادة أبنائه.. فى تنفيذ مخلص لمخططات الحرب بالوكالة. التقيت أحدهم.. خائفة.. نعم كنت خائفة.. أتلفت حولى خشية أى مفاجأة.. أراقب حركاته وإشاراته والمحيط الذى نجلس فيه.. فى بهو أحد الفنادق الكبرى بمنطقة إكسراى بإسطنبول.. إنه وسام العانى.. صحفى حر من الأنبار بالعراق، عاش فى بغداد معظم حياته.. والآن فى تركيا.. وجهه ينضح بما فى قلبه.. ولحيته التى تداخل اللون الأسود بالأبيض فيها تشير إلى انتمائه.. بدا متردداً لكن يبدو أن له دوراً إعلامياً فى «التنظيم»، كان يبحث عن بوق يصب فيه شذوذ أفكاره.. وإلا لما وافق على الحوار الذى أراد فيه تبييض وجه «دولة الخلافة»، محاولاً إلباسها ثوب الحق والمنطق.. رفض التصوير بينما وافق على التسجيل الصوتى مفتخراً أنه ينتمى لـ«داعش».. رغم حدته فإن تاريخه كعازف أورج ومغنٍّ سابق بالعراق كان يقفز بين الكلمات من حين لآخر.. يفصح عن الهجرة من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين فى نفسه. وانطلق وسام العانى، العضو البارز فى تنظيم «داعش»، فى حديثه.

عناصر من تنظيم «داعش» خلال عرض عسكرى مسلح

يبدو أن «الصليب» المنقوش على كفى وقع فى مرمى بصره، وعليه استدعى هجوم الجدال، وكنت أشعر بالذهول من قدر التلفيق الشرعى الذى يرويه «العانى»، وهو ما طرد الخوف من داخلى واستنفر الرغبة فى استدعاء الحق، شعرت بتسلل الخوف إليه رويداً رويداً؛ إذ شعر بضعف موقفه، فلا إثباتات يملكها لأى فكر يروجه.. بل مجرد بوق لما يصبه «داعش» فى أذنه.

كان يجلس معنا أثناء الحوار صديق سورى اسمه محمد بيطار، يعمل صحفياً وانتمى للمعارضة السورية ثم فرَّ إلى تركيا، تدخل «بيطار» فى الحوار حينما احتدم الأمر بينى وبين «وسام» قائلاً: «لم يفعل الرسول هكذا أبداً ولم يمحُ فئة كاملة.. والشرع الذى تحكى عنه ليس بالإسلام الصحيح».

أجاب «العانى»: أنت تعلم أن النبى ذبح 70 من يهود بنى قريظة.

رد «بيطار» فى حدة: إذا أثبتَّ لى أن النبى ذبح يوماً ما شخصاً سأخرج من الإسلام، وسأثبت لك بالنصوص أن ما تقوله كله أخطاء.

«أبو بكر البغدادى» شخص تنظيمى ويتسم بالذكاء ويمتلك برنامجاً سياسياً واستراتيجياً وتنظيم «داعش» لم يغتصب أو يبع «الإيزيديات».. والعالم يحاول تشويه الدولة الإسلامية

فأجاب «الداعشى»: أنا لا أريدك أن تخرج من الإسلام بسببى؛ لذلك لا أحتاج إلى إثبات!

جذبت طرف الحديث من «بيطار» قبل أن يتفاقم الأمر إلى معركة سنية – سنية.. سورية – عراقية، أو تتسبب «داعش» فى كفر «بيطار»، ووجهت سؤالى لـ«وسام»: لماذا لم يلتف العالم حول «الدولة الإسلامية» إن كانت تمثل الإسلام الصحيح، أو حول «البغدادى» كما التف البعض حول «أردوغان»؟

قال: لأن الولى الشرعى له مواصفات يجب أن تتوافر فيه؛ فـ«البغدادى» الآن قائد سياسى وشرعى، والنبى، عليه الصلاة والسلام، كان قائداً سياسياً وشرعياً وميدانياً أيضاً.. لكن هل يتقبل الغرب أبوبكر البغدادى كسياسى؟ العالم لن يحتوى «البغدادى» لأنه سنى على الدين الصحيح.

بادرته فى دهشة: كيف تستطيع أن تحيا فى تركيا التى تتمتع بقدر كبير من الحرية وأنت تحمل تلك الأفكار الشاذة؟

فأجاب: أفكارى ملك لى.. ولا أتصرف على أساسها هنا، فهذا بلد يتسم بالعلمانية ولا يمكننى فرض أفكارى به لكن أفرضها وسط أسرتى فقط.

■ كيف؟

– أحل الحلال وأحرم الحرام.. لى 4 أبناء.. أربيهم وأعرض عليهم الأمر الخطأ والصواب وأعلمهم من هو كافر ومن هو غير كافر وأتركهم يختارون.

سألته: لو تعاطى ابنك الكحول هل تقبل أن يجلده «داعش؟

– نعم إذا «الدولة الإسلامية» ضبطت ابنى وهو يتعاطى الكحول فأنا أبارك أن يتم جلده، وسوف أسلمه لها بيدى لكى تعاقبه طبقاً للشرع.

■ إذا ارتكب ابنك سرقة ماذا تفعل به؟

– سأقدمه لمن سرقه ومن حقه حينها أن يقيم عليه دعوى وتنفذ «الدولة الإسلامية» فيه شرع الله وتقطع يده، فالنبى يقول «لو أن فاطمة سرقت لقطعت يدها»، فيجب تطبيق هذه الشرائع بحذافيرها على الجميع دون استثناء.

■ وكم قطع الرسول من أياد؟

– لم أعد الأيادى التى قطعها!

■ كل هذا سيرد فى الحوار

– لا أخاف من شىء، فالنبى عليه الصلاة والسلام إن قال شيئاً ولم يطبقه يكن منافقاً، لكنه قال إنه مستعد لتطبيق الشرع على ابنته.

وتدخل مرة أخرى زميلنا السورى «بيطار» قائلاً: أنا مسلم ولم أسمع بحالة قطع يد واحدة قام بها الرسول.

رد «العانى»: يا أخى إن لم تتقبل حديثى بقلب مفتوح فأرجو ألا تتدخل فى الحوار.. وحينها طلبت من «بيطار» التوقف عن الحديث نهائياً!

■ ألا تخجل من وصف التنظيم بـ«الجماعات الجهادية» وهى فى الحقيقة إرهابية؟ أىّ «جهاد» فيما يفعلونه؟

– طبعاً لا أخجل إطلاقاً من وصفهم بـ«الإرهابيين»، فإذا كان الجهاد إرهاباً فياله من فخر.

الوطن تحاور وسام العانى

■ فخر؟!

– نعم؛ لأن الله أمر المسلم أن يكون ذا قوة، وأن «يرهب» أعداء الله!

■ ومن «أعداء الله» من وجهة نظرك؟

– كل من حارب أو يحارب المسلمين أو ينوى قتلهم أو إيذاءهم؛ فنحن حالياً نعيش مرحلة صعبة فى العراق والخيارات محدودة بسبب الحرب على المسلمين.

■ كيف؟ من يحارب المسلمين فى العراق؟

– أنتم أعلم بهذا الأمر أيها الصحفيون! فالقوات الأمريكية لم تستهدف صدام حسين وحده، بل استهدفت المكون السنى وأقصته تماماً عن الحكم، وقتلت أبناءه بدم بارد أمام عدسات الكاميرات، والعالم كله يتفرج، الأمريكان قادوا حملة لـ«تشييع العراق» وتحويله من بلد سنى إلى شيعى بمساعدة إيران، ولولا إيران لما انتصرت أمريكا فى العراق أو أفغانستان، إنها حرب عالمية معلنة على السنة، لكن السنى حين يدافع عن نفسه يعتبرونه إرهابياً، لماذا يحتوى العالم الإسرائيليين ولا يحتوى المسلمين السنة؟ ولو أصيب هندوسى أو مسيحى ينقلب العالم كله رأساً على عقب.. بينما يتم تجاهل المسلم السنى.

■ أليست هناك طريقة أخرى للدفاع عن النفس غير الدم والقتل؟

– لقد جرّب السنة كل الطرق السلمية، بما فيها المشاركة فى الحكومة، لكنهم الآن فى السجون، وأقرب مثال على ذلك هو طارق الهاشمى، نائب رئيس الجمهورية المستقيل، تم الحكم عليه بالإعدام، والكثيرون من نواب السنة الذين شاركوا فى الحكومة لاقوا نفس المصير.. فلم يعد أمام السنة فى العراق الآن إلا أن يتحولوا إلى المذهب الشيعى أو يحاربوا للدفاع عن وجودهم، و«داعش» وقفت درعاً أمام الزحف الإيرانى والشيعى لقتل أهل السنة هناك، ولولا ذلك لما بقى سنى واحد فى العراق.

■ تتحدث وكأنك «وكيل السنة فى الأرض» رغم أن كثيرين من السنة يرفضون فكر «داعش»!

– هناك الكثير من السنة أمضوا وقتاً تحت جناح الأمريكان، وهم من الراغبين والطامعين فى السلطة والمال، وكثير منهم باعوا أهل السنة، وكل من ينضم إلى الأمريكان لا يمكن اعتباره مسلماً بل أصبح كافراً.. فالعالم كله يحارب السنة.

■ كيف ذلك ومعظم النظم الحاكمة فى العالم العربى بما فيها مصر من السنة؟

– الحكومة المصرية تدافع عن «العلمانيين» أكثر من السنة أنفسهم كدين أو كمذهب.

■ وهل هذا يضعهم بالنسبة لـ«داعش» فى زاوية الخوارج؟

– (ساخراً): كلمة «خوارج» لا تطلق على أقطاب الحكومة المصرية، إنهم «مرتدون عن الدين»؛ فالقرآن الكريم به دلائل كثيرة على خروج المسلم من دينه، فمثلاً يقول الله: «وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ».

■ وهل ابتغوا غير الإسلام ديناً؟!

– طبعاً، الشيوعية مثلاً والديمقراطية أيضاً؛ فالديمقراطية نظام خلقه الناس وليس من صنع الله.

■ ولكن هذه اتجاهات وأنظمة سياسية وليست ديانات؟

– هذا طاغوت.. كل قانون وضعه بشر ويتم العمل به على الأرض هو من صنع الطاغوت، وهذا الكلام لا يحتاج إلى إثبات؛ لأنه موجود فى القرآن الكريم، ويمكن أن يتحدث الشيوخ الأفاضل فى مصر عن هذا لكن بعض الشيوخ عندكم، وهم معروفون بالأسماء، تحالفوا مع الحكام ويطوون هذه الآيات ويُخضعونها لـ«التقطيع»؛ فالقرآن يجب أن يؤخذ كاملاً، وآيات الجهاد عندكم لا يتم تدريسها فى المدارس ولا فى الأزهر، وسورة «التوبة» لا تُتلى حتى فى مكة نفسها ولا فى أى مكان آخر.

■ وهل ما تفعله «داعش» من فظائع فى البشر نص عليه القرآن؟

– نعم.

■ ما دليلك؟

– أنا أستند إلى الشرع.. وحديثى عن تلك الأنظمة لا يعنى رضائى الكامل عمّا يفعله «داعش»، لكن هو (أى التنظيم) الحل الأفضل بالنسبة للسنة من بين بقية الخيارات.. وهو المدافع الوحيد عن السنة فى العالم.

كل ما تفعله «داعش» نص عليه القرآن.. وأطالب التنظيم بـ«حسن اختيار أهدافه العسكرية»

■ يبدو أنك تشعر بالاضطهاد؟

– نعم أشعر بالاضطهاد والظلم وأن العالم كله يتجه إلى محاربة المسلمين، وهذا يولد ردة فعل بالدفاع عن النفس، فأى مخلوق من المخلوقات وضع الله فيه غريزة الدفاع عن النفس، حتى الحيوانات لديها نفس الغريزة، فكيف بالإنسان أن يتفرج على من يقتله ويقتل أبناءه وإخوانه ولا يرد، فهذا غير منصف إطلاقاً.

■ وهل ترى أن «داعش» سيصل إلى نتيجة بممارسته الدموية الحالية فى العراق أو سوريا؟

– إذا حسن من أسلوبه فى القتال، فإنه حتماً سيصل إلى نتيجة.

■ ماذا تقصد بتحسين أسلوب «داعش» فى القتال؟

– أقصد حسن اختياره لأهدافه العسكرية، وأن يتجه صوب العسكريين والحكومات والأنظمة وليس صوب المدنيين، وحتى المدنيين ليسوا جميعهم خارج الاستهداف، بل من يتعاون مع هذه الأنظمة فهو مستهدف، فقد قال الله فى كتابه الكريم «وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ»، إذن «داعش» يعمل بنصوص القرآن حرفياً، ولا ينبغى له أن يحذف من القرآن ما لا يعجب الآخرين.

■ هل تعتبر نفسك مواطناً من مواطنى «الدولة الإسلامية» المزعومة التى أقامها «داعش»؟

– نعم، أعتبر نفسى مواطناً تحت حماية «داعش».

■ كيف ترى إقدام «داعش» على تهجير المسيحيين فى الموصل؟

– هذا أحد الأخطاء الاستراتيجية والفنية وليس الشرعية، فالأخيرة «الأخطاء الشرعية» لم يرتكبها تنظيم الدولة الإسلامية، بمعنى أن المسيحيين هم جزء من الحملة الصليبية على المسلمين، فأمريكا قادت حرباً عقائدية فى منطقة الشرق الأوسط، هى حرب للدفاع عن الصليب ليس إلا.

■ ولكن مسيحيى الموصل عراقيون عرب وليسوا أمريكان؟

– المسيحيون كلهم أمة واحدة، ومسيحيو العراق راضون عما تفعله أمريكا فى بلادهم، باعتبار أن ذلك «دفاع عن الصليب»، وأن الأمريكان جاءوا إلى هذه البلاد من أجل عقيدتهم، وتأثير الماضى ما زال موجوداً، فالحكومة التى جاء بها الأمريكان ما زالت تحكم، وحينما تذهب هذه الحكومات الموالية لواشنطن فربما يتغير الوضع فى العراق إلى الأفضل.

الصحفي السوري محمد بيطار أثناء إجراء الحوار مع عضو “داعش”

■ ولماذا تسميها «حرباً صليبية»؟

– حسناً، فلنغير اسمها ونسميها «الحرب العالمية على الإسلام».

■ إذن.. أنت راض عما فعله «داعش» بالمسيحيين بالموصل؟

– الحقيقة التى يعلمها الجميع هى أن نصوص القرآن تفرض على المسيحين إما دفع الجزية أو الدخول فى الإسلام أو القتل، و«الخطأ الفنى» الذى ارتكبه هنا هو فى التوقيت، فاختيار الوقت كان خاطئاً، وكان لا بد أولاً أن تتمكن «الدولة الإسلامية» من الأرض جيداً، وأن تستطيع توفير الحماية لمواطنيها من المسيحيين، إن هم وافقوا على الدخول فى الإسلام، كان بها، أو يكون عليهم تبعاً لذلك حال رفضهم دفع «الجزية».

■ تقصد أن «داعش» تعجل فى أمر تهجيرهم؟

– ما أقصده هو أن توقيت العرض، بالمفاضلة ما بين الخيارات الثلاثة، أعنى الدخول فى الإسلام أو الجزية أو القتل، هذا التوقيت كان مبكراً، وكان يجب السعى إلى «التمكين» أولاً، وأنا لا أرحب بفكرة طرد المسيحيين من ديارهم.

■ لكنك وصفت هذا الإجراء ضد مسيحيى «الموصل» من قبل بـ«الخطأ الاستراتيجى» وما تقوله الآن يعنى أنه خطأ شرعى، فلم يرد فى القرآن ما ينص على ذلك؟

– أنا لا أحفظ القرآن كاملاً.

■ والشرع الذى ترويه ليس منضبطاً؟

– كيف تقيمين هذا الأمر؟

■ من خلال ما جمعته من معلومات وعبر الاستماع إلى فقهاء معتدلين.

– دعينا نبحث فى الإنترنت وسأجلب لك الآيات بنصوصها!

■ وماذا عن تهجير «الإيزيديين» وهم قوم مسالمون وجيدون.. ماذا فعلوا ليتم التنكيل بهم؟

– متى حكمت عليهم بأنهم «أناس جيدون»؟

■ من المعلومات ومن خلال زيارة مخيماتهم الفقيرة.

محمد مرسى كان كافراً وموالياً للطاغوت الأمريكى.. وجماعة الإخوان أعداء لنا بلا شك

– أنا من عشت وسطهم فى هذه المخيمات، ولم أكن مجرد زائر للمخيمات التى نزحوا إليها حالياً، وأنا أعلم جيدا أن «الإيزيديين» لعبوا دوراً قذراً فى مساعدة أمريكا على احتلال العراق.

■ كيف؟

– الأمر يتطلب وثائق ليست فى حوزتى الآن، ولكن كونى عشت فى وسط هؤلاء «الإيزيديين»، فأنا أتهمهم بأنهم فى عام 2006 قاموا بقتل الكثير من أهل السنة فى المناطق التى يعيشون فيها، من خلال ميليشيات مسلحة شكلتها الحكومة العراقية والأمريكان لهذا الغرض.

■ إذن فما تم إنزاله بهم فى «سنجار» كان عقوبة من وجهة نظر «داعش»؟

– نعم، بالضبط، لقد قررت «الدولة الإسلامية» إنزال العقوبة بهم، ثم إنهم من «عبدة الشيطان» الكافرين، وإن كان «داعش» يريد أن يقيم دولته بشكل صحيح فلا يجب أن يكون هؤلاء فى وسطها لأنهم وصمة عار عليها، فبقية المسلمين خصوصاً من الجهاديين سيعيّرون الدولة الإسلامية بمعية «عبدة الشيطان»، لذلك لا يمكن أن نُبقى عليهم.

■ وهل يحق لأى شخص أن يبيح لنفسه اغتصاب نساء «الإيزيديين» تحت دعوى أنهم كفار؟

– لم يحدث ذلك، هذا افتراء.

■ أتنكر سبى «الإيزيديات» واغتصابهن من قبل مسلحى التنظيم؟

– بالطبع، بالتأكيد أنكر ذلك، فالتنظيم لم يغتصب أحداً، ولم يبع أحداً من نساء «الإيزيديين»، فهذا الأمر يتنافى مع العقيدة، بل الحقيقة أن العالم كله بوسائل إعلامه الخبيثة وغير الخبيثة يعمل على تشويه وجه «الدولة الإسلامية».

■ ومن أين لكم بالنص الشرعى الذى يبرر ما فعلتموه ضد «الإيزيديين» باعتبارهم كفاراً ؟

– قوله تعالى «وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً».. وهم قاتلوا المسلمين فارتد عليهم فعلهم، والأمر بالنسبة لأى مجموعة وقعت فى أيدى «الدولة الإسلامية»، هل هى محاربة أو ثبت أنها حاربت ضد مسلم؟ فإذا كان الأمر كذلك، فإن جزاءهم هو القتل.

■ وإن لم يثبت ذلك؟

– يُهجرون لأنهم من «عبدة الشيطان»، والحقيقة أن هذا الأمر يتطلب بحثاً أكثر منك، لكى تعلمى أن «الإيزيديين» ارتكبوا مجازر فى حق السنة العراقيين وهى جرائم متواصلة، فهناك مثلاً فتاة «إيزيدية» كان اسمها «دعاء»، أسلمت وتزوجت من رجل مسلم، فاستدعاها أهلها وقتلوها ثم سحلوها ومثلوا بجثتها.. وهى قصة شهيرة فى العراق، فهل بعد كل ذلك نترك «الإيزيديين»؟

■ ولكن «دولة الخلافة» ترجم النساء.. وفى العرف العربى فإن خروج فتاة من معية أهلها عار.. وهذا عرف غير مرتبط بالدين؟

– «الدولة الإسلامية» ترجم الزانيات وهذا أمر الله وهى «أى الدولة الإسلامية» ليست مرتبطة بالأعراف والتقاليد أو غيرها، وإنما بالدين، وهو أمر مباشر من الله يجب تنفيذه حتماً. وإن كان لك أن تعترضى على أمر «الدولة الإسلامية» فأنت تعترضين على نص قرآنى منزل من الله.

■ كيف ترى مصير الشخص العادى فى العراق الآن؟

– ليس لدى العراقى اليوم سوى أحد خيارين، إما أن ينضم إلى «داعش» أو إلى جيش الميليشيات الشيعية، فلا يوجد مكان للمسالمين.

■ إذن أنت تدرك أن المسالمين من أى دين مظلومون؟

– نعم، ولكن ليس بسبب الدين، فــ«الإيزيديون» مثلاً من يراهم يعتقد أنهم مظلومون، والعالم ينتفض من أجلهم ويحاصر ويقصف المقاتلين العراقيين بالطائرات.. ولم ينتبه أحد منذ 10 سنوات لمن يقتلون من السنة.

■ كل مكونات الشعب العراقى تعترف بالاضطهاد الشيعى للسنة وتؤكد على ضرورة إرساء العدالة.. فكيف يكون هذا هو رد فعل «داعش» باسم السنة؟

– ردة الفعل ليست لـ«الدولة الإسلامية»، وإنما هى ظهرت بسبب انضمام الكثير من السنة المضطهدين إلى «داعش» بعد أن أوضح للناس ما هم عليه من شرك، فأنا كشخص سنى لم أكن أعلم من قبل مثلاً أن المسلم يجب أن يقاتل أو كيف يقاتل وما هى أحكام القتال وأحكام الجهاد، إلى أن جاءت «الدولة الإسلامية» وفتحت عيوننا على ذلك الفرض، لذلك نحن نوجه «رسالة شكر» إلى الأمريكان لأنهم كانوا سبباً فى أن تأتى الدولة الإسلامية لتفتح أعيننا على ديننا.

الذبح وسيلة «داعش» الدموية

■ إذا كانت أمريكا متهمة بأنها مؤسِّسة «داعش»، فمن أين لك بهذه الأفكار؟

– هذا كذب، فلم تكن «داعش» موجودة فى ذلك الوقت، بل كان هناك تنظيم «طالبان» الأفغانى الذى زودته أمريكا بالسلاح، و«طالبان» انشق عن «القاعدة»، وتنظيم «الدولة الإسلامية» انشق بدوره عن «طالبان»، و«الدولة» تكفر «القاعدة» حالياً.

■ كيف تجرى «حرب صليبية» ضد العالم الإسلامى بينما يمارس المسلمون حرياتهم تحت حماية الدول التى تتهمها بشن هذه الحرب ضد المسلمين؟

– الأمريكان وكل من أعلن «الحرب الصليبية» على المسلمين ليسوا أغبياء حتى يقتلوهم على أرضهم، والأوضاع التى يعيشها المسلمون فى الخارج أفضل من الداخل، لأن الغرب يعى أنه إذا ما اضطهد المسلمين فى بلاد أوروبا والغرب فسوف تنهار المبادئ التى ينادون بها أمام العالم، والمسلمون فى أمريكا الآن يدعون للجيش الأمريكى بالنصرة على المسلمين.

و«الدولة الإسلامية» لا يأتى بهذه الأحكام من عنده، ولكن من النصوص القرآنية، صحيح أن هناك بعض الأحكام الفردية كانت بدافع الثأر من الشيعة، تخللتها خروقات من أشخاص فى قيادات التنظيم استغلوا فيها مواقعهم، لكنها حالات فردية.

■ إذن «داعش» استبدل دولة ظالمة بأخرى ظالمة مثلها، فلماذا ترضى به حامياً لك؟

– هل توجد دولة عربية ليس بها ظلم وثأر شخصى؟!

■ أنت تزعم أن «داعش» أقام «دولة الخلافة»، والمفترض أن تكون هذه الدولة مثالية حسب تصوراتكم.

– هى أفضل ما هو موجود الآن، حتى يأتى الأفضل منها.

■ هل تنتظر من هو أقوى من «داعش»؟

– الأفضل منه هو من يطبق الشرع بحذافيره، وأعتقد أنه سيأتى الأفضل منه فى المستقبل.

■ لماذا لم يتطهر «الدولة الإسلامية» من أولئك القادة الثأريين إن كان على حق؟

-هذا سؤال منطقى، ولكن عليك أن توجهيه إلى أبى بكر البغدادى وليس لى بطبيعة الحال.

■ ما رأيك فى «البغدادى»؟

– هو شخص تنظيمى يتسم بذكاء أكثر من سابقيه، ومنهم أبوحمزة وأبوعمر البغدادى، إذ إنهم لم يكونوا يمتلكون مثله برنامجاً سياسياً ولا استراتيجية فى التعامل مع شيوخ العشائر والمناطق، لذلك حاز الأخير (أبو بكر) ثقة من حوله.

■ وما موقفكم من الأكراد، وهم سنة مثلكم؟

– ليس كل سنى مسلم هو معنا، وأنا هنا أتحدث عن الأكراد كقادة سياسيين وأحزاب، ولا أتحدث عنهم كقومية أو عرقية أو دين، إنهم كيان مسخ ولديهم نظام سياسى أشبه بإسرائيل، ولذا فإن إسرائيل تحاول دعم هذا الكيان لتشغل به المنطقة العربية كلها.

■ لكننى تعاملت مع الكثير من الأكراد ووجدتهم أناساً متحضرين وملتزمين، فكيف تصفهم بأنهم «مسخ»؟!

– أنا لم أقل لك إنهم يمتطون البعير أو يركبون الناقة، بل عن نظام سياسى. وللعلم فإن الغرب دعمهم بما يكفى بسبب ما يمتلكونه من ثروات فى كردستان، وانفتاحهم على الغرب أثر فيهم كثيراً، لكنهم موالون للأمريكان، وينطبق عليهم نفس الأحكام.

■ وما علاقة «داعش» بجماعة «الإخوان» فى العراق؟

– الواقع أن فى العراق الآن حرباً خفية بين تنظيم «داعش» وجماعة «الإخوان»، فحينما سقط نظام صدام حسين كان «الإخوان» مضطهدين، ونتيجة لذلك كانت لهم اتصالات واسعة بأنصارهم فى كل الدول سواء فى سوريا أو مصر أو تركيا أو سائر الأقطار التى يوجد بها التنظيم. وبعد سقوط نظام «صدام» حاز «الإخوان» دعماً هائلاً لتسلم مناصب قيادية فى الدولة العراقية الجديدة، ونتيجة تمسكهم بالمناصب ارتضوا بالتحالف مع الأمريكان وإيران ضد السنة، وشكلوا ما يعرف بـ«مجالس الصحوات» التى هى ميليشيات ممولة من الولايات المتحدة، وكان هدفها هو تشويه المجاميع الجهادية والقيام بأعمال مخزية ونسبها إلى المجاهدين، فضلاً عن قتال هذه المجاميع (الجهادية) علناً والعمل من أجل اختراقها، ناهيك عن تسليم أسماء المجاهدين إلى الأمريكان.

■ هل تعتبر «داعش» بالفعل «الإخوان» أعداء أم أنه الخداع الاستراتيجى؟

– نعم، هم أعداء بلا شك، وهى فى النهاية مسألة أولويات، وأنا سألت مرشد الإخوان فى سوريا يوماً ما: هل تعتبر الديمقراطية بديلاً للحكم الإسلامى؟ فأجابنى «نعم»! وحينها علمت أنه كافر. ومحمد مرسى «المعزول» كما تسمونه فى مصر كان موالياً للطاغوت الأمريكى، لذلك فهو كافر.

■ وماذا عن مصر؟

– هذا سؤال صعب.

■ لماذا؟

– (ضاحكا): لأن مصر بلد خام، لم يدخلها الفكر الذى تعتبرون أنه «تكفيرى» من وجهة نظركم، أنتم تعتبرون الإخوان متطرفين ونحن نعتبرهم كافرين، فكيف تنظرون إلينا؟ من المؤكد أنكم تروننا أعداءكم.

■ وهل ضمن خطط «داعش» المستقبلية الوصول إلى مصر؟

– هناك كلام قد لا يصلح للنشر، اطلعى على كتاب اسمه «كتاب الفتن» يجمع أحاديث النبى (عليه الصلاة والسلام) لتعلمى ما ستئول إليه الأوضاع، وإلى أين سينتهى الأمر فى مصر مستقبلاً.

■ هل من الممكن أن تلخص لنا الفكرة الواردة فى هذا الكتاب؟

– يقول النبى (صلى الله عليه وسلم): «إن مصر سيعلوها النيل، وتفت كما تفت البعرة»، وكان يشير بعصاه إلى مخلفات البعير (!)، وسيغزوها «البربر»، وهم أهل ليبيا وتونس والجزائر، وسترين ذلك بنفسك!

■ (ضاحكة): هل أولئك سيغزون مصر؟!

– (غاضباً): هذا الأمر يثير فيك الضحك الآن ولكن انتظرى، وأنا قبل 10 سنوات كنت أسخر حينما قرأت هذه الأحاديث، وخاصة عندما قرأت أن ثلثى مدينة «حمص» السورية سيحترق، وقتها لم أكن ملتزماً دينياً، بل كنت عازف أورج ومغنياً فى فرقة موسيقية بالعراق.

■ هل تتصور حقاً أن «داعش» ستصل إلى مصر؟

– لم أقل «داعش» بالتحديد، ولكن ربما حركات إسلامية أو «تكفيرية» أخرى كما تعتبرونها.

■ ما الذى دفعك للتحول من مغنٍّ وعازف إلى مواطن فى دولة «داعش»؟

– الاضطهاد الذى عانيته بعد غزو أمريكا للعراق، والظلم الذى تعرض له السنة لمصلحة الشيعة.

■ ولكن أمريكا لم تحارب السنة، وكان غزوها سائداً على كل المكونات العراقية؟

– أنت لم تكونى مواطنة عراقية يوماً، ولا تعرفين ماذا كان يحدث، فالقادة الأمريكان كانوا يحمون الحركات الشيعية، ولذا كان النزوح الهائل من الجنوب الشيعى إلى الوسط السنى.

■ إذن أنت منضم لـ«داعش» بدافع انتقامى من الحكومة العراقية السابقة؟

– نعم، ومن حقى أن أنتقم لنفسى وعشيرتى ودينى، وهذا حال أغلب السنة غير الموالين للحكومة فى العراق. وأى شخص بما فيهم أنت الآن إذا أتيت بسيرة مصر فى مجالٍ ما تثورين من أجل وطنك، فما بالك بدينى؟! من حقى أن أغضب من أجل دين الله.

■ الله لم يوكل أحداً فى الأرض ولا يحتاج «داعش» ليدافع عنه؟

– {إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ}.

■ تنصره بتعديك على الآخرين؟

– لا، ولكن أعطينى دليلاً على كلامك فى هذا الشأن، أنا لا أتعامل بالمنطق فقط مثلك، أنا عندى قرآن وسنة فقط، والله خلقنا لكى يسجل مواقفنا إن كنا سندافع عنه أم لا!

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى