الأخبار

«السادات استغل دهاءه في الحرب»

169

 

 

تولى رئاسة مصر على مدار 11 عاما شهدت تحولات جذرية في السياسة المصرية على الصعيدين المحلي والدولي وقال عنه البعض «أنه أراد أن يلعب دورا بارزا على المسرح السياسي الدولي من خلال زيارته الشهيرة للكنيست وتوقيع معاهدة كامبد ديفيد1979 »…

إنه الرئيس الراحل أنور السادات والذي شكل مسارا كبيرا للجدل في ظل قراراته المفاجئة والمباغتة التي اتخذها خلال فترة حكمه من طرد الخبراء الروس في وقت كان فيه الاتحاد السوفيتي يشكل دولة عظمى بجانب الولايات المتحدة الأمريكية، مرورا بقرار العبور في أكتوبر 73 ونظرية الخداع الاستراتيجي ثم قرار الانفتاح الاقتصادي والخروج من عباءة الاشتراكية وحملة الاعتقالات الموسعة التي عرفت باعتقالات سبتمبر عام 81 لعدد من الإسلاميين ومسئولين في الكنيسة القبطية والكتاب والصحفيين ومفكرين يساريين وليبراليين ووصل عدد المعتقلين في السجون المصرية إلى 1536 معتقلاً، إثر الاعتراض على قرارات الدولة بالصلح مع اسرائيل إلى أن جاء المشهد الدرامي باغتياله في عرض عسكري في ذكرى نصر أكتوبر عام 1981 ليسدل الستار على حقبة الرئيس السادات في حكم مصر.

في الذكرى الحادية وأربعون على نصر السادس من أكتوبر توجهت بوابة «الشروق» إلى عددا من الشخصيات والنخب السياسية في مصر لاستنباط آرائهم حول حياة الرئيس السادات وقراراته المصيرية على مختلف الأصعدة.

أعطى قبلة الحياة للإسلاميين وأخرج مصر من عباءة الاشتراكية

يرى الدكتور ناجح ابراهيم نائب رئيس مجلس شوري الجماعة الإسلامية السابق أن للرئيس أنور السادات حسنات ولاسيما في مقدمتها حرب أكتوبر التي حررت الإرادة المصرية.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ«بوابة الشروق»، أن السادات أعاد الحركة الإسلامية للنور بعد أن أخرج المعتقلين الإسلاميين من السجون والمعتقلات على دفعتين وبذلك أعطى للدعوة الإسلامية قبلة الحياة من جديد وأعاد الإسلاميين إلى معادلة السياسة في مصر، بحسب وصفه.

وأشار ابراهيم إلى أن الرئيس السادات قد أعاد سياسة البناء والتعمير بعد حرب أكتوبر، فضلا عن ضخ الاستثمار واتباع سياسة الانفتاح الاقتصادي على العالم الخارجي وإخراج مصر من عباءة السوفييت والاشتراكية التي جرى الدهر عليها، بحسب وصفه.

وقال ابراهيم، إن من سلبيات الرئيس السادات تفريطه في حقوق الشعب المصري بالتزامن مع توقيع اتفاقية السلام مع الجانب الاسرائيلي في منتجع كامب ديفيد عام 79 برعاية الولايات المتحدة الأمريكية. مشيرا إلى أن السادات كان بمقدوره تحقيق مكاسب سياسية أكثر من ذلك على خلفية الانتصار على اسرائيل ولكنه رضخ للضغوط الدولية بعد أن أصبح الاقتصاد المصري في حالة نزيف نتيجة لحالة التعبئة العامة والظروف الطارئة التي مرت بها البلد.

وأوضح الدكتور ناجح ابراهيم أن الاجراءات التعسفية التي شملت اعتقالات سبتمبر لعددا من السياسيين ذو التوجهات الايدولوجية المختلفة وكذلك عددا من التيارات الإسلامية وعلى رأسهم عمر التلمساني المرشد الأسبق لجماعة الإخوان المسلمين، فضلا عن عزل البابا شنودة كانت بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير وأودت في نهاية المطاف بحياة الرئيس الراحل أنور السادات، بحسب تعبيره.

سياسي مخضرم استغل دهائه في الحرب ولكن تعامل مع الشيطان وأخرجه من القمقم في 77

أما جورج اسحاق القيادي السابق بحركة كفاية والعضو الحالي للمجلس القومي لحقوق الإنسان فقد وصف الرئيس السادات بالـ«السياسي المخضرم» الذي نجح في تسوية الصراع مع خصومه السياسيين في بداية حكمه واستطاع بعد ذلك أن يحقق نصر هو الأهم في حياة العرب على مدار التاريخ المعاصر.

وأضاف اسحاق في تصريحات خاصة لـ«بوابة الشروق»، أن الرئيس السادات وضع قيود كثيرة على مصر بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد وكان بمقدوره وبما يتمتع به من دهاء سياسي أن يحقق مكاسب أكبر للمصريين في مرحلة التفاوض مع الجانب الاسرائيلي والأمريكي على أرض سيناء دون أن يتسبب في تولد مشاعر الغضب للحكام العرب في ذللك الوقت.

وأوضح اسحاق أن من سلبيات الرئيس السادات التعامل مع الشيطان في إشارة منه لجماعة الإخوان المسلمين، مؤكدا أنه أخرجهم من المعتقلات نكاية في التيار اليساري الذي انتقد سياسة السادات فيما يتعلق برفع الدعم المفاجئ وما أعقبه من أحداث عام 77 والاضطرابات الشعبية التي حدثت في هذا الوقت اعتراضا على القرارات الاقتصادية للحكومة والتي وصفها السادات بـ«انتفاضة الحرامية».

تصعيد الجماعات الإسلامية وسياسة المنابر.. أبرز أخطائه والانفتاح أدى لتفاوت طبقي

وكان للدكتور عمار علي حسن أستاذ علم الاجتماع السياسي رأي آخر في قرارا ت الرئيس السادات فقال إن الـ11 عاما التي تولى فيها الرئيس السادات حكم مصر كانت تمثل فترة مختلفة ليست فقط في تاريخ مصر وإنما في تاريخ العالم بأثره على الرغم من صغرها، مشيرا إلى أن قرار الحرب عام 73 وسخونة الأوضاع على مسرح عمليات الشرق الأوسط فضلا عن المفاوضات الأمريكية والروسية لاحتواء الموقف في الإقليم ساهمت بكل كبير في تغيير الخريطة السياسية لمصر في تلك الحقبة.

وأضاف حسن في تصريحات خاصة لـ«بوابة الشروق»، أن حرب أكتوبر أمر لا يمكن أن يغفله أي مصري وقد سطر الرئيس السادات من خلاله اسمه بحروف من نور في التاريخ المعاصر، خاصة بعد الهزيمة التي لحقت بمصر في يونيو 67 وأثرت على المنطقة العربية من خلال الأراضي التي احتلتها اسرائيل ولا يزال العرب يتفاوضون على استردادها حتى وقتنا هذا.

وأوضح عمار أن من سلبيات الرئيس السادات قرار ه الشهير بزيارة الكنيست، مشيرا إلى أنه كان أمرا صادما على كثير من السياسيين في مصر أدى في نهاية المطاف إلى مشروع سلام منقوص بتوقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 79، بحسب وصفه.

واستطر استاذ علم الاجتماعي السياسي في حديثه قائلا “تصعيد الجماعات الإسلامية في عهد السادات وسياسة المنابر وعودة الأحزاب بعلم الدولة كان ضربا لمشروع عبد الناصر فضلا عن قرار الانفتاح الاقتصادي على الغرب أدى إلى تفاوت طبقي رهيب تعاني مصر من آثاره حتى وقتنا هذا”.

السادات كان ضحية لمناوراته السياسية الخطيرة

الدكتور عمرو الشوبكي أستاذ العلوم السياسية والنائب السابق بمجلس الشعب أشار إلى أن قرار الرئيس السادات في خوض غمار الحرب ضد اسرائيل كان قرار عبقري وجرئ خاصة بعد التنسيق مع العالم العربي وأدى في نهاية المطاف إلى ملحمة يسطرها التاريخ في صفحاته فضلا عن أن قرار أكتوبر 73 يحسب للرئيس السادات بلا شك، بحسب تصريحاته.

وأضاف الشوبكي في تصريحات خاصة لـ«بوابة الشروق»، أن بعض القرارات الفردية للرئيس السادات كانت تؤخذ عليه خاصة ما يتعلق بتطوير الهجوم الاستراتيجي والعسكري على ساحة القتال، موضحا أنه كان من الممكن الاستفادة من نصر أكتوبر أكثر من ذلك.

وقال الشوبكي، إنه لا يمكن تخوين السادات بسبب زيارته للقدس، كما يدعي البعض مشيرا إلى أنه كان في الجامعة وقت اتخاذ القرار وكان من المعترضين عليه إلا أنه بعد 35 عاما أدرك الأمر من زاوية مختلفة فيما يتعلق بقواعد التفاوض من أجل استعادة الأرض.

وختم الشوبكي حديثه بأن السادات كان ضحية مناوراته السياسية، مشيرا إلى أنه أعطى قبلة الحياة للإسلاميين وسرعان ما انقلب السحر على الساحر، بحسب وصفه.

اغتيال الرئيس الراحل السادات


الشروق

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى