الأخبار

من الجنيه المصري إلى الـ “شيكل”..

1

أرض الكنعانيين اعتادت على وجود عملات تعبر عن كيانها وحضارتها منذ عصور ما قبل الفتح الإسلامي، تنوعت زخرفتها وألوانها تبعًا لكل عصر، إلا أنها منذ العهود الحديثة أصبحت العملات تُفرض عليها، تبعًا لسياسة الاستعمار الذي يسعى لطمس أبسط الأشياء وإن تمثلت في عملة تعتبر عن الاستقلال السياسي والاقتصادي لأي بلد.

بدأ التغير الحديث خلال الحرب العالمية الأولى، حينما أصدرت الدولة العثمانية كغيرها من الدول عملتها الورقية، لكنها كانت غير قابلة للاستبدال، وبالتالي كانت قيمتها تعادل 10% فقط من قيمتها الحقيقية.

ومع انهزام الجيش التركي في هذه الحرب دخلت العملة المصرية إلى فلسطين، وأعلنت سلطات الاحتلال العسكرية البريطانية في23 نوفمبر 1917، أن النقد المصري “نقد قانوني” وأنه “العملة الرسمية” إلى جانب عملات الحلفاء والعملة العثمانية، سواءً أكانت ذهبًا أو ورقًا، وفقًا لمركز المعلومات الوطني الفلسطيني، نظمت الإدارة المدنية البريطانية في فلسطين أمر العملات في بلاغ عام بتاريخ 1 فبراير 1921، عُدّ فيه فقط النقد المصري ذهبًا أو ورقًا أوفضة أونيكلًا عملة قانونية تستخدم في فلسطين، وتساوي الليرة الذهبية الإنكليزية 97.5 قرش مصري.

دخلت العملات في طور جديد عام 1924، حينما رأت سلطات الاحتلال البريطاني أن الوقت مناسب لتأسيس نظام نقد خاص بفلسطين؛ فأوضح مركز المعلومات الوطني الفلسطيني أن المندوب السامي شكَّل لجنة لدراسة إمكانية صك نقد فلسطيني والخطة المناسبة لذلك، وكانت اللجنة تضم 4 مديرين لمصارف أجنبية، و3 من موظفي الحكومة، و3 من اليهود تختارهم المنظمة الصهيونية، و2 من العرب تعينهم الحكومة.

لاقى هذا الإجراء اعتراضًا عربيًا لكن دون جدوى، حيث سنَّ المندوب السامي قانونًا يحمل الرقم 907/53 بتاريخ 10 سبتمبر 1926 منح فيه الصفة الشرعية في فلسطين لمجلس النقد الفلسطيني، الذي عيّنه وزير المستعمرات ومنحه سلطة إصدار النقود نيابة عن حكومة فلسطين، وأعلن وزير المستعمرات أنه سيستبدل النقد المصري بالنقد الفلسطيني الذي سيكتب عليه باللغات الثلاثة الإنجليزية والعربية والعبرية، وأن النقد سيضرب في لندن.

استمرت النقود الفلسطينية تدور في فلك النقد الإسترليني حتى 22 فبراير 1948، عندما صدر قرار بخروج فلسطين من منطقة الإسترليني، وقامت بريطانيا بفرض قيود قانون “الدفاع المالي الإنجليزي” على الأموال الفلسطينية الموجودة بإنجلترا، ومنعت خروجها منها.

بعد النكبة عام 1948، انحل مجلس فلسطين للنقد ووقف إصدار الجنيه الفلسطيني، واستمرت المعاملة بالأوراق والقطاعات النقدية في المملكة الأردنية الهاشمية والضفة الغربية حتى 1949 عندما بدأت السلطات الأردنية إصدار الدينار الأردني، وعاد الجنيه المصري في قطاع غزة حين حلَّ محل الجنيه الفلسطيني في 1951.

أما في إسرائيل فاستمرت المعاملة بالجنيه الفلسطيني حتى 1952، في أوائل الخمسينات أقامت إسرائيل بنكًا مركزيًا أصدر الليرة الإسرائيلية بدلًا من الجنيه الفلسطيني، وبعد سقوط الضفة الغربية وقطاع غزة بيد الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 أغلقت سلطات الاحتلال البنوك الفلسطينية، وفرضت على الفلسطنين في الأراضي المحتلة التعامل بالليرة الإسرائيلية ثم بالشيكل والشيكل الجديد.

يوافق اليوم اعتماد إسرائيل “الشيكل” عملة بديله بدلًا من الجنيه، ففي 2008 أعلن بنك “سي إل إس” للتعاملات الدولية أنه قرر ضم الشيكل الإسرائيلي إلى جهاز المقاصة التابع له ليكون من الممكن استبداله بـ16 عملة صعبة أخرى، وبذلك أصبح الشيكل الإسرائيلى اعتبارا من 26 مايو 2008 قابلًا للتداول فى الأسواق العالمية، ليكون من الممكن استبداله بـ16 عملة صعبة أخرى.

واعتبر “بنك إسرائيل” ذلك الإجراء عاملًا معززًا لمكانة الجهاز المصرفي الإسرائيلي في العالم.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى